ليكس- تاليونيس .. ملاحظات علي مبدأ العين بالعين والسن بالسن التوراتي:

"لا تشفق عينك. نفس بنفس. عين بعين. سن بسن. يد بيد. رجل برجل" (تث 19 : 21).

هذا المبدأ القصاصي يمسي باللاتينية "ليكس- تاليونيس" Lex Talionis أي "قانون المجازاة بالمثل". وهذا التعبير اللاتيني ظهر في القرن السادس عشر. إلا أن المبدأ توراتي الأصل.

1 – الليكس- تاليونيس (قانون المجازاة بالمثل) لا يُنفذ إلا بواسطة السلطة القضائية في المجتمع الإسرائيلي، وليس بواسطة الفرد المتضرر. لهذا يرد في الأصحاح (تث 19) ألفاظ قانونية مثل "خصومة" و"قضاة" و"شهود" و"فحص – قضائي" و"حُكم" و"شيوخ المدينة" (موظفي الضبطية القضائية).


2– الليكس- تاليونيس وُضِع لكي لا تتطرف السلطة القضائية في تنفيذ العقوبة.

3– الحُكم والقصاص يكونان أمام الرب وفي حضور الكهنة كمراقبين لنزاهة القضاة ولنزاهة تطبيق الحكم: "يقف الرجلان اللذان بينهما الخصومة أمام الرب، أمام الكهنة والقضاة الذين يكونون في تلك الأيام" (تث 19 : 17).

4- هذا الليكس- تاليونيس يكون بغرض الردع وليس بغرض الإنتقام، وليس كارت بلانش (رخصة) للغل أو الإنتقام الفردي: "فافعلوا به كما نوي أن يفعل بأخيه. فتنزعون الشر من وسطكم. ويسمع الباقون فيخافون، ولا يعودون يفعلون مثل ذلك الأمر الخبيث في وسطك" (تث 19 : 20). 

5- القصاص (اللكيس- تاليونيس) يكون فقط في الحالات التي تحدث مع سبق الإصرار والترصد، لهذا وُجِدَتْ مدن الملجأ حتي يلجأ إليها من قتل عن طريق الخطأ "وهذا هو حكم القاتل الذي يهرب إلي هناك فيحيا: من ضرب صاحبه بغير علم وهو غير مبغض له منذ أمس وما قبله .. حتي لا يُسفك دم برئ في وسط أرضك التي يعطيك الرب إلهك نصيبا، فيكون عليك دم" (تث 19 : 4).

6- في بعض الحالات هذا القصاص التوراتي لم يمنع التعويض المدني (المالي)، علي العكس فقد أقره: "ولكن إن كان ثورا نطاحا من قبل، وقد أشهد علي صاحبه ولم يضبطه، فقتل رجلا أو إمرأة، فالثور يرجم وصاحبه أيضا يقتل. إن وضعت عليه فدية، يدفع فداء نفسه كل ما يوضع عليه" (خر 21 : 30). وذكر يوسيفوس (بحسب المكتبة اليهودية الإلكترونية) أن الضحية كان له الحق في قبول التعويض المالي أو الإصرار علي تنفيذ الليكس- تاليونيس، وكان الرومان يفعلون نفس الشئ أيضا فيخيرون المتضرر بين التعويض المالي أو الجنائي. وقد استبدل أغلبية التلموديون الليكس- تاليونيس بالتعويض المالي لأنهم رأوا أن هذا المبدأ صعب التطبيق في الواقع في بعض الحالات، مثل أن تكون عين الجاني أصغر أو أكبر أو أقوي أو أضعف من عين المجني عليه. أو أن يفقع ضريرا عين بصير، أو أن يسبب الأعرج إصابة لأحد في قدمه، فكيف يمكن تنفيذ الليكس- تاليونيس هنا؟ الحل إذا في التعويض المالي. وهذا الأمر يؤكد لنا أن الهدف هنا هو الردع وليس إشباع الرغبة البشرية في الإنتقام. 

7- كما أن الليكس- تاليونيس لا يعني أن الغفران ليس إختيارا أمام الفرد. فالقانون لم ينص علي ذلك. لكن لو طلب المتضرر القصاص المجتمعي القضائي ممن سبب له الأذي لا يكون مخطئا بطلبه ذلك.
لهذا جاء توبيخ الرب يسوع المسيح ليهود عصره: بسبب أنهم أرادوا الإنتقام بأيديهم دون اللجوء للسلطة المجمتعية القضائية والخضوع لمحاكمة عادلة، تحت رقابة كهنوتية، يحسمها القضاء، وينفذها موظفي الضبطية القضائية (شيوخ المدينة).


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس