المسيح لم يتجسد لكي يخلصنا: ادعاء بواسطة ماهر صموئيل

في فيديو حديث (أسفل المقال) يقول ماهر صموئيل أن المسيح لم يأتي ليخلصنا، بل ليعلن الله:

"الله ظهر في الجسد مش بس عشان يحل مشكلة. كتير من المسيحيين فاهمين إن الله جاء وتجسد لكي ما يخلصنا. نو No الله جاء لكي ما يتكشف لنا ونعرفه" (ماهر صموئيل)

فيحاول يوسف يعقوب استدراك هذا الخطأ بأن المسيح لم يأتي ليخلصنا فقط بل في الأساس ليعلن الله:

"يخلصنا بس الأسبق أن يعرّف نفسه لنا" (يوسف يعقوب)

فيصادق ماهر صموئيل على ذلك مترددًا بعض الشئ. ثم يضيف قائلاً أن الإعلان جزء من الخلاص:

"بالظبط. وتعريفه (الإعلان عن الله) جزء من خلاصنا" (ماهر صموئيل)

ورغم محاولة استدراك الخطأ، يظل من الواضح أن ماهر صموئيل يعطي المركزية للتجسد ويهمش الكفارة. إذ يرى أن الله تجسد للإعلان أكثر منه للكفارة.

طبعا جَعْل غرض التجسد هو الإعلان عن الله في الأساس يعني أن الله كان سيتجسد سواء سقط الإنسان أو لم يسقط. والغرض من ذلك هو إعلاء الجانب العلاقاتي الاختباري في الخلاص على حساب الجانب القضائي فيه. بل وإقصاء الأخير من المشهد وتهميشه بما أن الغرض من التجسد هو السكنى مع الإنسان والعلاقة معه وليس الكفارة. وتصبح مشكلة الخطية تحصيل حاصل. تم حسمها فوق البيعة. أي بما أن الله كان سيتجسد في كل الأحوال، فالتكفير عن الخطية هنا ليس هو المحرك الرئيسي للتجسد.

بالإضافة لذلك، يعلمنا العهد الجديد أن إعلان المسيح عن الله جاء من خلال عمله الكفاري ذاته، والذي بدونه يصبح الإعلان عن الله مختلاً ومنقوصًا. إذ يقول بولس "أما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس ... بر الله بالإيمان بيسوع المسيح ... متبررين مجانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح. الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه، لإظهار بره، من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله. لإظهار بره في الزمان الحاضر. ليكون بارًا ويبرر من هو بالإيمان بيسوع" (رو ٣ : ٢١ – ٢٥). لقد استعمل بولس في النص السابق ثلاث كلمات يونانية مختلفة (مكررًا إحداها مرتين) لكي يؤكد على كون الصليب إعلانًا عن بر الله "ظهر ... قدمه ... لإظهار ... لإظهار".

كيف أعلنت الكفارة عن الله؟ أعلنت قداسته إذ دان الخطية في جسد المسيح. أعلنت عن عدله فالله لا يبرر بدون استيفاء أجرة الخطية التي هي موت المسيح. أظهرت أيضًا محبته إذ مات البار من أجل الأثمة والفجار. أخيرًا وليس آخرًا، أظهرت الكفارة قدرة الله في استيفاء عدل الله وفي نفس الوقت إشباع محبته.

ملاحظة أخيرة حتى لا يساء فهم ما ذكرته أعلاه؛ صحيح أن التجسد في حد ذاته إعلانًا عن الله، لكن هذا الإعلان تم بالارتباط بالكفارة. بحيث لو لم يكن هناك ضرورة للأخيرة لكان إعلان التجسد منقوصًا بصفة جوهرية. فكلاهما نسيجًا واحدًا في قصد الله الفدائي.

أما عن النصوص الكتابية التي تقول أن المسيح جاء من أجل الخلاص بصفة جوهرية فهي كثيرة:

فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ». (متى ١: ٢١) (الغرض من ولادته ومجيئه هو أن يخلص شعبه من خطاياه)

فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ». (متى ٩: ١٣) (دعوتهم بالإنجيل وعلى أساس الكفارة وإلا فلا إمكانية للرجوع الرب)

كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ». (متى ٢٠: ٢٨)

لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ». (لوقا ١٩: ١٠)

اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ (يوحنا ١٢: ٢٧)

وَإِنْ سَمِعَ أَحَدٌ كَلاَمِي وَلَمْ يُؤْمِنْ فَأَنَا لاَ أَدِينُهُ، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لأُخَلِّصَ الْعَالَمَ. (يوحنا ١٢: ٤٧)

فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَفَأَنْتَ إِذًا مَلِكٌ؟» أَجَابَ يَسُوعُ:«أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي». (يوحنا ١٨: ٣٧) (قيلت في سياق محاكمة المسيح، فقد جاء ليملك من خلال الآلام والأمجاد)

إِلَيْكُمْ أَوَّلاً، إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ، أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ». (أعمال الرسل ٣: ٢٦)

صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول: أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا. (١ تيموثاوس ١: ١٥)

فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، (العبرانيين ٢: ١٤)

ثُمَّ قُلْتُ: هنَذَا أَجِيءُ. فِي دَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي، لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ». إِذْ يَقُولُ آنِفًا:«إِنَّكَ ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا وَمُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُرِدْ وَلاَ سُرِرْتَ بِهَا». الَّتِي تُقَدَّمُ حَسَبَ النَّامُوسِ. ثُمَّ قَالَ:«هنَذَا أَجِيءُ لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ». يَنْزِعُ الأَوَّلَ لِكَيْ يُثَبِّتَ الثَّانِيَ. فَبِهذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً. (العبرانيين ١٠: ٧-١٠)

وَتَعْلَمُونَ أَنَّ ذَاكَ أُظْهِرَ لِكَيْ يَرْفَعَ خَطَايَانَا، وَلَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ. مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ. (١ يوحنا ٣: ٥، ٨)

بِهذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ. فِي هذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا. (١ يوحنا ٤: ٩، ١٠)



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس