المعتقدات الخاطئة ناتجة عن دوافع نفسية غير سوية؟


الادعاء بأن الكثير من معتقدات الإنسان سببها دوافع نفسية غير سوية، وتطبيق ذلك على الأمور اللاهوتية، يجعل الهرطقات وكل الديانات سببها دوافع نفسية ويجردها من طبيعتها اللاهوتية. إن كانت العقائد الخاطئة سببها دوافع نفسية غير سليمة، إذًا، نحن في حاجة إلى طبيب نفسي وليس الكتاب المقدس لكي نعرف أخطائنا التعليمية. وتصبح الأخطاء التعليمية، والتي هي أيضًا خطايا أدبية، مجرد احتياجات نفسية غير مشبعة.

في حين أن الكتاب المقدس يقدم سبب آخر للأخطاء التعليمية، وهو محبة الظلمة. كل عقيدة رئيسية خاطئة عن الله وأنفسنا سببها الأول هو أن الإنسان يحب الظلمة. فيوحنا يقول في الأصحاح الأول من إنجيله بأن البشر صلبوا المسيح لأنهم أحبوا الظلمة أكثر من النور. وعند نهاية الأزمنة سيزداد الأمر سوءا ولن يقبل البشر محبة الحق حتى يخلصوا. وبولس يقول في رومية ١ أن البشر يتعنتون رفض الله رغم وضوح إعلانه في الطبيعة فيحجزون الحق بالإثم، واستبدلوا حق الله بالكذب.

لاحظ كيف يصف كل من يوحنا وبولس المعتقدات الخاطئة بأوصاف أدبية. فهي "محبة للظلمة"، و"إثم"، و"كذب". وليست مجرد أخطاء غير مقصودة أو عن حسن نية بسبب وجود دوافع نفسية غير سوية انخدع بواسطتها الإنسان. بالاتساق مع ذلك يصف العهد الجديد أيضًا من ينادون بالتعاليم الخاطئة على أنهم "معلمون كذبة" و"ذئاب" و"لصوص" و"فعلة ماكرون".

ربما تكون الدوافع النفسية غير السوية كامنة وراء اعتناق بعض الأكاذيب كعامل ثانوي، ولكن يظل هذا في النهاية ادعاءً هلاميًا يصعب قياسه. بالأحرى، فإن السبب الجوهري في تصديق الأكاذيب التعليمية هو التأثيرات الفكرية للخطية الأصلية. فالعقل أصبح فاسد فسادًا جذريًا لا يحب أمور الله ولا يشتهيها، بل ويقاومها، كما قاوم الحق المتجسد نفسه الرب يسوع المسيح (الإعلان الخاص). وكما لا يزال يرفض إعلان الله عن نفسه في الخليقة طبقًا لـ رو ١ (الإعلان العام).

الادعاء بأن اعتناق الأكاذيب التعليمية سببه دوافع نفسية غير سوية إذًا ناجم عن معالجة سيكولوجية لأمور لاهوتية. هذه النظرة لا ترى الإنسان فاسد جذريًا ولكن مريض يحتاج إلى الإصلاح أو الشفاء. فضلاً عن ذلك، فإن هذه المعالجة السيكولوجية لا تعني سوى الطعن في كفاية وأولوية الكتاب المقدس فيما يتعلق بالأمور اللاهوتية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس