ماهر صموئيل يقول أنه يقرأ أغاني شاكوش ويسوع كان عارف أغاني السوق




فيديو منتشر لماهر صموئيل، ويهلل له الكثيرون، لأنه يقول فيه أن يسوع كان عارف الأغاني وأنه، أي ماهر صموئيل نفسه، يقرأ أغاني شاكوش!

يتحفنا الدكتور ماهر صموئيل بسؤاله وكأنه سيصدمنا بحقيقة غابت عنا: "يسوع يعرف أسعار العصافير؟". ثم يتابع قوله مجيبًا عن هذا السؤال: "يظهر كان بيروح السوق!". ولكن، مَن مِن البشر، مسيحيين أو غير مسيحيين، استنكر على يسوع ذهابه إلى السوق؟ ماذا تتوقع من معلم متجول كيسوع؟ أن يتجنب السوق؟ هل الذي كان يأكل مع الخطاة والعشارين ويدخل إلى بيوتهم سيتجنب الذهاب إلى السوق؟ وهل هناك شيء يقول أن رجال الدين تجنبوا الذهاب إلى السوق؟

ثم يواصل ماهر صموئيل اتحافنا بقول يتوقع أنه سيغشى علينا عندما نسمعه: "لأ، أقولك على حاجة، (يسوع) يعرف الأغاني اللي بتتغنى في السوق". يتوقع ماهر صموئيل اعتراض البعض على ذلك فيتبعه بقوله ساخرًا: "عيب يا ماهر ماتقولش الكلام ده يسوع مايعرفش أغاني".

لكن الأمر الآخر الذي كان ينبغي أن يكون بديهيًا لماهر صموئيل هو أن يسوع كلي العلم ويعلم كل شيء! ويظل على المستوى الإنساني، ما الغريب أن يكون يسوع عارفًا للأغاني؟ ألسنا جميعًا نركب المواصلات العامة ونذهب إلى المراكز التجارية ونسمع الأغاني تُفرض على مسامعنا؟ هل كان يعرف يسوع الأغاني لأنه يذهب إلى حفلات الغناء خصيصًا ليطلع عليها؟ أم لأنه يسمعها دون قصد بينما يباشر أمور حياته اليومية؟

الأكثر غرابة أن ماهر صموئيل يدلل على قوله بأن يسوع عارف أغاني من خلال المثل الذي قاله الرب يسوع "وبمن أشبه هذا الجيل؟ يشبه أولادًا جالسين في الأسواق، ينادون إلى أصحابهم ويقولون: زمرنا لكم فلم ترقصوا! نحنا لكم فلم تلطموا!". يقول ماهر صموئيل "دي أغنية كانوا بيغنوها في السوق".

الأمر الذي لم يلحظه ماهر صموئيل، أو ربما تعمد إغفاله، هو أن هذه أغنية أطفال. نعم أغنية أطفال! والدليل هو قول الرب يسوع المسيح نفسه "يشبه أولادًا جالسين في السوق". لكن ماهر صموئيل هنا يتكلم وكأنها أغنية عاطفية أو شعبية يغنيها الكبار! مثل أغنية شاكوش الذي شطبته نقابة الموسيقيين المصرية بسبب كلمات أغنيته الهابطة!

خذ مثلاً ثلاثة من كبار مفسري العهد الجديد، يؤكدون أنها أغنية للأطفال كانوا يغنونها في السوق أثناء لعبهم:

١ – "يُلاحظ أيضًا (يسوع) لعب الأطفال في السوق، ويجد في كل شيء مادة لتشبيه تعاليمه الحكيمة بالبيئة المحيطة. هناك نوعان من الألعاب (11:17)، لعبة زفاف ولعبة جنازة، أو، الأقل ترجيحًا، صيحتان في لعبة واحدة. لكن الأطفال لا يمكن أن يكونوا راضين عن أي منهما". (د. أ. كارسون)

٢ – "إن رفض كل من يوحنا ويسوع (بواسطة اليهود) غير متسق ونفاقي، مثل الأطفال الذين يلعبون في السوق (فقد كان السوق ملعبهم في ذلك اليوم) الذين يرفضون ممارسة ألعاب الزفاف والجنازة التي يقترحها رفاقهم". (كريج بلومبيرج)

٣ – "نلاحظ من هذا المقطع أنه كان أيضًا مكانًا يلعب فيه الأطفال. لم يكن من دون اهتمام أن يسوع شاهد الأطفال يلعبون ..." (ليون موريس)

إذًأ، لم تكن هذه أغنية عاطفية أو شعبية مثل أغاني شاكوش الهابطة كما يبدو من كلام ماهر صموئيل، بل أغنية للأطفال! كما أن يسوع اقتبسها للحكمة التي فيها. والحكمة هي أنه من الصعب إرضاء البشر. تمامًا مثل قصة جحا التي حمل فيها حماره!

إلا أن الدكتور ماهر صموئيل كان حريصًا على القول أنه "يقرأ" الأغاني. بدءًا من أشهر المغنيين لغاية شاكوش! الدكتور ماهر يتكلم عن الأغنية، فهو يقرأها وليس يسمعها، وكأن المشكلة فقط في الألحان الراقصة. إلا أن المشكلة ليست ذلك فقط، بل ما تحمله من فكر صادر من طبيعة بشرية فاسدة جذريًا.

والسبب كما يرى الدكتور ماهر، وهذه هي أخطر جزئية فيما قاله، هو أننا "سنفشل فشلاً ذريعًا في خدمة الناس الذين يعيشون في واقع معين إذا لم ندرك هذا الواقع ... عشان أشوف شعبي اللي أنا بحبه بيسمع إيه وبيفكر إزاي". السبب لديه هو أن الغناء يؤثر في الشعب أكثر من الدستور الذي يحكم هذا الشعب "لأنك إذا كتبت أغاني الشعب ستتحكم فيهم أكثر ما يتحكم فيهم الدستور. حسن شاكوش بيتحكم في عقول الشعب المصري أكتر من الدستور المصري".

وخطورة ما يطرحه ماهر صموئيل هنا تكمن في كونه يحتاج إلى الأغاني العالمية لكي يعرف كيف يفكر البشر! وماذا عن الكتاب المقدس يا دكتور ماهر؟ ألا يكفي الكتاب المقدس ليخبرك عما تحبه الطبيعة الفاسدة جذريًا، وعما يحبه الإنسان المولود من الله؟ ألم يقل بولس "كل الكتاب ... نافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهبًا لكل عمل مصالح"؟ إن أردت أن تعرف كيف يفكر البشر اقرأ الكتاب الذي كتبه خالق البشر! اقرأ كتالوج المُصَنِّع!

يحاول ماهر صموئيل إقناعنا بأنه يطلع على الأغاني ليعرف كيف يفكر الشعب الذي يحبه (الكنيسة)، لكنه في حقيقة الأمر يرى أن للأغاني فعالية أكثر من ذلك! فقد سبق واستخدم أغنية العسيلي للوعظ منها قائلاً أن العسيلي يكرز بالسماء المفتوحة! وسبق واستخدم مسلسل جراند أوتيل لكي يتكلم عن العدل! إذًا، ماهر صموئيل يستخدم الفن لأكثر من مجرد معرفة كيف يفكر الشعب. إنه، مثل الروم الكاثوليك، يرى أن الطبيعة تكمل النعمة! إن ماهر صموئيل يرى أن الحق موجود في كل شيء، بما في ذلك الديانات الأخرى، كما قال في فيديو سابق "مفيش حاجة اسمها إحنا صح (يقصد المسيحية) وباقي المعتقدات غلط. إحنا بس عندنا منظور للعالم أكثر دقة من باقي المعتقدات".

يدلل ماهر صموئل على ذلك بالقول أن بولس عندما ذهب لأثينا لم يقتبس موسى أو عاموس، لكن "كما قال بعض شعرائكم". إلا أن ما أخفق ماهر صموئيل، إما في إداركه أو إما في ذكره، هو أن بولس استعمل الشعر، ليس لأنه كان يطلع على الأغاني ليعرف كيف يفكر البشر، بل لأنه لم يكن هناك حدود فاصلة بين الفلسفة والشعر. فالفلاسفة كانوا شعراء في نفس الوقت يصوغون فلسفاتهم في صورة شعر. الشعر كان جزء من الفلسفة. تمامًا مثلما لم يكن هناك حدود فاصلة بين البحث في الميتافيزيقا والبحث في الطبيعة! فضلاً عن ذلك، لك أن تتخيل الفرق الشاسع بين الفكر والحكمة الموجودان في الشعر اليوناني وبين أغاني شاكوش! الشعر الذي كان بولس على دراية به واقتبسه كان عن الميتافيزيقا واللاهوت. وهو ذات تخصص بولس كلاهوتي وفيلسوف مسيحي! تمامًا مثل الفرق بين أغنية شاكوش الهابطة وبين الحكمة التي اقتبسها المسيح من لعب الأطفال!

ويظل رغم هذا أن بولس لم يجعل الإطلاع على الشعر فريضة على المسيحيين كما يحاول ماهر صموئيل جعل الإطلاع على الأغاني الهابطة فريضة!

السؤال الذي يطرح نفسه، هل يمكن أن يعطينا ماهر صموئيل مثالاً كيف يمكن للإطلاع على أغاني شاكوش أن يفيد في خدمة الكنيسة والمصريين؟ السؤال الآخر الملح، لماذا لا نجد ماهر صموئيل على الأقل متحمسًا بنفس القدر في تحريض الإنجيليين على معرفة جذور الفكر المصلح والتعمق فيها الأمر الذي يجهله أغلب الإنجيليين بشدة؟ هل هم في حاجة إلى تحريضهم للإطلاع على الأغاني أكثر من الحاجة إلى دفعهم للتعمق في الحق الكتابي والفكر المصلح؟

أخيرًا، ليس القصد من هنا هو التحريض على أن يكون المسيحي منغلق على نفسه. إطلاقًا! ولكن الغرض هنا هو إظهار محاولة ماهر صموئيل طبعنة الفن وإزالة الفوارق بينه وبين المسيحية، بين المقدس والعلماني sacred & secular . فمنهج ماهر صموئيل هو أنه يرى الحق في كل شيء لدرجة أن الفرق بين المسيحية وغيرها ضئيل. صحيح أن هناك حق في المعتقدات الأخرى، إلا أن الفرق بين المسيحية وغيرها من المعتقدات كالفرق بين النور وبين الظلمة الدامسة التي تتخللها بعض الومضات الخافتة!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس