فريق كريدولوجوس يستمر في نشر التعاليم الكاذبة حول الكفارة

 يدعي كل من يوسف يعقوب وأندرو أشرف سمير، في فيديو حديث، أن فداء المسيح ليس ثمنًا مدفوع لأحد: "المسيح دفع تمن .. مش لحد .. دي مجرد صورة". ثم يتبعان ذلك بالقول أن الكفارة هي استرداد الإنسان من الشر.

طبعًا هذا الكلام لا يوصف بأقل من أنه خطأ وتضليل وإقلال من القيمة العظمى لكفارة المسيح. فالحق أن فداء المسيح، في الأساس، هو ثمن مدفوع إلى الله نيابة عنا. إلا أنهما ينكران ذلك في محاولة لاختزال الخلاص في مجرد كفارة علاجية أو استصلاح للأوضاع. وهذا ذات تعليم ماهر صموئيل الذي قاله سابقًا بأن الكتاب المقدس لا يقدم تعاليم عن الكفارة بل صور فقط (والذي نقله ماهر صموئيل بدوره عن القسيسة الليبرالية فليمنج روتلدج).

إن أول مشكلة في هذا الكلام هو أنه مؤسس على افتراض مسبق بأن الخطية غير موجهة إلى الله ومن ثم لا تحتاج إلى دفع ثمن له.‏ هما لا يقولان ذلك صراحة، لكن هذا المفهوم مفترض مسبقًا في صميم تعليمهما. إلا ‏أن الخطية في الأساس موجهة إلى الله كما يعلمنا الكتاب في مواضع مختلفة: "كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله" (تك ٣٩ : ٩٩)، "إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت" (مز ٥١ : ٤). (أنظر أيضًا لا ٦ : ٢ ، عد ٣٢ : ٢٣ ، ٢ صم ١٢ : ١٣ ، إر ٥٠ : ٧) إن كانت ‏الخطية أساسًا موجهة إلى الله، فالثمن لابد أن يُدفع له. ‏

ثانيًا، نقرأ في نصوص كتابية عديدة أن المسيح احتمل عنا غضب الله. وهذا يرد بصيغ مختلفة في العهدين. مثل أنه تُرك من الآب ‏‏(مت ٢٧ : ٤٦، مر ١٥ : ٣٤)، وأنه تناول كأس الغضب منه (يو ١٨ : ١١، مر ١٤ : ١٦)، وتحمل اللعنة منه (غل ٣ : ١٣ ، ٢ كو ٥ : ‏‏٢١) وتحمل الضرب منه أيضًا (زك ١٣ : ٧ ، مت ٢٦ : ٣١، مر ١٤ : ٢٧ ، إش ٥٣). راجع مقال آخر بعنوان: "ما تحمله الابن ‏المتجسد على الصليب من يد الآب".‏ كون المسيح احتمل ذلك من يد الآب يعني أن الثمن دُفع له. إن الثمن هو استرضاء غضب الله نيابة عن الخطاة الفجار.

ثالثًا، أُُعْطِيَت ذبائح العهد القديم لأن الله قدوس ولا يمكن الاقتراب منه دون التكفير عن الخطية والاحتماء بدماء تلك الذبائح. وكانت تلك الذبائح تُقَدم إلى الرب (لا ٥ : ٥ – ٦ ، ١٩ : ٢١ – ٢٢). يشير العهد الجديد إلى ‏المسيح كالفصح المقدم إلى الله، وكحمل الله، وكالخروف المذبوح (يو ١ : ٢٩ ، ١ كو ٥ : ٧، رؤ ٥ : ٦ ، ١٢). كما أن الفصح قُدم إلى الله للافتداء من ضربة الملاك المهلك المرسل من الله "فأرى الدم وأعبر ‏عنكم" خر ١٢ : ١٣ ، ٢٧). الملاك المهلك لم يكن سوى الرب نفسه "فإني أجتاز في أرض مصر في هذه الليلة وأضرب كل بكر في أرض مصر من الناس والبهائم" (خر ١٢ : ١٢). إننا نرى في الفصح الله كالديان والمخلص في نفس الوقت. لقد خَلَّصَ بني إسرائيل من غضبه بواسطة ‏نعمته. ‏في فداء المسيح نخلص من غضب الله بالكفارة التي قدمها بابنه.

رابعًا، يخبرنا العهد الجديد بأن بُعد جوهري للفداء هو غفران الخطايا: "الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا" (أف ١: ٧ ، كو ١: ١٤). إن كان الفداء هو أن تُغفر خطايانا، وإن كان الله هو غافر الخطايا، فلمن إذًا قُدِّم الثمن؟ ‏أليس لهذا علَّمنا المسيح بأن نصلي "واغفر لنا ذنوبنا" والتي هي في الأصل اليوناني "ديوننا"؟

خامسًا، يوجد هنا خلط بين التبرير والغفران من ناحية، وبين التجديد من ناحية أخرى. يدعيان بأن كفارة المسيح ليست ثمن مدفوع لأحد، ثم يتبعان ذلك بالقول أن الكفارة هي استرداد للإنسان من الشر. وفي هذا خلط بين تأثير الكفارة على الله وتأثيرها على الإنسان. إنهما ينفيان تأثير الكفارة على الله ويحصران كل تأثيرها على الإنسان فقط. الكفارة موجهة إلى جميع الاتجاهات؛ إلى أعلى لغفران الخطايا، وإلى أسفل لتحرير الإنسان من عبودية الخطية. إلا أنه من خلال الأول يحدث الثاني. أي بدفع ثمن خطايا الإنسان إلى الخالق والديان يتم استرداده من الشر الذي يستعبده.

سادسًا وأخيرًا، إذا كان دفع الثمن هو مجرد صورة، تصبح الكفارة بدورها صورة أيضًا أو عبرة. ‏ ما الفرق بين هذا القول واعتقاد اللاهوتيين ‏الليبراليين، مثل ادعاء هيوجو جروتيوس، بأن الكفارة عبرة لردع الشر؟ أو طبقًا لادعاء بيتر أبيلارد بأنها صورة عن محبة الله للتأثير على القلوب؟ طالما أن التأثير ‏الجوهري للكفارة ليس على الله، أي لاسترضاء غضبه، يصبح إذًا الغرض الجوهري منها هو أنها درس أو مثل أو عبرة أو صورة ‏فقط. ‏لقد حوَّل كل من يوسف يعقوب وأندرو أشرف سمير صليب المسيح إلى مجرد عبرة أو عظة!

ما أسهل رفض أي شئ بإعتباره مجرد صورة! يمكنك أن تفرغ أي شئ من معناه بمنتهى السهولة بمجرد الادعاء أن هذا الأمر مجرد ‏صورة. ‏لكن الحجج لا تكون بالادعاء، بل بالتوضيح والبرهان. إنهم لا يكفون عن تقديم الضلالات التعليمية الواحدة تلو الأخرى. المهم هو تقديم صورة عن الله يستسيغها الإنسان الجسدي وليس صورة الله (القاضي القدوس) كما هو معلن في كلمته سواء استحسن الإنسان هذه الصورة أم لا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس