القس الليبرالي سامي عياد يشوه مفهوم النعمة




القس سامي عياد الليبرالي، يدعي أن النعمة ليست بركة أو عطية أو شىء بل هي شخص، وأن هذا الشخص أعطانا ذاته أو صورته عند الخلق. وهو يقوم هنا بتشويه مفهوم النعمة من خلال اختزاله في أحد جوانبه واستبعاد جوانب أخرى مركزية فيه. وذلك من خلال الخلط بين الله وعمله في الادعاء بأن النعمة شخص وليست بركة أو عمل أو شئ يعطى، بل وأيضًا من خلال حصر النعمة في اعطاء الله صورته للإنسان غافلاً بذلك الإنجيل من مفهوم النعمة.

صحيح أن المسيح هو العاطي والعطية في ذات الوقت، إلا أن هذا لا يعني أن النعمة شخص فقط. وصحيح أن الله أنعم على الإنسان بصورته عند الخلق، إلا أن النعمة بلغت ذروتها في الإنجيل.

المسيح بالفعل هو الإحسان والجود والكرم والعطية التي لا يعبر عنها. إلا أن هذا في حد ذاته لا ينفي أنه يعطي نعمة الخلاص. صحيح أن هناك ارتباط وثيق بين الله وعمله، ولكن هذا ليس مدعاة لعدم التمييز (غير المُخِلّ) بين الله وعمله أو بين المسيح وخلاصه. الارتباط وثيق بين المسيح ونعمته بقدر كون المسيح هو العطية والعاطي معًا، وبقدر كونه المُخَلِّص وفي نفس الوقت يعطي الخلاص. لكن خلط الأوراق من قبل القس سامي عياد يشوه هذه المفاهيم ويخلط بصورة مخلة بين الله وعمله بحيث أنه يستبعد أن تكون النعمة عملاً كفاريًا يحتاجه الإنسان الساقط.

ما من شك أن اعطاء الرب صورته للإنسان عند خلقه عمل نعمة. ولكن أن تحصر النعمة بهذا لهو اختزال مُخلّ لها. إن نعمة الله نراها في أكثر من مجال؛ في خلقه، في أعمال عنايته، وفي فداءه. لقد أعطى الله نعمته للإنسان عندما خلقه على صورته ومثاله متوجًا إياه رأسًا للخليقة الأولى. ولم يزل، رغم سقوطه وعداوته لله، يمنحه نعمته العامة في أعمال عنايته (يشرق شمسه ويمطر ماءه على الجميع). ولكن أعظم الكل نرى هذه النعمة في عمل الصليب، عندما أخذ صورة عبد ومات موت اللعنة وقام من بين الأموات لأجل الإنسان. ولكن القس سامي عياد يحصر النعمة في الخلق مستعبدًا بذلك الإنجيل من الصورة. في حين أن الإنجيل هو ذروة نعمة الله. إن الله أعطى صورته في الخلق، ولكنه لم يعطي (يبذل) ذاته إلا في الصليب. إن كنا نرى أقدام نعمة الله في الخليقة، وأعمال العناية، فإننا حتمًا نرى النعمة وجهًا لوجه في الإنجيل.

والنعمة هي توجه الله من نحول خلائقه، بحيث أنه يجود، طبقًا لطبيعته الصالحة المحبة، بعطايا لا يستحقها الإنسان الساقط. إن كان العدل هو أن يأخذ الإنسان ما يستحقه، وإن كانت الرحمة هي ألا يأخذ الإنسان ما يستحقه، فالنعمة هي أن يأخذ الإنسان ما لا يستحقه.

ولكن القس سامي عياد يقول أن النعمة شخص حتى لا يكون هناك متسع لعمل ما (الصليب). وأنها في الخلق فقط حتى ينأى بالنعمة عن عمل الصليب. فوق هذا وذاك يرى أن الإنسان لم يسقط أو يفسد. وبهذا فهو ينكر الخطية الأصلية، مضيفًا بذلك محاولة رخيصة أخرى إلى جوار محاولاته تلك لإنكاره النعمة.

وهكذا فإن الإنجيل لا مكان له في مفهوم النعمة الذي يدعيه القس سامي عياد.

كتبت الكثير عن الخطية الأصلية، وسأضع بعض الروابط في التعليقات. لكن هنا سأكتفي فقط ببعض النصوص الكتابية التي تؤكد على الارتباط الشديد للغاية بين النعمة والخلاص:

"أَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ! ... حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ، هكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ، لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا" (رو ٥ : ١٧، ٢١)

"وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ ... لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله. ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد" (أف ٢ : ٥ ، ٨ ، ٩)

"الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ" (٢ تي ١ : ٩)

"وَلكِنَّ الَّذِي وُضِعَ قَلِيلًا عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلًا بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ" (عب ٢ : ٩)

"الْخَلاَصَ الَّذِي فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي لأَجْلِكُمْ" (١ بط ١ : ١٠)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس