دالاس ويلارد يزدري بتعليم النعمة ويهمش الجانب القضائي من الخلاص

من يقرأ لدالاس ويلارد، أو يشاهد لقاءاته مع جون أورتبيرج، سيجد أن ويلارد يزدري بتعليم النعمة وبمركزية البعد القضائي في الخلاص (غفران الخطايا، التبرير، الحياة الأبدية، النجاة من دينونة الله). وله عبارات شهيرة تطعن في مركزية الجانب القضائي للخلاص لحساب الجانب السلوكي أو العملي يردد بعضها كل من ماهر صموئيل وأوسم وصفي.

يدعي ويلارد أن تقديم الخلاص على أنه غفران للخطايا أو حياة أبدية أو الذهاب للسماء هو:

تركيز على الخطية كذنب (في الماضي) على حساب الخطية كفعل (الآن).
تركيز على التبرير على حساب التجديد.
تركيز على الصليب على حساب القيامة.
تركيز على الذهاب للسماء على حساب التلمذة والملكوت الآن.
تركيز على أحد نظريات الكفارة.

إن تقديم الخلاص على أنه غفران للخطايا أو حياة أبدية ليس خطأً من طرف الإنجيليين، فالجانب القضائي من الخلاص هو البعد المركزي فيه. وعلى فرض أن هذا خطأ إنجيلي معاصر، فإنك تتوقع أن يقوم ويلارد بأي نوع من التوازن أو ضبط الأمور حيال هذا الخطأ. إلا أنه يقوم بالتركيز على الخلاص من الخطايا الحاضرة وفي نفس الوقت يهمش بل ويطعن في مركزية غفران الخطايا والنجاة من دينونة الله. فهو يدعي أن الخلاص أكثر من مجرد خلاص من الذنوب، ثم ينسب إلى التجديد الدور المركزي في الخلاص مهمشًا بذلك الغفران والتبرير. وفي سبيل ذلك يطعن في مركزية الصليب معطيًا بذلك المركزية للقيامة (يدعي ويلارد أنه لو كان الصليب مركزيًا أو كافيًا لذهب المرء إلى السماء حتى ولو ظل المسيح في القبر ولم يقم).

إن ويلارد لا يسعى لضبط الأمور أو وضعها في نصابها الصحيح، وإلا لكان احتفظ بجميع جوانب الحق وأعطى كل تعليم ثقله. بل يحاول تبرير أخطاء لاهوتية معينة بحجة أن هناك تعاليم غير سليمة.

والأمر لا يتوقف عند هذا الحد لدى ويلارد. إذ أن تهميش الجانب القضائي لحساب التغيير، ليس فقط طعن في مركزية غفران الخطايا من ناحية، بل هو أيضًا خلط للنعمة بالناموس من ناحية أخرى. لأنه لو لم يحتل غفران الخطايا والتبرير والحياة الأبدية بعدًا مركزيًا يصبح إذًا الخلاص بالأعمال. وهذا ما قاله ويلارد ولكن بصورة أقل صراحة.

فهو لا يرى أن هناك تمييز أو حد فاصل بين الكرازة والتلمذة. وأنك إذا اهتممت بالتلمذة ستهتم الكرازة بنفسها. إلا أن ويلارد يغفل هنا أن هذا هو نفس التعليم الذي ثار ضده المصلحون؛ خلط التبرير بالتقديس بواسطة كنيسة القرون الوسطى. أن تجعل الكرازة، ومن ثم الإنجيل، تشتمل على عنصر به طاعة أو عمل هو أن تخلط النعمة بالناموس. إن ويلارد هنا يعلّم تعاليمًا مضادة للإصلاح البروتستاننتي ويقوم بإرجاع ساعة التاريخ الكنسي إلى الخلف.

ادعى ويلارد أيضًا أن الشخص الذي ستكونه أنت في الأبدية تقوم بصناعته الآن. الأكثر من ذلك، يرى ويلارد أن تقديم الإنجيل على أنه غفران للخطايا فقط، من خلال التركيز على الصليب، ينتج أناس غير مؤهلين للوجود في محضر الله لأنهم لم يتتلمذوا. التلمذة، من خلال التركيز على القيامة، تؤهلك لأن ترغب في الوجود في محضر الله.

فضلاً عن ذلك، يستخدم ويلارد مفاهيم أخرى يمرر من خلفها الخلاص بالأعمال مثل، تركيزه على العمل من أجل ملكوت الله الآن. قال ويلارد هذه العبارة الخطيرة في أحد لقاءاته مع أورتبيرج: "لا يتعلق الإنجيل بكيفية الدخول إلى ملكوت السماوات بعد موتك، بل يتعلق أكثر بكيفية العيش في ملكوت السماوات قبل أن تموت". ولا يوجد أوضح من كون هذا إنجيل أعمال وليس إنجيل النعمة.

من بين عبارات ويلارد الأخرى والتي تطعن في الجانب القضائي ومركزية الخلاص بالنعمة والتي يرددها بعض وعاظ الشرق:

أوسم وصفي يردد له العبارتين الآتيتين:

"مؤمنو الباركود على رأي دالاس ويلارد Barcode Believers ، وفي قول آخر لنفس اللاهوتي: مؤمنون مصاصو دماء يريدون يسوع من أجل دمه Vampire Believers who want Jesus only for His Blood " ... وما يقصده كل من ويلارد ووصفي بذلك هو أن تقديم غفران الخطايا أو الحياة الأبدية أو النجاة من دينونة الله في الكرازة بواسطة الإنجيليين (المحافظين) ينتج مسيحيون يريدون يسوع من أجله دمه فقط وليس مسيحيون حقيقيون يرغبون في التغيير.

"نؤمن بالنعمة، ونؤمن أيضاً بالجهاد (النعمة تنفي الاستحقاق وليس الجهاد. د. ويلارد)" ... طبعًا هذه مغالطة، فهو ينفي الجهاد لكن في حقيقة الأمر يقصد الاستحقاق طبقًا لما نوضحه في هذه السطور.

ماهر صموئيل يردد له هذه العبارة:

"إحنا كإنجيليين خلصنا بالنعمة واتشلينا بالنعمة" ... أي أن التركيز على النعمة بواسطة الإنجيليين أدى إلى مسيحيين سلبيين.

لكن، كما سبق وأشرت، أن البعد المركزي من الخلاص يظل هو غفران الخطايا، والتبرير، والحياة الأبدية، والنجاة من الهلاك في الجحيم. نحن من منظور ما نركز على الجانب القضائي لأنه مركزي. ومن منظور آخر لا نغفل الحديث عن التقديس. بالمناسبة، ماهر صموئيل دائم الطعن في الجانب القضائي للخلاص. وهو له عبارة شهيرة مثل أن المسيح جاء لا لكي يهبنا الغفران، أو لكي ينجينا من الجحيم، بل لكي يعيد إلينا إنسانيتا.

كما أن العمل الكفاري للمسيح يشمل ولادته تحت الناموس، وصلبه، وقيامته، وصعوده، وجلوسه عن يمين الله، وأخيرًا مجيئه ثانيًا لفداء الأجساد. ولكن يظل الصليب هو المركز والنقطة المحورية له. إن ويلارد إذًا يهمش جوانب أخرى من العمل الكفاري للمسيح لحساب القيامة.

ملكوت الله مفهوم كبير وشامل، إلا أن غفران الخطايا هو السبيل للدخول إليه وليس التلمذة كما يدعي ويلارد. التلمذة هي لمن أُعْطُوا امتياز الدخول بالفعل. إن ويلارد هنا يستغل علاقة معقدة بين الصليب والملكوت ليهمش بها الأول لحساب الأخير. لكن لا ملكوت بدون الصليب (الكفارة). قد سبق وتناولت هذا في مقال آخر بعنوان "إنجيل النعمة وإنجيل الملكوت ومحاولة تهميش الأول بإعلاء الثاني".

يدعي ويلارد أن التركيز على التبرير (والنعمة) ينتج أناس مغفورة لهم خطاياهم لكن غير متغيرون ولا يرغبون في الله. إلا أن هذا تشويه للتعليم المصلح. فالمصلحين علموا دائمًا بأننا نخلص بالإيمان وحده، إلا أن الإيمان لا يبقى وحده، بل يأتي بالثمار. فمن تبرروا لابد وأن يتقدسوا. طبعًا ويلارد لا يحب استعمال مصطلح "تقديس" ويفضل بدلاً منه "تلمذة". والنعمة لا تَشِلّ، بل تعمل عملًا متكاملاً ومتوازنًا. النعمة تبرر وتجدد وتقدس وتمجد. من اختارهم الآب بالنعمة، هم من فداهم الابن بالكفارة، وهم من قدسهم الروح بسكناه فيهم.

فليقل لنا دالاس ويلارد وأوسم وصفي من هم الذين يريدون يسوع لأجله دمه. فمن يريد تبرير يسوع لابد وأن يريد تقديسه أيضًا. ومن يرفض تقديس يسوع يرفض تبريره أيضًا. من انفتحت عينه على خطاياه يريد تبرير وتجديد يسوع كلاهما. الكتاب المقدس لا يقدم أي إمكانية أو مثال على من أرادوا غفران الخطايا بدون التغيير. فلا يمكن لأحد أن يدرك حاجته للتغيير دون أن يدرك بصورة أساسية حاجته للتبرير والغفران.

من المثير للدهشة، إن ويلارد بعد أن يزدري بالنعمة، ويتهكم على الذين يعلمون بمركزية دم يسوع وصليبه، ويهمش الجانب القضائي من الخلاص، ويخلط النعمة بالناموس، يدعي أنه كالفيني. تخيل مدى الاستغفال والاستخفاف بالعقول!



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس