جنة عدن أول هيكل للرب

(تلخيص بتصرف عن بعض المصادر)


لم تكن جنة عدن مجرد بستان مليء بالخيرات والنعم، خُلِقَ آدم ليلهو فيه مع الحيوانات أو ليتمشي بين كرومه وامرأته إلى جواره يرتشفان من شهد ثمارها المتساقط يمينا ويسارا. بل هيكلا، مَقْدِسًا، يتمتع فيه بشركة وصحبة الرب الإله. بل إن كل من الجنة وآدم خُلِقَا من أجل الرب. طبعا هذا لا يمنع أن الله خلق الخيرات التي فيها لأجل آدم. ولكن يظل الغرض الأساسي هو أن كل شئ خلق لمجد الله. إن الله خلق جنة عدن لتكون هيكلا له، استراحة مَلكِيَّة. وقد عَيَّنَ بها كاهنه ونائبه الملكي، آدم، لكي يقوم بمهامه الكهنوتية والمَلَكِيَّة تجاه الله والخليقة. وإن تمعنا في بعض تفاصيل أحداث الخلق لوجدنا فيها ما يشير إلى كون جنة عدن هيكلا مَلَكِيَّا وإلى كون آدم كاهنا وملكا:

شجرة الحياة في منتصف الجنة تقابلها المنارة في قدس الهيكل. المنارة لها ساق يخرج من أحد جانبيه ثلاث شعب (أفرع) ومن الجانب الآخر ثلاث شعب أخرى. ولكل شعبة من الشعب الست ثلاث كاسات على شكل زهرة اللوز بعقدها وأوراقها (خر ٢٥). المنارة ليست مجرد شمعدانا، لكنها أشبه بالشجرة. بعد السقوط أقام الرب كروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة الطريق إلى شجرة الحياة. كلمة "أقام" في العبرية هي "شكن" وهي نفس الكلمة التي اِسْتُخْدِمَت للحديث عن خيمة الاجتماع (المسكن). ولكن كما كان اجتياز ذلك الحاجز الناري الملائكي يعني موت من يحاول ذلك، فإن أحد لا يستطيع أن يصل إلى المنارة إلا في وجود الدم والكفارة المناسبة، وبعد أن يكون قد اجتاز المذبح واللهيب الذي عليه. وفي سفر الرؤيا (ص ٢٢ : ١٤) تظهر شجرة الحياة مرة أخرى بدون كروبيم أو لهيب، بل ومقترنة بتطويب لمن يحفظ الوصية لكي يكون له سلطان على الشجرة.

الجنة والهيكل مكانا الالتقاء بين الله والإنسان. كان الرب يتقابل مع آدم وحواء في جنة عدن يوميا عند هبوب ريح النهار. وآخر مرة تكلم معهما الرب في جنة عدن كانت بعد سقوطهما مباشرة ثم طُرِدَا منها بغير رجعة. نفس صيغة الفعل "ماشيا" (متجولا بحسب بعض الترجمات الإنجليزية) اِسْتُخْدِمَت أيضا لوصف حضور الله في الخيمة (لا 26 : 12 ، تث 23 : 14 ، 2 صم 7 : 6 ، 7 ، حز 28 : 14). كان الهيكل أيضا مكان التقاء الله بشعبه، مسكنه وموطن راحته وسط خاصته. فكان اليهود يوجهون صلاتهم نحو الهيكل متوقعين سماعها وغفران الرب لهم (1 مل 8 : 30 ، 33 ، 44 ، 48 ، 2 أخ 6). كانت الجنة مسكنا للرب مع آدم ومكان اجتماعه به. 

نهر ينبع من الجنة والهيكل. في سفر التكوين نقرأ عن النهر الذي يخرج من عدن ليسقي الجنة ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس. والنهر الذي يخرج من عدن هو نموذج سابق للنهر الذي يخرج من هيكل الرب في رؤى يوئيل وحزقيال ودانيال ويوحنا. يقول يوئيل من بيت الرب يخرج ينبوع (3 : 18). وحزقيال في رؤياه يصف الهيكل المستقبلي الذي يخرج منه نهر ينبع من العتبة ويجري عبر الدار الخارجية ويصل إلى أورشليم حتى يصب في البحر الميت. ومياه النهر المقدسة تشفي البحر الميت، فتزيد من الأسماك والمحاصيل (حز 47 : 1 - 12). يوحنا يصف في رؤياه أيضا نهرا لامعا خارجا من عرش الله، مع أن المدينة السماوية لا هيكل فيها، ذلك لأن الرب الله والخروف هيكلها (رؤ 21 ، 22). في رؤيا دانيال أيضا نقرأ عن نهر نار يخرج ويجرى من قدام العرش الذي جلس عليه قديم الأيام (دا 7 : 9 - 10).

الجنة والهيكل كانا ناحية الشرق. غُرِسَتْ الجنة ناحية الشرق (تك 2 : 8)، والنهر الوحيد الذي يُذْكَر اتجاهه هو حداقل لأنه يجري شرقي أشور (تك 2 : 14). بعد طرد آدم وحواء أقام الرب كروبيم ولهيب سيف متقلب "شرقي" الجنة لحراسة الطريق إليها (تك 3 : 24). هيكل حزقيال الأخروي سيكون مواجها للشرق أيضا (40 : 6).

الجنة والهيكل تأسسا على جبل. تأسست الجنة على جبل الله المقدس. النهر الذي ينقسم ويصير أربعة رؤوس إلى أربعة اتجاهات الأرض يدل على أنه كان يجري من أعلى إلى أسفل (فوق مرتفع جبلي). يقارن الرب ملك صور بآدم في جنة عدن ويذكر أن الجنة كانت على "جبل الله المقدس". ويرد في (حز 28 : 11 - 15) إلماحات إلى جنة عدن: الكروب، الكمال إلى اليوم الذي وُجِدَ فيه إثم، إفساد الحكمة، الطرد، الخزي اللاحق، الدينونة والهلاك. الهيكل اليهودي جاء على غرار الهيكل الكوني، فالناظر إلى الجبل والهيكل يرفع نظره للسماء. الهيكل اليهودى نفسه تأسس على جبل المريا (٢ أخ ٣ : ١). كانت الجنة مرتفعة على جبل الله المقدس، ونفس الشيء بالنسبة للهيكل، لأنها مكان التقاء السماوي بالأرضي.

الجنة والهيكل مكانا الاستراحة الإلهية وحيث توجد راحة الله توجد راحة الإنسان. يأتي ذكر راحة الله بالارتباط مع تأسيس الخليقة (الجنة) والهيكل. بعد أن خلق الله السموات والأرض في ستة أيام، استراح في اليوم السابع. هيكل سليمان أيضا بُنِيَ في أسبوع من السنين: "أكمل البيت في جميع أموره وأحكامه. فبناه في سبع سنين" (1 مل 6 : 38). وقد بُنِيَ هيكل الرب ليس فقط لسكناه بل لراحته أيضا. فداود حلف ألا يذوق الراحة، ألا يدخل خيمته أو يصعد على فراشه أو يعطي نوما لأجفانه حتى يجد مقاما للرب، مسكنا لعزيز يعقوب: "قم يا رب إلى راحتك، أنت وتابوت عزك .. لأن الرب قد اختار صهيون. اشتهاها مسكنا له: هذه هي راحتي إلى الأبد. ههنا أسكن لأني اشتهيتها" (مز 132 ، 1 أخ 6 : 41). ضف إلى ذلك أن تعليمات بناء الخيمة تصل إلى ذروتها بالحديث عن يوم السبت كعلامة العهد بين الرب وشعبه. وهذا يعني أن جنة عدن كانت مكان لراحة الرب. كانت مقدسا ملكيا له يستريح فيه بصحبة آدم وحواء نائبيه الملكيين. إن راحة الله مع الإنسان الذي خلقه وأحبه، وراحة الإنسان لا يمكن أن تكون بمعزل عن راحة السيد الرب.

الكروبيم. كان آدم هو الكاهن المسؤول عن "حفظ " الجنة بمنع دخول الأشياء النجسة إليها، شأنه في ذلك شأن الكاهن في الهيكل (نح 12 : 45 ، 2 أخ 23 : 19). ولكنه أخفق في منع دخول الحية النجسة (الشيطان). لهذا فَقَدْ أخطأ آدم وفَقَدَ دوره الكهنوتي وأُسْنِدَتْ مهمة حفظ الجنة إلى الكروبيم. في جنة عدن وضع الرب كروبين لحراسة الطريق إلى شجرة الحياة بعد طرد الإنسان. وفي خيمة الاجتماع طُرِّزَ كروبين على الحجاب (خر 26 : 31). وفي هيكل سليمان على الحوائط والأبواب والعوارض (1 مل 6 : 29 - 45 ، 7 : 29 ، 36). بالإضافة إلى ذلك وُضِعَ كروبين كبيرين على جانبي عرش الله في قدس الأقداس (1 مل 6 : 23 - 28 ، خر 25 : 18 - 22 ، 1 صم 4 : 4 ، 2 ، 2 صم 6 : 2). حزقيال أيضا يذكر الكروبيم في وصف هيكل أورشليم المستقبلي (41 : 18 - 25). الكروبيم سواء في جنة عدن أو في الخيمة أو الهيكل لهما نفس الوظيفة: حراسة الطريق المؤدي إلى محضر الله تجاه الخطاة الدخلاء.

سُكْنَىَ الله تتطلب إما القداسة المطلقة أو الكفارة. بعد أن سقطا آدم وحواء، صنع الرب لهما أقمصة من جلد وألبسهما. فمن أين جاء الرب بتلك الأقمصة الجلديه؟ لابد أن الرب صنع ذبيحة وأخذ جلدها وكسا آدم وحواء به. ثم ألبسهما الرب بنفسه تلك الأقمصة. لا شك أن الأقمصة كانت لأكثر من مجرد ستر عريهما؛ للتكفير عن خطيتهما في إشارة مسبقة لحمل الله الذي يرفع خطية العالم. في الهيكل أيضا كانت الذبائح تُقَدَّم بكثرة للتكفير عن الخطية، وللشكر، ولأغراض أخرى. وسواء في جنة عدن أو في الهيكل، فلابد من وجود الذبيحة للتكفير عن الخطية لكي تصبح العلاقة مع الله ممكنة.

لغة الحديث عن الجنة تتشابه مع لغة الحديث عن خدمة الهيكل. 1 - "وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في الجنة ليعملها [عَباَد] ويحفظها [شَمَار]" (تك 2 : 15). نفس الفعلان العبريان "يعملها ويحفظها" استخدما في قرينة الحديث عن خدمة اللاويين في خيمة الاجتماع: "فيحرسون [شَمَار] كل أمتعة خيمة الاجتماع، وحراسة بنى إسرائيل ويخدمون [عَبَاد] خدمة المسكن" (عدد 3 : 8 ، 8 : 26 ، 18 : 5 - 6). هاتان الكلمتان عندما يردان جنبا إلى جنب فهما بلا استثناء تشيران إما إلى الإسرائيليين يخدمون ويحفظون كلمة الله (تقريبا 10 مرات)، أو تشيران أكثر إلى الكهنة الذين يخدمون الله في الهيكل ويحفظونه من أي أشياء نجسة يمكن أن تدخل إليه (عدد 3 : 7 - 8 ، 8 : 25 - 26 ، 18 : 5 - 6 ، 1 أخ 23 : 32 ، حز 44 : 14). وعليه فآدم هو أول لاوي، كما قال جوردون وينهام، وحفظه لجنة عدن وعملها هو أول نظام ذبائحي، كما يقول شرح رابيني. ولا يخفي على القارئ العربي الارتباط اللغوي لكلمة "عَبَاد" في العبرية والعربية والذي يدل على أن جذور الكلمة تشير أيضا إلى العبادة، وذلك بحسب أحد القواميس العبرية. 2- كلمة "ماشيا" (حلخ) ترد بنفس صيغتها Hithpael (اسم الفاعل المذكر المفرد) في قرينة الحديث عن الخيمة: "لأني لم أسكن في بيت منذ يوم أصعدت بني إسرائيل من مصر إلى هذا اليوم، بل كنت أسير في خيمة وفي مسكن" (2 صم 7 : 6). أيضا قوله "لأن الرب إلهك سائر في وسط محلتك" (تث 23 : 14). وأخير: "وأسير بينكم وأكون لكم إلها وأنتم تكونون لي شعبا" (لا 26 : 10). أنظر أيضا (2 كو 6 : 16 ، رؤ 2 : 1). 3 - أشار أحد الباحثين أن تعبير "أمام الرب" lipne yahew يشير إلى ظرف خاص بالهيكل. وقد وردت في الحديث عن اختباء آدم وحوء من وجه الرب (من أمام الرب - تك 3 : 8). انظر أيضا (خر 25 : 30 ، 27 : 21 ، 28 : 12 ، 29 ، 30).

الملابس جزء هام في كل جنة عدن والهيكل. ففي جنة عدن بعد السقوط شعرا آدم وحواء بالخزي والعار فخاطا لأنفسهما مآزر من أوراق التين ليسترا بها عريهما. ولكن الله صنع لهما أقمصة من جلد وألبسهما. إن الرب يولي موضوع لبس هارون وبنيه أهمية خاصة حتى أنه يعطي تفاصيل دقيقة يفرد لها أصحاحي 28 و 29 من سفر الخروج. والبعض يرى أن الوصف المدون في حزقيال 28 ليس عن الشيطان بل عن آدم. وأن نفس الحجارة الكريمة التي توصف في افود رئيس الكهنة في سفر الخروج (28) هي نفسها الخاصة بآدم في وصف حزقيال (28 : 13). بل إن حجر الجزع يذكر في كل من الجنة (تك 2 : 12)، ووصف ثياب رئيس الكهنة (خر 28 : 9).

الجنة والهيكل مرتبطين بالوفرة والرخاء والخصوبة. فجنة عدن التي غرسها الرب نفسه (تك 2 : 8) أنبت بها كل الرب شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل (2 : 9). ويبدو أن جميع شجر الجنة كان مثمرا حتى أن الرب سمح لآدم بأن يأكل من جميع شجرة الجنة فيما عدة شجرة معرفة الخير والشر (2 : 16 - 17). وأعطى للمخلوقات الأخرى كل نبات أخضر (1 : 29 - 30). وكان بها نهر يغذيها. وقد أشار إليها أنبياء الرب لاحقا كرمز للبركة والغنى (تك 13 : 10 ، إش 15 : 3 ، حز 36 : 35 ، يو 2 : 3). لا شك أن حضور الرب وملكه على الجنة سَبَّبَ حالة الرخاء والوفرة تلك. أرض الموعد بدورها هي أرض تفيض لبنا وعسلا (خر 3 : 8). "أرض جيدة جدا جدا" (عد 14 : 7). أرض أنهار من عيون وغمار تنبع في البقاع والجبال، أرض حنطة وشعير وكرم وتين ورمان، أرض زيتون زيت وعسل (تث 8 : 7 ، 8). أرض الرب إلهك يعتني بها من أول السنة إلى آخرها (تث 11 : 12). لقد وُجِدَ هيكل إسرائيل في وسط هذه الأرض الخصبة الغنية محاطا بخيراتها من كل الجهات. وعندما تمرد إسرائيل على الرب طردهم من جنته كالأمم الكنعانية قبلهم فسلم للسبي عزه وجلاله ليد العدو.

كان في الهيكل نقوش أعطته طابع الجنة. فقد كان هناك "الأرز .. المنقوش على شكل قثاء وبراعم زهور" (1 مل 6 : 18). وعلى الحيطان نقش نخيل وبراعم زهور وكروبيم (1 مل : 29 ، 32 ، 35). وتحت قاعدتي تاجي العمودين رمانات (7 : 18 - 20). وكل هذه إشارات متعمدة لكي تبعث على التأمل في عدن.

وصايا الله التي تعطي حكمة في جنته وهيكله. في داخل تابوت قدس الأقداس وُجِدَ لوحي الشريعة. الشريعة تعطي حكمة لمن يتغذي عليها. والأكل من شجرة معرفة الخير والشر التي كانت في وسط الجنة أعطي حكمة. لمس كل من التابوت وشجرة معرفة الخير والشر أنتج موتا.

التقسيم الثلاثي لكل من الهيكل الكوني والهيكل اليهودي. كما كان الهيكل عبارة عن ثلاثة أقسام: قدس الأقداس، والقدس، والدار الخارجية. جنة عدن أيضا تعكس ذلك: عدن، والجنة الملحقة بها، والعالم الخارجي. لهذا يلمح حزقيال إلى احتواء جنة عدن على مقادس (28 : 18).

ما معنى أن تكون جنة عدن أول هيكل للرب؟

الهيكل من المواضيع الكتابية التي تمتد عبر التاريخ الفدائي. والجنة، كما رأينا، لم تكن مجرد حديقة، لكن أول هيكل للرب الملك. ثم نجد الرب يسكن في هيكل قدسه وسط إسرائيل. بل، وكامتداد لهذه الفكرة، فإن كل من أورشليم وإسرائيل هما أيضا مقدسان للرب. لهذا عندما أخطئ إسرائيل طرد خارج جنته (مدينة أورشليم، أرض إسرائيل) حيث كان الرب حاضرا. إلى أن أتى من هو أعظم من الهيكل، عمانوئيل، الذي يحل فيه كل ملء اللاهوت جسديا. يسوع هو الهيكل الذي كان ولا يزال الله حاضرا فيه بملء لا يضاهيه ملء آخر، ليس فقط من حيث الدرجة، بل من حيث النوع أيضا. والكنيسة بدورها هيكلا للرب يسكن فيها روحه الأقدس. ويسوع (الرأس) وكنيسته (الجسد) هما هيكلا واحدا أيضا لله (من منظور آخر). والمؤمن بالتبعية هيكلا منفردا به روح المسيح. وأخيرا فإن كل من حزقيال ويوحنا يخبرانا عن هيكلا عتيدا. الهيكل موضوعا رئيسيا في كلمة الله والتاريخ الفدائي. وهو يشير إلى سكنى الله وحضوره وموضع راحته مع البشر الذين اشتراهم وأحبهم. 

ولأن الجنة كانت أول هيكل في التاريخ الفدائي، فقد كان آدم أول كاهن للرب. ولأن آدم كان مدعو للتسلط على الخليقة وإخضاعها أيضا، فقد كان أول ملك أو أول نائب ملكي للرب الملك. وارتباط مفهومي الكهنوت والملك نجده ليس فقط في إسرائيل كمملكة كهنة، بل أيضا في الكنيسة، وفي كل مؤمن، إذ جعلنا جميعا ملوكا وكهنة لله أبيه. له المجد والسلطان إلى الأبد آمين.

أخيرا، فإن هذا الارتباط الواضح بين جنة عدن كهيكل للرب واستراحة مَلَكِيَّة له، وآدم باعتباره كاهن وملك من ناحية، وبين التاريخ الفدائي بأكمله من ناحية أخرى، يؤكد لنا أن أحداث الخلق والسقوط لم تكن قصة مستعارة من أساطير شرق أدنى. وإنما أحداث تاريخية تشكل حجر الأساس لكل أحداث التاريخ الفدائي المترتب عليها. إن نوح كان بمثابة آدم جديد أراد أن يصنع به الله بداية جديدة، ولكنه سكر وتعرى فاشلا في مهمته. الآباء وإسرائيل هم بمثابة آدم جديد، لكننا جميعا نعلم كيف طُرِدَ (سُبِيَ) إسرائيل من جنته التي أعطاه الرب إياها (أرض الموعد). إلى أن جاء ملء الكل، الذي يجمع ويتمم وينجح كل شئ في شخصه المبارك، آدم الأخير، يسوع. فكان لابد ليسوع، آدم الحقيقي والأخير، أن ينزل إلى هوة الموت التي انحدر إليها آدم الأول، والخليقة معه لكونه نائبها ورأسها، ليصعدنا من هناك بعملها كنائبنا ورأسنا. 




- Donald W. Parry, Temples of The Ancient World, Ritual and Symbolism, 1994 Desert Book Company, p126-147
- G. K. Beale, A New Testament Biblical Theology, The Unfolding of The Old Testament in The New Testament, 2011 Baker Academic, p614-622







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس