علاقة مع المقدسات دون القدوس


"هناك من لهم علاقة بالمقدسات دون القدوس" تصريح لا يكف ماهر صموئيل عن طرحه على مسامعنا في الكثير المناسبات. ونحن لا ننكر ذلك، فالطقسية هي أحد أبرز الأمثلة على وجود علاقة بالمقدسات دون القدوس. وقد يبدو للوهلة الأولى من كلامه أنه لا يستبعد المقدسات من الصورة، بل يحاول فقط إبراز ضرورة أن يكون هناك علاقة مع القدوس. إلا أن تصريحاته في مناسبات أخرى تشير إلى أنه يطعن في المقدسات كليًا.

تأمل مثلاً قوله على تويتر "الخيال والدقة والمهارة والأمانة في العمل تمجد الله أكثر جدًا من تسبيحه في مكان العبادة". نستطيع أن نفهم كيف يمكن أن يعمل المسيحي أي شيء في روح الخضوع والسجود لربه يسوع المسيح، حتى وهو يمارس عمله اليومي. لكن ما لا نستطيع استساغته هو القول أن الخيال والدقة والمهارة والأمانة، وهي أشياء يستطيع غير المسيحي القيام بها، تمجد الله أكثر من تسبيحه في مكان العبادة الذي يتضمن حضور المسيح بصفة خاصة وقيادة الروح القدس فضلاً عن عبادة مقدمة من أفواه القديسين المختارين.

تأمل قوله الآخر: "في كل العهد الجديد مفيش ولا مرة كلمة ‘اجتماع للعبادة’ فالله لم يشرع اجتماعا للعبادة لكنه شرع الحياة كلها مجالا للعبادة". ليس غرضي هنا تفنيد هذا القول، فقد فعلت ذلك في مكان آخر. لكن القصد هنا هو إبراز الطعن في أحد المقدسات "اجتماع العبادة" بجعله يتساوى مع باقي أنشطة الإنسان، مثل العمل أو الرياضة أو الفن أو التسلية إلخ.

بالعودة إلى التصريح أعلاه بأن البعض لهم علاقة بالمقدسات دون القدوس، نقول بأن المشكلة ليست فقط أن هناك من لهم علاقة بالمقدسات دون القدوس، بل أيضًا في أن هناك من يظنون أنهم بإمكانهم أن يتمتعوا بعلاقة مع القدوس بمعزل عن المقدسات، كما فهمنا من تصريحات ماهر صموئيل في مناسبات أخرى.

لكن، لا علاقة مع القدوس إلا من خلال المقدسات، أي وسائط النعمة التي عينها في سلطانه؛ قراءة الكتاب، الصلاة، ولا سيما العبادة الجماعية بما بها من وعظ وتعليم وفريضتان وشركة أخوية. تلك العبادة الجماعية التي يحاول في الادعاءات السابقة ابخاسها حقها والطعن فيها لما بها من تأكيد على البعد الموضوعي للحق من وعظ وتعليم وفريضتان مقدستان يجسدان لحواسنا حق الفداء.

يمكن أن يكون هناك مقدسات بدون القدوس، لكن لا يمكن أن نرتبط بالقدوس بدون مقدساته.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس