إجابات علي كتاب "أسئلة في العهد القديم" (5)


إِجابة 5:

آمن أغسطينوس بِخُلُوّ الكتاب من الأخطاء ولم يؤمن بملايين السنين أو التطور



يقول د. أ. :

"في واقع الأمر فإن أوائل من واجهوا هذه الصعوبة القديس أغسطينوس الذي حاول أن يقدم تفسيرا لقصة الخلق في التكوين في أحد أعماله المسمى تفسير التكوين: كتابان ضد المانويين .. في هذا الكتاب حاول أغسطينوس أن يكشف المعنى الحرفي لكل عبارة من عبارات سفر التكوين لكنه وجد أن هذا شبه مستحيل فلجأ للتفسير الرمزي فيما بعد". (ص 17 - 18)

حقيقة كتابة أغسطينوس لتفسير غير حرفي لسفر التكوين

يستخدم د.أ. هنا أيضا المحاولات التي لم تكتمل للقديس أغسطينوس لكتابة تفسير حرفي لسفر التكوين كدليل على عدم إمكانية قراءة ذلك السفر حرفيا. فقد حاول القديس أغسطينوس كتابة ثلاثة تفاسير حرفية للإصحاحات الأولى من سفر التكوين، ولكنه هجر مسعاه هذا بحجة أنه انهار تحت وطأة هذا العمل لأن المهمة كانت أكبر منه. وقدم أيضا د.أ. اقتباسا آخر للقديس أغسطينوس يحث فيه المسيحيين على التوقف عن التفسير الحرفي لأي من أجزاء الكتاب المقدس يكون منافيا لأي نوع من أنواع المعرفة الثابتة، ومن ثم ينبغي علينا – بحسب قول أغسطينوس – منع ذلك الموقف المحرج الذي يجعل الآخرين يعتبرون المسيحيون محض جهلة مثيرين للسخرية. ولهذا انبرى د.أ. في تقديم دفاعه هنا لحفظ ماء وجه المسيحيين!

وعما يخص أغسطينوس، فمع كونه واحدا من أعظم آباء الكنيسة في القرون الأولى، بل ومن أعظم فلاسفة المسيحية قاطبة، إلا أنه أكثر من أثار جدلا من بين آباء الكنيسة في القرون الأولى*. فالكاثوليك ينسبوه لأنفسهم والبروتستانت يفعلون نفس الشيء. بل وكتاباته أيضا أثارت الكثير من الجدل، فقد استخدمها كل من المحافظين والليبراليين لتأييد مواقفهم تجاه قضية الخلق والتطور. فقد كتب أغسطينوس أربعة تفاسير للإصحاح الأول من سفر التكوين للرد على هجمات المانويين على الإصحاحات الأولى من سفر التكوين، وذلك باعترافه الشخصي في التنقيحات اللاحقة لتفسيره. وهذا يعني أن كتاباته لم تكن موجهة أساسا لقضية الخلق والتطور وملايين السنين. وأضعف الإيمان نقول للدكتور أوسم إن كان أغسطينوس قد علم برمزية سفر التكوين إلا أنه لم يصل أبدا لحد قوله أن الإصحاحات الأولى منه أسطورية أو مأخوذة من الأساطير البابلية كما ادعيت في الفصول اللاحقة من كتابك. بل على عكس ما قاله د.أ. عن عصمة العهد القديم، فقد ذكر جوش ماكدويل في كتابه "برهان يتطلب قرار" ما يؤيد إيمان أغسطينوس بعصمة الكتب المقدسة: "لقد رُبِّيت على أن أجزل كل احتراماتي وتقديري فقط للأسفار القانونية في الكتاب المقدس، بهذا فقط أؤمن أن كاتبيها كانوا أحراراً من أي أخطاء". [1]

وليس ذلك فقط، بل إن أغسطينوس اعتقد أن أي تناقض ظاهري في الكتاب المقدس مرجعه إما خطأ في النَّسْخْ أو في الترجمة أو عدم فهمنا للنص، ولا يمكن أن يكون بأي حال خطأ في النص الأصلي. وعلي حد تعبير أغسطينوس: "إذا شعرنا بالحيرة من تناقض ظاهري في الكتاب المقدس، فليس من المسموح أن نقول أن كاتب هذا السفر مُخْطِئ، لكن المخطوطة معيبة، أو أن الترجمة خاطئة، أو أنك لم تفهمها". [2] وتعليقا على نظرة أغسطينوس للمكتوب، يقول المفكر المسيحي والعَالِم في علم الاجتماع الديني رودني ستارك: "لقد اعترف أغسطينوس صراحة أنه من الممكن لقارئ لاحق [لزمن كتابة الأسفار المقدسة] أن يفهم، بمساعدة الله، المعنى الكتابي حتى ولو لم يكن الشخص الذي كتب الأسفار المقدسة يفهمها". [3] وهذا لا يؤكد سوى على أن أغسطينوس آمن بالوحي اللفظي حتى أن كتبة الوحي نفسهم لم يفهموا بعض مما كتبوه.

ونقلا عن الدكتور تيري مورتنسون (وهو عالما في تأريخ الجيولوجيا ولاهوتيا يؤمن بتاريخية الإصحاحات الإحدى عشر الأولى من سفر التكوين) [4] نستطيع أن نقول أن صراع أغسطينوس مع التفسير الحرفي كان أولا بسبب: أنه بعد أن كتب الثلاثة تفاسير الأولى وبعد اقترابه من نهاية حياته لم يكن يعرف العبرية، وكانت معرفته باليونانية متواضعة أيضا. وثانيا بسبب استخدامه لترجمة Vetus Latina وهي ترجمة لاتينية قديمة للكتاب المقدس، وقد اسْتُبْدِلَت، ليس بعد ذلك بكثير، بفولجاتا جيروم. والترجمة التي كان يستخدمها أغسطينوس (فيتس لاتينا) كانت مبنية على الترجمة اليونانية للعهد القديم المكتوب بالعبرية (السبعينية)، أي أنها كانت ترجمة لترجمة. وبما أن فيتس لاتينا كانت ترجمة لاتينية للترجمة اليونانية للعهد القديم العبري فلم يكن يُعوّل عليها. وقد ذكر الدكتور على زيغور في كتابه "أغسطينوس" أن هذا الأخير كان على دراية ببعض الأخطاء في تلك الترجمة اللاتينية، لهذا صارع أغسطينوس مع معنى أحد النصوص الغير مترجمة بدقة [5]، الأمر الذي جعله يهجر محاولاته في كتابة تفسيرا حرفيا لسفر التكوين. والدليل على ذلك هو أن الآية الواردة في (تك 2 : 4) والتي تقول "هذه مبادئ السموات والأرض حين خُلقت يوم عمل الرب الإله الأرض والسموات" جاءت في تلك الترجمة اللاتينية كما يلي: "عندما خلق اليوم". وهذه الترجمة الخاطئة تفسر لنا لماذا آمن أغسطينوس بأن الله خلق كل شيء في يوم واحد أو في لحظة واحدة. وهذا على العكس تماما من فكرة ملايين السنين والأيام الحقبية أو الرمزية التي ينادي بها البعض ومنهم د.أ. وورد أيضا في كتاب الدكتور على زيغور السابق الإشارة إليه في هذا الصدد أن القديس أغسطينوس علَّم بأن الخليقة "لا ينبغي أن تتضمن أي مفهوم للديمومة، أو لحقبة معينة من الزمن. فقد خلق الله كل شيء معا بشكل متزامن. أما القصة الواردة في سفر التكوين فيجب أن تُفْهَم هذه على أنها يوم واحد، أو بالأحرى برهة واحدة" [6]. وهذا يوضح لماذا نَادَى أغسطينوس بعدم حرفية الأيام الستة، وهو لكي يجعل الخليقة تامة في يوم واحد أو برهة واحدة، على عكس فكرة ملايين السنين والتطور ورمزية الأيام الستة تماما والتي يحاول د. أ. إقحامها على أحداث الخلق!

علاوة على ذلك، فإن "البعض يستشهد بأغسطينوس وأوريجانوس لتبرير تسريبهم لفكرة 'الأزمنة السحيقة' إلى  الكتاب المقدس. هذان الرجلان اللذان كانا من مدرسة الإسكندرية، كانا يميلان إلى تَرْمِيز [جَعْلَهَا رمزية] مقاطع مختلفة من الكتاب المقدس. إن ترميزهما لأيام الخلق لم ينشأ من داخل النص، ولكن من التأثيرات الخارجية، وبالتحديد تمسكهما بالفلسفة الأفلاطونية المحدثة (والتي بناء عليها فإن الله لن يلطخ نفسه بالقيود الزمنية، وما إلى ذلك). ولكن، خلافا لمواقف أولئك الذين يستخدمون أغسطينوس وأوريجاينوس لدعم استيعابهم لفكرة "الأزمنة السحيقة"، فإن كلاهما قال أن الله خلق كل شيء في لحظة، وليس على مدار فترات طويلة من الزمن. وقد دافعا كلاهما صراحة عن الإطار الزمني الكتابي لآلاف السنين، وكذلك الطوفان العالمي لنوح". [7]

الكثيرين من آباء الكنيسة أيضا عَلَّمُوا بتاريخية الأيام الستة

ولو فرضنا أن ما كتبه أغسطينوس لا يخدم ما يقوله الذين ينادون بتفسيرا حرفيا وتاريخيا لسفر التكوين، فلازلنا نستطيع أن نحتج بما عَلَّمَ به معظم آباء الكنيسة. فقد فسروا الإصحاح الأول من سفر التكوين باعتباره تاريخا مباشرا وبسيطا، وأن ستة أيام الخليقة كانت أيام عادية وليست أيام حقبية أو رمزية. فمثلا نادي افرايم السرياني [8] بالمعنى الحرفي لسفر التكوين في مقابلة ما أسماه بمحاولات تشويهه رمزيا. وباسيليوس الكبير قال أنه في قرينة الحديث عن "صباح" و"مساء" فإن اليوم المشار إليه في الإصحاح الأول من التكوين هو يوم حرفي مكون من أربعة وعشرون ساعة [9] والقديس أمبروسيوس أسقف ميلانو، الذي كان بمثابة الأب الروحي للقديس أغسطينوس، رأى أن كل يوم من أيام الخليقة كان دورة واحدة من النهار والليل من أربعة وعشرين ساعة [10]. وما يقال عنهم يقال أيضا عن إيرونايوس [11] وتوما الأكويني [12].

و"في سلسلة من العظات على أيام الخلق الستة (هيكساميرون)، يقول باسيليوس الكبير (329 – 379 م.)، أن المعنى البسيط كان مقصودا: كانت الأيام أياماً عادية، فأوامر الله على الفور ملأت الأرض بالشجيرات، وجعلت الأشجار تنطلق نامية لأعلى، والأنهار امتلأت فجأة بالأسماك، وأن الحيوانات لم تأكل في الأصل بعضها البعض، وأن الشمس خُلِقَتْ بعد الأرض. كما تحدث أيضا ضد الأفكار التطورية بأن الإنسان نشأ من الحيوانات. لاحظ أن داروين لم يخترع التطور. فإن مثل هذه الأفكار تعود إلى الفلاسفة المعادين للتوحيد قبل المسيح – مثل أناكسيماندر وإبيمينيديس ولوكريتيوس. لقد كانت فكرة وثنية معادية لله من جذورها الأولى". [13]

بالإضافة إلى تلك السحابة القديمة من الشهود، فإن المصلحون أيضا علموا بحرفية الأيام الستة، وعلى رأسهم كالفن بتفنيده لفكرة الخلق اللحظي التي نادي بها كل من أغسطينوس وأوريجانوس والتأكيد على أن الأيام الستة أياما طبيعية، ولوثر أيضا كتب عن تاريخية سفر التكوين ومعالجا للإدعاءات بأن هناك تناقضات بين كل من تكوين 1 ، 2. وعلى الرغم من أن لويس بيركهوف يرى أن هناك حاجة إلى تنقيح النظرة الحرفية لأيام الخليقة الستة في ضوء الاكتشافات الجيولوجية للأزمنة السحيقة (والتي يعتبرها عِلْمَاً!) إلا أنه يعترف صراحة أن التفسير الذي كان سائدا قبل الصعود المفاجئ لفكرة ملايين السنين هو النظرة الطبيعية للأيام الستة: " قبل القرن التاسع عشر كانت أيام سفر التكوين تعتبر بشكل عام أياما حرفية". [14]

وأخيرا، حتى إن لم يُوجَد أي شيء في كتابات الآباء يؤيد التفسير الحرفي والتاريخي لسفر التكوين – وهذا افتراض محض – فسلطتنا النهائية في تفسير كلمة الله هي كلمة الله نفسها. هذا طبعا مع فائق الاحترام والتقدير لما كتبه آباء الكنيسة الأولى. فنحن نسترشد بأقوالهم، ولكن يظل الكتاب المقدس هو صاحب السلطة المطلقة والكلمة العليا والقول الفصل في كل قضية. لكننا نتوقع أن نجد في كتابات الآباء والمصلحين ما يؤيد موقفنا، ذلك لأن النظرة التاريخية الحرفية ليست مستحدثة.

علماء كثيرون قديما وحديثا آمنوا بالقراءة الحرفية لأحداث الخليقة والسقوط والطوفان

وبالنسبة لنعت من يؤمنون بتفسيرا حرفيا تاريخيا لسفر التكوين بأنهم أصوليون وأنهم يتسببون في إحراج غيرهم من المسيحيين أمام العلمانيين فهو محض افتراء. فمن بين من ينادون بتفسيرا حرفيا وتاريخيا لسفر التكوين الكثيرون من علماء عصر النهضة العظام الذين أرسوا أساسات العلم الحديث أمثال كيبلر وباسكال وبويل وفاراداي وباستور ومندل ونيوتن. فقد قدم العَالِمْ الدكتور هنري م. موريس في كتابه "رجال العلم رجال الله" عشرات الأمثلة لعلماء من عَصْرَيّ النهضة والتنوير، ما قبل نيوتن وما بعده، وأنهم صدقوا أحداث الخلق بحسب سفر التكوين ورفضوا فرضية داروين. وبالمناسبة فالدكتور موريس كان أستاذا لقسم الهندسة المدنية بجامعة لويزيانا ثم أصبح رئيسا لقسم الهندسة المدنية بفريجينيا تك، ومن أشد المدافعين عن التفسير الحرفي لسفر التكوين، وهو واحدا من أهم العلماء والباحثين الكتابيين الذين انبروا في خدمة الدفاع عن تعليم تاريخية وحرفية أيام الخليقة والسقوط وطوفان نوح في السنوات الأخيرة، ويلقب بأبو حركة علم الخليقة الحديث [15].

وخد مثلا ما ذكره دكتور هنري موريس في كتابه عن علماء عصر النهضة. يوهانس كيبلر مؤسس علم الفيزياء الفضائية ومكتشف قوانين حركة الكواكب. قادته دراساته الفضائية إلى عمل دراسات تاريخية كتابية حيث توصل إلى أن العالم خُلق من حوالي ستة آلاف سنة مضت. وقد ذكر كيبلر في أحد كتبه "بما أننا نحن علماء الفضاء كهنة لله العَلِي بالنسبة إلى كتاب الطبيعة [الخليقة]، فإنه يليق بنا، لا أن نضع نصب أعيننا مجد عقولنا، بل قبل كل شيء آخر مجد الله". ويخبرنا الدكتور هنري موريس عن العالم لويس باستور وكيف أنه كان من ألمع الأسماء على الإطلاق في تاريخ العلوم والطب بصفة خاصة، وذلك بسبب تأسيسه لنظرية جرثومية المرض وهدمه للمفهوم التطوري الذي كان سائدا في وقته "التوالد التلقائي" Spontaneous Generation . إلا أن باستور تعرض أثناء حياته إلى مقاومة شديدة على يد المؤسسة البيولوجية بكاملها تقريبا بسبب رفضه لنظرية التولد التلقائي والتطور**. وعن جريجور مندل رائد علم الجينات، ذلك العلم الذي يُستخدم للهجوم على الكتاب المقدس وتعليم الخليقة في سفر التكوين، يذكر الدكتور موريس أن التجارب الدقيقة التي أجراها مندل على البسلة أثناء نسكه في الدير شكلت الأساس لفهم توارث الصفات. لذلك فهو يلقب بحق "أبو علم الجينات". وقبل أن يكون عالما كان راهبا مسيحيا ومؤمنا بتعليم الخليقة في الكتاب المقدس وكان على دراية تامة بنظرية داروين ولكنه رفضها. إن هؤلاء العلماء المسيحيين والكثيرين غيرهم ممن آمنوا بتاريخية سفر التكوين هم الذين أرسوا أساسات العلم التجريبي الحديث. الغريب في الموضوع، أن أمثال أولئك العلماء الذين لم يبتلعوا خرافة التطور يسببون للدكتور أوسم حرجا!

أما في أيامنا هذه فهناك العشرات من العلماء المسيحيين رفيعي المستوى العلمي وحملة الدكتوراه في مجالات علمية كثيرة يدافعون عن تعليم الخليقة ويؤمنون بتفسيرا حرفيا وتاريخيا لسفر التكوين. نذكر على سبيل المثال العالم جيمز يونج سيمبسون (في القرن التاسع عشر) الذي اكتشف التخدير بواسطة الكلوروفوم أثناء الولادة. وقد آمن سيمبسون أن الله هو أول دكتور تخدير [16] مستشهدا بذلك بما جاء في (تك 2 : 21). مثال آخر هو العالم الدكتور والمخترع رايموند داميديان الذي اخترع جهاز  التصوير بالرنين المغناطيسي. يقول صراحة بالصوت والصورة أنه يؤمن بأرض عمرها ستة آلاف سنة وبخليقة الستة أيام الحرفية، وكيف أن الفضل في اختراعه يرجع إلى نعمة الله والصلوات الحارة التي رفعتها من أجله حماته التقية [17]. وبالمناسبة، فإن الدكتور داميديان مخترع جهاز الرنين المغناطيسي لم يتم تكريمه إلى الآن بسبب إيمانه بتاريخية سفر التكوين. وأخيرا وليس آخرا عالم الجينات بجامعة كورنيل العريقة والمخترع الدكتور جون سانفورد الذي اخترع ما أسماه بمسدس الجينات يؤمن بحرفية أسبوع الخلق وبأرض عمرها ستة آلاف سنة [18].

وإن كان مثل هؤلاء العلماء الأفذاذ والعباقرة، الذين خدموا الإنسانية بأكملها، والذين يؤمنون بحرفية تعليم الخليقة في كلمة الله وينكرون صحة نظرية داروين، يسببون إحراجا للدكتور أوسم ومن يؤمنون بداروين أكثر من موسى، فهم يسببون لي ولكثيرين غيري فخرا وتشجيعا إيمانيا وقدوة عظيمة يُحْتَذَى بها. ولا شك أن مواقف هؤلاء العلماء بخصوص سفر التكوين هي أكبر داع لمنكري تاريخية أحداث الخلق والسقوط والطوفان في سفر التكوين بمراجعة مواقفهم وإعطاء الأمر المزيد من الدراسة والتمحيص.

وأخيرا، فلا يصح في مناقشة أكاديمية كهذه أن يحتج الدكتور أوسم بأن التمسك بتاريخية وحرفية الإصحاحات الإحدى عشر الأولى من سفر التكوين يسبب إحراجا للبعض، وذلك لأننا من الممكن أن نحتج في المقابل، بأن إدعاءك بوجود أخطاء في كلمة الله يسبب لنا إحراجا أمام معتنقي الديانات الأخرى، ولكننا لا نفعل ذلك، لأننا لا نُشَخْصِنُ المناقشة هكذا بالحديث عن مشاعر إحراج وخِزْيْ، بل نقوم بتفنيد ما تقدمه من حجج مزعومة. وفي الحقيقة فإن الكثير مما قدمته في كتابك "أسئلة في العهد القديم"، قدمته على أنه حقائق مُسَلَّم بها مفترضا صحتها، دون تقديم البراهين الصلبة على ذلك.

 ----------

*لعل السبب في ذلك يكمن في المحطات العقائدية الكثيرة التي توقف فيها القديس أغسطينوس، فقد كان له القليل من الإيمان في الكتاب المقدس ما لبث أن تركه وتحول إلى المانوية، وإذ لم تقنعه هذه الأخيرة وترضي عقليته الفذة استسلم لمذهب الشك الأكاديمي، ولكنه سرعان ما تحول إلى الأفلاطونية المحدثة وأخيرا المسيحية.
**كما يلاحظ القارئ هنا، وكما أشرنا فيما سبق، أن اضطهاد العلماء ومقاومتهم لم يكن مدعوم بالكتاب المقدس أو مارسته الكنيسة. وهنا نرى أيضا أن المؤسسة البيولوجية (العلماء) هي نفسها التي قاومت باستور في اختراقاته العلمية، وليست الكنيسة مدفوعة بإيمانها بالكتاب المقدس، كما حاول زورا علماء مثل أندرو ديكسون وايت ووليام درابر تشويه التاريخ واصطناع حرب بين الكنيسة والعلم.



[1] برهان جديد يتطلب قرار لجوش مكدويل
http://www.baytallah.com/McDowell/book/11.html
[2] A Select Library of the Nicene and Post-Nicene Fathers of the Christian Church, Philip Schaff, p180
[3] The Victory of Reason, How Christianity Lead to Freedom, Capitalism and Western Success, Rodney Stark, p22
[4] Augustine on the Days of Creation by Dr. Terry Mortenson and A. Peter Galling
https://answersingenesis.org/days-of-creation/augustine-on-the-days-of-creation/
[5] أغسطينوس للدكتور على زيغور
صفحة 250
[6] نفس المرجع السابق
صفحة 163
[7] The Creation Answers Book, by Dr Don Batten (contributing editor), Dr David Catchpoole, Dr Jonathan Sarfati and Dr Carl Wieland, Chapter 2, P33
[8] Ancient Christian Commentary on Scriptures  By Andrew Louth, page 9
[9] The New Answers Book Volume 4, Chapter 9, page 101
[10] Coming to Grips with Genesis: Biblical Authority and the Age of the Earth by Terry Mortenson Ph.D, page 35
[11] Understanding Genesis: How to Analyze, Interpret, and Defend Scripture by Jason Lisle
[12] The New American Commentary Genesis 1-11 by Kenneth A. Mathews, page 67
[13] The Creation Answers Book, by Dr Don Batten (contributing editor), Dr David Catchpoole, Dr Jonathan Sarfati and Dr Carl Wieland, Chapter 2, P32-33
[14] Systematic Theology, Berkhof, Creation of the Material World, p400
[15] Man of Science, Man of God: Henry M. Morris         
http://www.icr.org/article/science-man-god-henry-m-morris/
[16] Doctors who Followed Christ: Thirty-two Biographies of Eminent Physicians and Their  Christian Faith by Dan Graves, page 124
[17] Dr. Raymond Damadian—Inventor of the MRI Scanner (youtube video)
[18] Dr. John Sanford, PhD.
http://creation.com/john-sanford

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس