لماذا ينادي ماهر صموئيل وتلاميذه بـ إله بلا مطالب؟


يعلِّم ماهر صموئيل وفريقه كريدولوجوس بأن الله لم يخلق الإنسان لكي يعبده، أو يطيعه، أو يمجده. بل فقط ليكون في شراكة أو علاقة معه. فالله لديهم هو إله بلا مطالب. وقبل أن نقوم بتحليل هذا المنهج وتضميناته سنقدم بعض الأمثلة على هذا التعليم غير الكتابي لدى ماهر صموئيل وتلاميذه.

على سبيل المثال، يقول يوسف يعقوب في فيديو حديث له:

"يعني إن إحنا بنقعد نفكر: ربنا خلقنا عشان نعبده، ربنا خلقنا عشان نمجده. على فكرة كل الإجابات دي مش هي الإجابة اللي مكتوبة في القصة. الإجابة اللي مكتوبة في القصة: قال الله لنخلق الإنسان على صورتنا وكمثالنا ليسودوا على سمك البحر وطيور السماء ... القصة في البداية بتقولنا إيه؟ كإن ربنا خلق وكيل يمثل ملكه، ويمثل قوته وسلطانه، على الأرض. فالله في العالم الروحي .. الإنسان اللي بيدير الأرض بالنيابة عن الله"

سبق وقال أيضًا كل من يوسف يعقوب وأندرو أشرف سمير في البودكاست الأول من سلسلة "قصة نعيش فيها" أن الله أب خلق الإنسان للشركة معه. فهو لم يخلق الإنسان ليستعبده، كما تقول بعض الأساطير، وكأنه محتاج إلى شئ منه.

هذا الفكر اللاهوتي هو في الأساس تعليم ماهر صموئيل. إله لا يطالب الإنسان بالطاعة أو العبادة. وهذا يتضح في تصريحاته التالية:

"لماذا نعبد الله؟ إذا عبدنا الله خوفًا منه و طمعًا في جنته أعتقد أنها عبادة باطلة والمسيح رفضها، الله لا يريد عبادة الله يريد محبة تلد عبادة، العبادة الحقيقية هي التي تأتي تلقائيًا من معرفته ومحبته".

"المسييحية أرقى جدا من مسألة حرام وحلال، المسيحية ليست جنة ونار، ليست إله يجلس في سماه محتاج ناس تعبده، الله في المسيحية ليس هو الإله الذى تعالى تعالى تعالى ويحتاج إلى البشر لكي يعبدوه، الله في المسيحية تنازل تنازل تنازل وأتى في صورة البشر ليخلصهم من ذلهم وخطيتهم وبؤسهم .. الله في المسيحية ليس الإله الذي تنقصه عبادة فندعو الناس له لكي يعبدوه، لا ينقصه شيء بل هو فائض في الحب فأتى ليسكب حبه على البشر"

"في الديانات مفهوم العبادة مختلف تمامًا عن المفهوم المسيحي، في الديانات كلها العبادة هي إنك تقدم شيئا لله .. يعني بأعمل اللي علي علشان هو يعمل اللي عليه، تقدم لكي تأخذ على منهج التجارة، فوجئنا إن يسوع بيقلب المفهوم ده في حديثه مع المرأة السامرية، لأ العبادة حاجة تانية خالص، الآب طالب مش عبادة مش مش بيشتري عبادة .. لكن الآب طالب ساجدين، عايز الأشخاص عايز علاقة، هو مش عايز اللي أنت بتقوله ولا اللي بتعمله هو عايزك أنت، يعني إيه عايزني أنا؟ هو من الأصل خلقك تكون حاجة من خلال العلاقة معه، فالآب طالب ساجدين لكي يكونوا بشرا حقيقيين، أكون انسانا أفيض بالحضور الإلهي وأبارك واؤثر حيثما أوجد من خلال العلاقة معه. وكلمة سجود تعني حب واحترام، حالة من الحب والولاء والاحترام لشخص، فأنا أحبه وأشعر بالولاء له ومنتمي إليه لأنه هو جدير بهذا مش لأني عايز منه حاجة ... فالآب طالب ساجدين مش بيشتري سجود مش بيشحت عبادة، لكن مرات كتير بتكون دوافعنا الخفية للعبادة بندفع اللي علينا حتى ولو كان ثقيل لكي نضمن بركات الله لنا، الله الاب مش عايز ده، هو أب ومش عايز عبادة هو عايز عابدين هو عايز ساجدين".

"الله لا يبغي عبادة قهرًا، الله لا يبغي عبادة إلا حبًا، الحب بالقهر اغتصاب، لو الله قهر الناس لكي يحبوه ويعبدوه فهو يغتصبهم، والله أرقى جدًا من أن يقهر البشر لكي يعبدوه"

وعن طلب الله للطاعة من خليقته يقول ماهر صموئيل:

"أجعل نواميسي في أذهانهم، وأكتبها على قلوبهم .. روعة المسيحية أنها تجعل الأخلاق شيئا ينبع من الداخل وليست شيئا يُفرض من الخارج، مش قوائم حلال وحرام تُفرض عليّ، لكن يسوع وسيط العهد بيضمن إن أخلاقي تكون شيئ نابع من داخلي، بتبقى رافض الخطية وأنت مش شاعر إنك محروم، فيه معجزة أخلاقية حدثت في داخلك وليست شريعة أخلاقية أعطيت لك"

"إن أصعب سؤال في الحياة هو: من هو الله؟ لأن عليه تتحدد كل بقية الأجوبة في الحياة، من هو إلهك؟ أخشى أن يكون إلى الآن نتعامل مع الله باعتباره تلك القوى العظمى البعيدة الساكنة هناك الذي يجلس على عرش ضخم وهو نفسه ضخم دكتاتور مطلق حدد كل شيء وحتم كل شيء وعليك أن تسترضيه وعليك أن تطيع وصاياه وإلا نهايتك الجحيم وبئس المصير، إذا كنا مازلنا نتعامل مع صورة الله التي نسجها الخيال واعتمدت على اللاهوت الشعبي ما قيمة إيماننا المسيحي ما قيمة التجسد، لقد جاء المسيح لكي يقول لنا شيئا مختلفا، الله في الايمان المسيحي هو هذا الآب الذي يخرج من بيته يركض في الشوارع ويغمر ابنه الفاسد بحضن وقبلات، الذي عندما جعل الوصية جعلها من أجل الانسان وليس الانسان من أجل الوصية"

التصريحات السابقة لماهر صموئيل مليئة بالمغالطات والمآزق المفتعلة. صحيح أن الله لا يريد عبادة قهرًا. لكن هذا ليس معناه أنه لا يطالب الإنسان بالعبادة. وصحيح أن الله ليس في حاجة إلى العبادة. ولكنه يطلبها، فهو مَلك، له كل الحق على خليقته. بل ويمارس حقه كمَلك. وليس فقط أب كما يدعي ماهر صموئيل وتلاميذه. وليس أيضًا دكتاتور يجلس على عرش ضخم يطلب العبادة وإلا بئس المصير كما يحاول ماهر صموئيل أن يفتعل مأزقًا أمامنا. أو أنه خلق الإنسان ليستعبده كما ادعى كل من يوسف يعقوب وأندرو أشرف. ولكن الله مَلك كلي البر والعدل. مَلك له ناموس ويطلب الإكرام من رعيته. لا يحتاج إلى طاعة أو عبادة أو مجد من البشر. ولكنه يطلب العبادة والطاعة لأنه مَلك. وهو مَلك كل طرقه عدل وأمانة لا جور فيه. فضلاً عن ذلك، فإن الله في كل ما يطلب من خليقته يؤول في النهاية إلى خيرها ومجدها. أي أن تحقيق مجد الله كملك في المقام الأول يؤدي إلى مجد الإنسان بالتبعية.

لكن ماهر صموئيل وتلامذته يريدون تجريد الله من مطالبه. يريدون إله بلا مطالب. إله لا يطلب العبادة أو الطاعة أو الإكرام. هو كل شئ لديهم إلا كونه ملك.

ليس غرضي هنا هو تقديم رد على كل جزئية غير كتابية. ولكن فقط إظهار المنهج من وراء تلك التصريحات. والمنهج هنا هو منظور للمسيحية متمركز حول الإنسان. ديانة غرضها الإنسان والله فيها بلا مطالب. جرد ماهر صموئيل وتلامذته الله من مطالبه فجعلوه في خدمة الإنسان. يستنكرون على الله العبادة والطاعة فجعلوه في خدمة الإنسان وطاعته. جردوا الله من ملكه على الإنسان فجعلوا الله متمركز حول الإنسان. يرفضون إنسان متمركز حول الله فجعلوا الله يدور في فلك الإنسان. يدعون من ناحية أن الله لا يحتاج إلى عبادة أو يطلب طاعة، وفي نفس الوقت يقولون أنه يريد علاقة أو محبة. فهل هو محتاج أو تنقصه محبة أو علاقة إذًا؟

وهم لا يخجلون من ذلك المنهج المتمركز حول الإنسان بل يجاهرون به صراحة وعلى الملأ. على سبيل المثال، صَرَّح ماهر صموئيل بهذه العبارات سابقًا:

"المجتمع الديني يفكر في النص مش في الانسان، مش قضيته الانسان، الرب يسوع صاحب القول الخالد: السبت إنما جُعل من أجل الانسان وليس الانسان من أجل السبت، الدين بنصوصه المحفوظة وصيغه الموضوعة موضوع من أجل الانسان".

"السبت إنما جُعل لأجل الانسان لا الانسان لأجل السبت" إن هذا التصريح وحده يكشف يا سيدي بأنك لم تأتي لتؤسس دينًا لأن جوهر الديانة هو أن الوصية هي الغاية لكنك بهذا التعليم كنت تعلن أن الانسان هو الغاية".

"كل الدين والكلام عن ربنا غايته في النهاية هو الإنسان".

بالمناسبة، ادعاء ماهر صموئيل الأخير ذكرني بنقد كارل بارت للمسيحية الليبرالية بقوله "الليبراليون يتحدثون عن الله بالحديث عن أنفسهم بصوت مرتفع". صحيح، لدى الليبراليون هذه المهارة؛ يوهمونك بأنهم يتحدثون عن الله بينما هم في حقيقة الأمر يتحدثون عن أنفسهم. فقد جعلوا أنفسهم مركز المعادلة اللاهوتية.

ولعل أكثر تصريح يتضح فيه منهج ماهر صموئيل بإله بلا مطالب لدرجة التمركز حول الإنسان هو الآتي:

"منذ القديم غرست فينا الأساطير وكل الديانات أن غاية وجود البشر هي خدمة الآلهة. الآلهة برغاباتها المختلفة وأمزجتها المتنوعة. منهم من قسى فأراد من البشر لحم أطفالهم ودمائهم. ومنهم من ارتقى عن هذه الوحشية فاكتفى أن يطلب منهم فقط ذلة وانكسارًا وطاعة عمياء لشريعته. لكنك جئت يا سيدي يسوع المسيح لتصدم اليهود والرومان. تصدم اليهود والرومان بأنك لم تأتي إليهم من قمة جبال الأوليمب حيث مجلس الآلهة. ولا حتى من قمة جبل سيناء. بل جئت إليهم من مذود في بيت لحم، من قاع مجتمع الإنسان. لتعلن أن عمانوئيل الله معنا، الله الحي الحقيقي في خدمة الانسان. عاشت الديانات على أن البشر لخدمة الآلهة، جاء يسوع المسيح ليعلن أن الله الحي الحقيقي في خدمة الإنسان. لم تأتي إلينا يا سيدي من علياء جبل يدخن ويضطرم بالنار كموسى، نبي الله. بل جئتنا من حضن الله الآب. لتقول لنا أن الله أب لجميع الناس"

أفردت مقال مستقل لهذا التصريح الأخير. فهو كارثي بكل المقاييس. خليط من المرقيونية والليبرالية اللاهوتية واللاهوت المتمركز حول الإنسان. لكن، وبعد أن تأكدنا أن منظور ماهر صموئيل للمسيحية منظور متمركز حول الإنسان. ماذا يعني كون الله بلا مطالب بالنسبة للإنجيل؟ إن كان الله بلا مطالب. فهو لا يحتاج إلى استرضاء. وبما أن غرض الدين ليس أن يعبد الإنسان الله أو يطيعه أو يمجده. بل أن يكون في شراكة معه. فالخطية إذًا مرضًا وليست ذنب أو تعدٍ أو دين يحتاج للوفاء. يصبح الإنجيل بذلك إنجيلاً علاجيًا. الله طبقًا لهم أب أو طبيب يخدم الإنسان ولكن ليس ملك له ناموس يطالبنا بطاعته وخدمته. ولكن ما المانع أن يكون الله هو الإثنين معًا؛ ملك وأب؟ يطالبنا بطاعة ناموسه، وفي الوقت جاء لكي يبذل نفسه؟ إنه حقًا كذلك طبقًا للكتاب المقدس. وهذا يدل على منهج اختزالي مغرض من طرف ماهر صموئيل.

إن منهج ماهر صموئيل متمركز حول الإنسان من أوله إلى آخره؛ الله أب وليس ملك، الله لم يخلق إنسان ليعبده أو يطيعه بل ليكون في علاقة معه، الخطية مرض وليست ذنب موجه ضد الله، الخلاص علاج وليس استرضاء. إله ماهر صموئيل هو إله بلا مطالب يدور في فلك الإنسان ومتمركز حوله. أما الإنسان فغير مسموح له أن يكون متمركز حول الله.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس