آدم أول إنسان في التاريخ

لا يزال البعض يقولون أن آدم لم يكن أول إنسان، وأنه كان هناك بشر قبله، مع أن الكتاب المقدس أوضح ما يكونه في هذا الأمر:

1- "ودعا آدم اسم امرأته حواء لأنها "أم كل حي" (تك 3 : 20). واضح من المعنى أن آدم لم يرى بشر قبله، أو معاصرين له ولكن ظهروا قبله، وإلا لما قال أن حواء "أم كل حي". مع ملاحظة أن "كل" لا تفيد المجموع فقط، بل الأفراد each ، أي كل إنسان حي يأتي إلى الوجود.

2- "أصُوِّرْتَ قبل الناس، أم أبدئت قبل التلال" (أي 15 : 7). كلمة "الناس" في الأصل العبري "آدم". وقد تعنى طبعا "البشر"، ومع ذلك فلن يكون المعنى قد تغير. كما أن هذا التوازي الشعري بين "قبل الناس" و"قبل التلال" يدل على أنه لم يوجد فاصل زمني بين الحدثين (خمسة أيام فقط وليس ملايين السنين). في الترجمة السبعينية تُرْجِمَ تعبير "قبل الناس" إلى "بروتوس أنثروبون". وهو نفس تعبير "الإنسان الأول" الذي استعمله بولس مرتين في (1 كو 15 : 45 ، 47). بل إن هناك تشابه كثير في اليونانية بين قول أليفاز بحسب السبعينية "أصورت قبل الناس"، وبين قول بولس "صار آدم، الإنسان الأول، نفسا حية" (1 كو 15 : 45). يقول قاموس Kittle معلقا على الترجمة السبعينية لهذه الآية: "الإشارة [هنا] ليس إلى الإنسان الأَوَّلِي الذي كان في مشورة الله (15 : 8)، بل إلى آدم (ذِكْر الخليقة في النصف الثاني من العدد)". وقد وردت هذه الآية في ترجمة الشريف كالآتي: "أنت لست أول إنسان خلق، ولا أُبْدِعْتَ قبل التلال".

3- "الإنسان الأول [بروتوس]" مرتين في (1 كو 15 : 45 ، 47). ولكن، هل آدم بالنسبة لبولس هو الإنسان الأول في مجرد تسلسل رقمي أو مقارنة نوعية، كما يدعي البعض؟ يقول بولس في نفس القرينة أن هناك "آدم الأول" و"آدم الأخير" [إسخاطوس]. صحيح أن "إسخاطوس" تُسْتَخدم بالإشارة إلى المكان أو النوعية، إلا أن الإستخدام الأكثر شيوعا لها يكون بالإشارة إلى الزمان. ولا يوجد في القرينة ما يمنعنا من إعتبار بولس يستخدم مصطلح "الإنسان الأول" [بروتوس] بمعنى تاريخي. وعليه، فإن كان يسوع هو آدم الأخير تاريخيا (إسخاطولوجيا)، فآدم هو الأول تاريخيا أيضا، وذلك طبقا للقياس الذي يستعمله بولس.

4- "لأن آدم جُبِلَ أولا [بروتوس] ثم حواء" (1 تي 2 : 13). كلمة "جُبِلَ" هي نفس الكلمة اليونانية (بلاسو) التي اِسْتُخْدِمَتْ في السبعينية في ترجمة قول موسى: "وجبل الرب الإله آدم ترابا من الأرض" (تك 2 : 7). وتعنى التشكيل بالطين كما يصنع الفخاري. كما أن بولس هنا يستعمل نفس الصفة [بروتوس] التي استعملها مرتين في (1 كو 15 : 45 ، 47)، مما يؤكد على أن المعنى الذي كان في ذهن بولس هو كون آدم أول إنسان في التاريخ. وهذه الحقيقة، وحقائق أخرى ذكرها بولس تؤكد فهمه الحرفي لأحداث الخلق. مثل خداع الحية لحواء (2 كو 11 : 3)، والذي قال أن يشرق نور من ظلمة (2 كو 4 : 6).

5- "وتنبأ عن هؤلاء ايضا أخنوخ السابع من آدم" (يه 1 : 14). إن كان أخنوخ هو السابع في سلسلة تبدأ من آدم، فآدم هو الأول. ويهوذا لا يقصد مجرد التسلسل الرقمي، ولكن التسلسل التاريخي أيضا.

6 - وأخيرا، مسك الختام، قول ربنا يسوع المسيح: "من البدء خلقهما" (مت 19 : 4 ، مر 10 : 6). وتعبير "منذ بدء الخليقة" يرد في الأصل اليوناني apo de archēs ktiseōs ، وقد اِسْتُخْدِمَ نفس هذا التعبير في موضعين آخرين من العهد الجديد ليعني "بدء الخليقة" التاريخي. مثل قول المسيح "لأنه يكون في تلك الأيام ضيق لم يكن مثله منذ ابتداء الخليقة التي خلقها الله إلى الآن ولن يكون" (مر 13 : 19)، وأيضا "وقائلين أين هو موعد مجيئه؟ لأنه من حين رقد الآباء كل شيء باق هكذا من بدء الخليقة" (2 بط 3 : 4). كل هذا يدل على أنه لا يوجد فارق زمني (سوى بضعة أيام) بين "بدء الخليقة" وخلق آدم وحواء. مما يؤكد أيضا أن الرب يسوع المسيح فهم أحداث الخلق على أنها تأريخ حقيقي وليست رواية رمزية أسطورية.

مما سبق نستنتج أن آدم شخصية تاريخية، وأنه أول إنسان في التاريخ، ولم يوجد قبله بشر، أو حتى أنصاف بشر. فليكن الله صادق وكل شبه علم كاذب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس