ما معنى أن الخطية موجهة ضد الله في الأساس؟

للخطية تأثيرات متعددة. فهي تغضب الله (تأثير على الله)، وتدمر الإنسان (تأثير على الإنسان)، وتفسد العلاقات بين البشر (تأثير على الخليقة). إلا أن التأثير الجوهري لها هو تأثيرها إلى أعلى، أي نحو الله. فالخطية في الأساس موجهة ضد الله وإن كانت فعل شرير تجاه الآخرين أو الذات أو الخليقة غير العاقلة. إنها تعدي على ناموسه وتحدي لسلطانه وإهانة لقداسته! هذا التعدي (التأثير على الله)، يؤدي بدوره إلى تدمير الإنسان (التأثير على الإنسان). إن كل حق متعلق بالخطية والفداء يجد أساسه في كون الخطية موجهة ضد الله.

وكون الخطية موجهة ضد الله في الأساس أمر له تطبيقات لاهوتية عدة:

١ – أن عقاب الخطية (الموت) موجه من الله إلى الإنسان. أي أنه لا يحدث بصورة تلقائية أو أوتوماتيكية. بل هو قضاء مباشر من الرب. إنه شئ لا يعقل أن تكون الخطية موجهة ضد الله بينما لا يكون لله دخل في عقاب الإنسان.

٢ – أن كفارة المسيح موجهة إلى الله كثمن مدفوع نيابة عنا. استرضاء لغضبه المقدس واستيفاء لعدله وإكرام لقداسته وسلطانه. إن كانت الخطية موجهة ضد الله، وهي حقًا كذلك، فلابد لكفارة المسيح تأثير على الله (استرضاءه).

٣ – إن لم تكن الخطية في الأساس موجهة ضد الله فلا يوجد شئ إسمه مخافة الرب. وإن كانت التقوى، موجهة إلى الرب، فإن الخطية بدورها موجهة إليه. إما أن الخطية والبر كلاهما موجهان نحو الله أو أنهما غير موجهان إليه.

لهذا الحق أهمية بالغة. إذ يحفظ مركزية الله في التعليم المسيحي المتعلق بالخطية والفداء. ويغلق الباب أمام ادعاءات غير كتابية مثل أن فداء المسيح هو ثمن غير مدفوع لأحد بل مجرد صورة.

****

وهذا التعليم بأن الخطية موجهة ضد الله نجده في العديد من النصوص الكتابية في العهدين:

سَافِكُ دَمِ الإِنْسَانِ بِالإِنْسَانِ يُسْفَكُ دَمُهُ. لأَنَّ اللهَ عَلَى صُورَتِهِ عَمِلَ الإِنْسَانَ. (تك ٩: ٦)
(القتل خطية موجهة ضد الله في الأساس، وإن كانت ضد الإنسان أيضًا، لأنه قتل للإنسان المخلوق على صورة الله)

فَقَالَ لَهُ اللهُ فِي الْحُلْمِ: «أَنَا أَيْضًا عَلِمْتُ أَنَّكَ بِسَلاَمَةِ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هذَا. وَأَنَا أَيْضًا أَمْسَكْتُكَ عَنْ أَنْ تُخْطِئَ إِلَيَّ against me ، لِذلِكَ لَمْ أَدَعْكَ تَمَسُّهَا. (تك ٢٠: ٦)

لَيْسَ هُوَ فِي هذَا الْبَيْتِ أَعْظَمَ مِنِّي. وَلَمْ يُمْسِكْ عَنِّي شَيْئًا غَيْرَكِ، لأَنَّكِ امْرَأَتُهُ. فَكَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟ against God (تك ٣٩: ٩)
(مع أن يوسف لو ارتكب هذه الفعلة لكان قد أخطئ إلى أطراف كثيرة: ضد نفسه، ضد فوطيفار، وضد زوجته، إلا أنها تظل ضد الله في الأساس)

إِنَّهُ ذَبِيحَةُ إِثْمٍ. قَدْ أَثِمَ إِثْمًا إِلَى الرَّبِّ (أمام الرب). (لا ٥: ١٩)

وَلكِنْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا هكَذَا، فَإِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ إِلَى الرَّبِّ against the Lord ، وَتَعْلَمُونَ خَطِيَّتَكُمُ الَّتِي تُصِيبُكُمْ. (عدد ٣٢: ٢٣)

إِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ وَخَانَ خِيَانَةً بِالرَّبِّ against the Lord، وَجَحَدَ صَاحِبَهُ وَدِيعَةً أَوْ أَمَانَةً أَوْ مَسْلُوبًا، أَوِ اغْتَصَبَ مِنْ صَاحِبِهِ، أَوْ وَجَدَ لُقَطَةً وَجَحَدَهَا، وَحَلَفَ كَاذِبًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ الإِنْسَانُ مُخْطِئًا بِهِ، فَإِذَا أَخْطَأَ وَأَذْنَبَ، يَرُدُّ الْمَسْلُوبَ الَّذِي سَلَبَهُ، أَوِ الْمُغْتَصَبَ الَّذِي اغْتَصَبَهُ، أَوِ الْوَدِيعَةَ الَّتِي أُودِعَتْ عِنْدَهُ، أَوِ اللُّقَطَةَ الَّتِي وَجَدَهَا، أَوْ كُلَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَاذِبًا. يُعَوِّضُهُ بِرَأْسِهِ، وَيَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ. إِلَى الَّذِي هُوَ لَهُ يَدْفَعُهُ يَوْمَ ذَبِيحَةِ إِثْمِهِ. وَيَأْتِي إِلَى الرَّبِّ to the Lord بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ: كَبْشًا صَحِيحًا مِنَ الْغَنَمِ بِتَقْوِيمِكَ، ذَبِيحَةَ إِثْمٍ إِلَى الْكَاهِنِ. فَيُكَفِّرُ عَنْهُ الْكَاهِنُ أَمَامَ الرَّبِّ before the Lord ، فَيُصْفَحُ عَنْهُ فِي الشَّيْءِ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلَهُ مُذْنِبًا بِهِ. (لا ٦: ٢-٧)
(لاحظ الارتباط بين كون الخطية ضد الرب وبين الذبيحة الكفارية أمام الرب)

لِمَاذَا احْتَقَرْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ لِتَعْمَلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيْهِ؟ قَدْ قَتَلْتَ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ بِالسَّيْفِ، وَأَخَذْتَ امْرَأَتَهُ لَكَ امْرَأَةً، وَإِيَّاهُ قَتَلْتَ بِسَيْفِ بَنِي عَمُّونَ. وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ إِلَى الأَبَدِ، لأَنَّكَ احْتَقَرْتَنِي وَأَخَذْتَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ لِتَكُونَ لَكَ امْرَأَةً. فَقَالَ دَاوُدُ لِنَاثَانَ: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ» against the Lord فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «الرَّبُّ أَيْضًا قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لاَ تَمُوتُ». (٢صم ١٢: ٩، ١٠، ١٣)
(النص هنا يستعمل "تعمل الشر في عيني الرب" و"أخطأت إلى الرب" كمترادفان. لاحظ أيضًا ارتباط كل من العقاب والغفران بالرب بصورة مباشرة: "الرب نقل عنك خطيتك. لا تموت")

وَعَبَّرَ ابْنَهُ فِي النَّارِ، وَعَافَ وَتَفَاءَلَ وَاسْتَخْدَمَ جَانًّا وَتَوَابعَ، وَأَكْثَرَ عَمَلَ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ (أغضبه). (٢ مل ٢١: ٦)
(غضب الرب هو رد فعل منه تجاه الخاطئ لكون الخطية موجهة ضده)

وَعَبَّرُوا بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ فِي النَّارِ، وَعَرَفُوا عِرَافَةً وَتَفَاءَلُوا، وَبَاعُوا أَنْفُسَهُمْ لِعَمَلِ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ. فَغَضِبَ الرَّبُّ جِدًّا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَنَحَّاهُمْ مِنْ أَمَامِهِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ سِبْطُ يَهُوذَا وَحْدَهُ. وَيَهُوذَا أَيْضًا لَمْ يَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِهِمْ، بَلْ سَلَكُوا فِي فَرَائِضِ إِسْرَائِيلَ الَّتِي عَمِلُوهَا. فَرَذَلَ الرَّبُّ كُلَّ نَسْلِ إِسْرَائِيلَ، وَأَذَلَّهُمْ وَدَفَعَهُمْ لِيَدِ نَاهِبِينَ حَتَّى طَرَحَهُمْ مِنْ أَمَامِهِ، لأَنَّهُ شَقَّ إِسْرَائِيلَ عَنْ بَيْتِ دَاوُدَ، فَمَلَّكُوا يَرُبْعَامَ بْنَ نَبَاطَ، فَأَبْعَدَ يَرُبْعَامُ إِسْرَائِيلَ مِنْ وَرَاءِ الرَّبِّ وَجَعَلَهُمْ يُخْطِئُونَ خَطِيَّةً عَظِيمَةً. وَسَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي جَمِيعِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ الَّتِي عَمِلَ. لَمْ يَحِيدُوا عَنْهَا حَتَّى نَحَّى الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَمَامِهِ كَمَا تَكَلَّمَ عَنْ يَدِ جَمِيعِ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ، فَسُبِيَ إِسْرَائِيلُ مِنْ أَرْضِهِ إِلَى أَشُّورَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. (٢ مل ١٧: ١٧ – ٢٣)
(لاحظ الارتباط السابق: عمل الشر في عيني الرب .. فغضب الرب جدًا .. نحاهم من أمامه ، أي طردهم من محضره وأرسلهم إلى السبي)

إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ، لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي أَقْوَالِكَ، وَتَزْكُوَ فِي قَضَائِكَ. (مز ٥١: ٤)
(ما قيل عن يوسف يقال أيضًا عن داود: رغم أنه أخطأ في حق أوريا، وفي حق بثشبع، وأخطأ داود أيضًا في حق نفسه، وفي حق الشعب الذي يمثله أمام الله، لكن كل هذا لا يقارن بكونه أخطأ في حق الرب في الأساس "إليك وحدك أخطأت")

وَأَجَابَ شَكَنْيَا بْنُ يَحِيئِيلَ مِنْ بَنِي عِيلاَمَ وَقَالَ لِعَزْرَا: «إِنَّنَا قَدْ خُنَّا إِلهَنَا وَاتَّخَذْنَا نِسَاءً غَرِيبَةً مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ. وَلكِنِ الآنَ يُوجَدُ رَجَاءٌ لإِسْرَائِيلَ فِي هذَا. (عز ١٠: ٢)
(الخطية خيانة للعهد موجهة ضد الرب)

لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا طَارِدُكَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ. هذِهِ السَّنَةَ تَمُوتُ، لأَنَّكَ تَكَلَّمْتَ بِعِصْيَانٍ عَلَى الرَّبِّ». (إر ٢٨: ١٦)
(لأن الخطية موجهة ضد الرب فهي تغضبه وتؤدي إلى العقاب منه)

كُلُّ الَّذِينَ وَجَدُوهُمْ أَكَلُوهُمْ، وَقَالَ مُبْغِضُوهُمْ: لاَ نُذْنِبُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ أَخْطَأُوا إِلَى الرَّبِّ against the Lord ، مَسْكِنِ الْبِرِّ وَرَجَاءِ آبَائِهِمِ الرَّبِّ. (إر ٥٠: ٧)

فَقَالَ لَهُ الابْنُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ against heaven وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. (لو ١٥: ٢١)

(اللسان) بِهِ نُبَارِكُ اللهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ. (يع ٣: ٩)
(لعن الناس، مثل القتل، خطية موجهة إلى الرب لأنهم مخلوقون على صورة الله ومثاله)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس