ما المشكلة في ترانيم العشق الإلهي؟


الترانيم أداة لاهوتية خطيرة سواء فيما تطرحه أو حتى فيما تغفله. بكلمات أخرى، ليست فقط المشكلة يمكن أن تكون في الترانيم التي تحتوي على عقائد خاطئة، بل أيضًا في الترانيم التي لا تحتوي على أية عقائد من الأساس. وهذه المشكلة الأخيرة لا تقل خطورة عن الأولى.

إن هذه النوعية الأخيرة من الترانيم نجدها في كل من الدوائر الكاريزماتية والصوفية معًا. مع الفارق في أن ترانيم العشق تلك قد تحوي على إسم يسوع في الأوساط الكاريزماتية، بينما لا نجد أي مصطلح مسيحي في الترانيم الصوفية مثل بعض ترانيم المنشد الصوفي ("أنا حي بيك يا شمس الحياة"). لكن كلاهما يمكن أن يندرجا تحت مسمى "ترانيم العشق الإلهي".

إن عدم احتواء بعض الترانيم على أية تعاليم كتابية (الأمر الذي يمكن أن يدل على توجه مسكوني أيضًا)، وفي نفس الوقت الاستعاضة عن ذلك بتصريحات بها مشاعر فائرة نحو الله، دون مراعاة لسموه أو سلطانه أمر يجد جذوره في الغنوصية. يشرح اللاهوتي الكبير مايك هورتون كيف أن الغنوصية تشدد على قرب الله وتغفل سموه:

"فيما يتعلق بعلاقة الفرد بالله، يشدد الغنوصي على قرب الله أكثر من قداسته وسلطانه الساميان. في الواقع، الذات الفردية هي 'شرارة' من الواحد (الله) ... فهناك علاقة حميمة مباشرة بين الإله والذات لا تتطلب أية وساطة". يضيف هورتون إلى أن هذا التشديد على سمو الله وقربه من قبل الغنوصية يظهر في التعبير عن ذلك بلغة رومانسية: "في الكتابات الغنوصية، غالبًا ما توصف العلاقة بين 'الله' والذات بلغة رومانسية بل وحتى شهوانية".

هذه الترانيم ذات الطبيعة الغنوصية، والتي هي عبارة عن قصائد عشق لا تليق بالله، تُحَوِّل العبادة الموضوعية العامة المتمركزة حول شخص وعمل المسيح، إلى عبادة شخصية مرتكزة حول الشعور والإختبار. يقول المعلق والمؤلف المسيحي تود فريل:

"كثيرون من كتبة الترانيم المعاصرين لا يكتبون لكي يُشْرِكوا العقل (في العبادة) ولكن لدغدغة المشاعر".

فضلاً عن كون ترانيم العشق والهيام الإلهي تقوم بتغييب العقل ودغدغة المشاعر، فإنها تخطيء التعامل مع الله والإعتقاد به. فهي لا تعامله بالسجود والوقار والخضوع الذي يليق به كمخلص وملك وسط جماعته. نقلاً عن تود فريل أيضًا، فإن جون ويسلي قاوم بإستمرار استخدام أخيه مؤلف الترانيم تشارلز ويسلي لـ "العبارات الحبية" واللغة الرومانسية لوصف العلاقة مع الله. كان جون يرى أن العبارات الرومانسية تليق بشريك الحياة وليس بالمخلص.

وهكذا فالترانيم الرومانسية فضلاً عن كونها تركيز على الشعور والخبرة الفردية، وتغييب للعقل، وبالإضافة إلى كونها إطاحة بحق الإنجيل من المركز، فهي تزيد الطين بلة بمعاملة لله بصورة لا تليق بسموه وسلطانه وسط الجماعة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس