كيف تقرأ رسالة كورنثوس الأولى


وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ، بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَال فِي الْمَسِيحِ، (١ كو ٣: ١)
لأَنِّي أُخْبِرْتُ عَنْكُمْ يَا إِخْوَتِي مِنْ أَهْلِ خُلُوِي أَنَّ بَيْنَكُمْ خُصُومَاتٍ. (١ كو ١: ١١)
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا .. (١ كو ٧: ١)

الخلفية التاريخية والاجتماعية للرسالة

كانت مدينة كورنثوس مركز تجاري وثقافي كبيير في العالم اليوناني الروماني القديم. كما كان بها أيضًا الكثير من الهياكل الوثنية. فضلاً عن ذلك عُرف عنها التحرر الأخلاقي. ربما يمكن مشابهتها في يومنا هذا بمدينة نيويورك كمركز تجاري كبير وكبيئة اجتماعية متحررة جنسيًا وأخلاقيًا. هذا الأمر للأسف انعكس على الكورنثوسيون فتأثروا بما يدور حولهم في المدينة. كإعطائهم قيمة للحكمة البشرية (البلاغة). ووجود أخ يزني مع زوجة أبيه. والعلاقات الزوجية المشوشة. والقضايا المرفوعة بين الإخوة وبعضهم. والخلافات بين الفقراء والأغنياء. وحالة من التشويش فيما يخص الفوارق الطبيعية بين الجنسين. وما ذُبح للأوثان. وبينما كانت المشكلة الرئيسية في كنيسة رومية هي العلاقة بين اليهود والأمم، نظرًا لأن الأمم كانوا الأغلبية في تلك الكنيسة. إلا أننا نجد المشكلة في كورنثوس بين الفقراء والأغنياء. حتى أن هناك من الباحثين من يرى أن الأغنياء هم السبب الرئيسي في المشاكل التي وُجدت في كنيسة كورنثوس. وهذا رأي يستحق أخذه في الاعتبار.

على سبيل المثال، يقول شراينر "يتفق معظم الباحثون على أن كنيسة كورنثوس كانت متنوعة اجتماعيًا ولكنها كانت تتألف بشكل أساسي من أولئك الذين ينتمون إلى الطبقة الدنيا. ومع ذلك، فإنه يُستدل على وجود البعض من الطبقة العليا من خلال: الرغبة في الحكمة، تلك الرغبة، كما نوضح هنا، كانت مرتبطة بإعلاء قيمة البلاغة اليونانية (راجع ١ كورنثوس ٢: ١ – ٥). وفي نفس السياق، كان الأغنياء هم الذين يستطيعون تحمل نفقات الدعاوى القضائية (٦: ١ – ٨)، ويأكلون ببذخ في العشاء الرباني، ويتجاهلون جوع الفقراء في نفس الوجبة (١١: ١٧ – ٣٤). ولعل كنيسة كورنثوس تغاضت عن (خطية) الرجل الذي زنى لأنه كان ثريًا (١٣ : ٥ – ١)".

يرى شرانير أيضًا أن البيئة الوثنية التي وُجدت بها كنيسة كورنثوس هي السبب الرئيسي في حدوث تلك المشاكل. وإن كان الكثير منها قد حدث بسبب الأغنياء. بكلمات أخرى، بينما يمكن إرجاع الكثير من المشاكل في كنيسة كورنثوس إلى الأغنياء، إلا أن السبب الرئيسي لتلك المشاكل هو البيئة الوثنية التي وُجدت فيها كنيسة كورنثوس. فإعلاء البلاغة والفلسفة اليونانية، والعلاقات الجنسية المتحررة، واساءة التعامل مع الفقراء، والنظرة الدونية لكل من الجسد والعلاقة الجنسية في الزواج، كلها أمور يمكن إرجاعها إلى الثقافة المحيطة بالكنيسة.

الأسلوب الأدبي للرسالة

تتكون رسالة كورنثوس، كبقاقي رسائل العهد الجديد، من مقدمة، جسد الرسالة، تحرضيات ختامية، خاتمة. وهي تتميز بكونها عملية أكثر من كونها تعليمية. ما من شك أن بها الكثير من التعليم النافع. لكن مثلاً مقارنة برومية فهي تميل إلى الجانب العملي التطبيقي أكثر من التعليمي. أيضًا، إن كانت رومية تخص عقيدة الخلاص (السوتيريولوجي)، فإن كورنثوس تخص أكثر عقيدة الكنيسة (الإكليزيولوجي)، واللاهوت التطبيقي.

قسمي الرسالة

بينما كان بولس في مدينة أفسس جاءته أنباء غير سارة عن كنيسة كورنثوس بواسطة عائلة خُلْوِي. وتلك الأخبار كانت: الإنقسامات ١ : ١٠ – ٤ : ٢١، زنا المحارم ٥ : ١ – ١٣، الدعاوي القضائية بينهم ٦ : ١ – ١١، الخطايا الجنسية ٦ : ١٢ – ٢٠، التشويش في الفوارق الطبيعية بين الجنسين ولا سيما في العبادة ١١ : ٢ – ١٦، تعاليم كاذبة حول القيامة ١٥ : ١ – ٥٨. في نفس الوقت أيضًا كان الكورنثوسيون قد أرسلوا خطابًا إلى بولس ليستعلموا فيه عن بعض المسائل الجدلية. يبدأ بولس بالرد على هذه الأسئلة بقوله "وأما من جهة الأمور التي كتبتم لي عنها ٧ : ١. مثل الزواج ٧ : ١ – ٢٤، العذارى والأرامل ٧ : ٢٥ – ٤٠، ما ذُبح للأوثان ٨ : ١ – ١١ : ١، المواهب الروحية ١٢ : ١ – ١٤ : ٤٠. أي أن الرسالة يمكن تقسيمها إلى قسمين كبيرين: القسم الأول ويضم المشاكل التي أُخطر بها بولس. والقسم الثاني ويشمل الأسئلة التي أراد الكورنثوسيون إجابات من بولس عليها.

استعراض سريع للمواضيع الموجودة بالرسالة

كما رأينا، لا يوجد موضوع واحد تتوحد حوله رسالة كورنثوس الأولى وإن كان هناك سبب واحد للمشاكل الموجودة بتلك الكنيسة ألا وهي البيئة الوثنية المحيطة بها. ولهذا فلا يوجد طريقة لتلخيص الرسالة سوى الاستعراض السريع لكل من المشاكل الحادثة بها والأسئلة التي طرحها الكورنثوسيون على بولس.

أولا المشاكل الموجدة في الكنيسة

المشكلة الأولى: إنقسامات في الكنيسة ١ كو ١ : ١٠ – ٤ : ٢١

عانت كنيسة كورنثوس من الإنقسامات. على أن رد بولس على تلك الإنقسامات يوضح شيئًا عن الدوافع الكامنة خلفها. فعلى ما يبدو أن السبب في تلك الإنقسامات كان هو تأثر الكورنثيون بالبلاغة والحكمة السائدة في مدينتهم. فانقسموا إلى مجموعات اختارت كل منها حكميًا أو زعيمًا لها. الغريبة، كما يقول شراينر، أنه لا خلاف بين بولس وأبولس وصفا من حيث الفكر. مما يعني أن كل مجموعة فضلت أسلوب زعيهما الذي اختارته عن الباقين. إلا أن الحق المسيحي، كما يقول بولس، شكل ضربة قاضية ضد الحكماء الأرضيين وحكمتهم الجسدانية. فالصليب، وإن كان جهالة لديهم، هو حكمة الله. ومعظم أهل كنيسة كورنثوس أنفسهم ليسوا حكماء أو حتى أقوياء بمقاييس العالم. بل غالبيتهم من الأدنياء والمزدرى وغير الموجود. وبولس لم يأتي إليهم كحكيمًا أو فيلسوفًا، مناديًا بسمو الكلام أو الحكمة، بل بشهادة الله. لأنه لم يعزم أن يعرف شيئًا بينهم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوبًا. وأن رسالة المسيح المصلوب قُدمت إليهم ببرهان الروح والقوة. الفضل إذًا ليس لبولس ولا لأبولس، لأنهما خادمان، أحدهما يغرس والآخر يسقي. بل لمن كان ينمي في الخفاء؛ أي الرب.

المشكلة الثانية: زنا المحارم ٥ : ١ – ١٣

وُجد لدى كنيسة كورنثوس أخ يزني مع زوجة أبيه. وللأسف كان ذلك وسط حالة من التساهل الكنسي لدرجة أنه لو وُجد مثل هذا الزنى بين الأمم لما تساهلوا معه بل وشعروا تجاهه بالخزي. ولعل السبب في هذا التساهل كما أسلفنا هو أن ذلك الأخ كان أحد الأغنياء ذوي النفوذ في الكنيسة. الأمر الذي يعالجه بولس بطلب عزل هذا الأخ حتى ينقوا منهم الخميرة لكي يكونوا عجينًا جديدًا.

المشكلة الثالثة: محاكمات القديسين لبعضهم البعض لدى المحاكم الأرضية الظالمة ٦ : ١ – ١١

أيًا كان السبب الذي جعل بعض إخوة كورنثوس يقاضون بعضهم البعض لدى قضاء المدينة، فإن بولس هنا يستنكر عليهم أن يلجأوا إلى المحاكم الأرضية بينما سيدينون ملائكة. إن كانوا سيقضون في تلك المحاكم العليا، أفليس بالأولى بهم أن يقضوا بين بعضهم البعض بدلاً من أن يحاكموا أحدهم الآخر لدى الظالمين وليس عند القديسين؟

المشكلة الرابعة: مفهوم مشوه عن الحرية ٦ : ١٢ – ٢٠

كان لدى الكورنثوسيون مفهومًا مشوهًا عن الحرية المسيحية. إذ كانوا يعتقدون أن كل الأشياء تحل لهم. واجه بولس هذا الخطأ بالقول أنه مع كون كل الأشياء تحل لي، إلا أنه ليس كل الأشياء توافق. وعلى شرط ألا يتسلط علينا شئ منها. وعلى ما يبدو أن المشكلة كانت أيضًا متعلقة بالخطايا الجنسية. لهذا يضيف بولس بأن أجسادهم قد اشتريت بثمن. وأنها هياكل للروح القدس. فلا يصح أخذ تلك الأجساد وتندنيسها بتلك العلاقات الشريرة.

ثانيًا إجبابات بولس على أسئلة الكورنثوسيون

السؤال الأول متعلق بالزواج ٧ : ١ – ٤٠

حاول بعض الكورنثوسيون الامتناع عن العلاقة الجسدية داخل الزواج ربما أيضًا بسبب النظرة الأفلاطونية التي كانت سائدة حينها بأن الجسد دنئ أو شرير والروح فقط صالحة. إلا أن هذا الامتناع سلب للطرف الآخر. وأن كل طرف ليس له تسلط على جسده بل للشريك الآخر. فضلاً عن ذلك، أن مثل هذا الامتناع قد يؤدي إلى السقوط في التجربة. أما عن العلاقة بين شريكين أحدهما مؤمن والآخر غير مؤمن. فطالما يرضى الشريك غير المؤمن البقاء على الزواج على الشريك المسيحي أن يصون العلاقة. أما إذا أراد الشريك غير المؤمن الإنفصال فالأمر متروك للشريك المؤمن. وكل من دعي فليلبث في دعوته التي أرادها الرب له. إن دعيت وأنت عبد فلا يهمك. وإن استطعت أن تصير حر فاستعملها بالحري. والمتزوج لا يسعى للإنفصال. والمنفصل لا يطلب امرأة. ولكن إن تزوج لا يخطئ. والذين يستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه.

السؤال الثاني يخص ما ذُبح للأوثان ٨ : ١ – ١١ : ١

رأينا في رومية ١٤ أن الأخ القوي (الأممي) هو من يأكل كل شئ. بينما الأخ الضعيف (اليهودي) هو الذي لم يدرك حريته في المسيح ولم يزل يرى أطعمة طاهرة وأخرى نجسة. أما هنا فالقضية متعلقة بما ذبح للأوثان. كعابدي وثن سابقًا، رأى بعض الكورنثوسيون ألا يأكلوا أو يشتركوا في عبادة الوثن. بينما وجد آخرون أنه لا مشكلة أن يأكلوا مما ذُبح للوثن على شرط ألا يشتركوا في عبادته. يوافق بولس على مبدأهم أنه لا وثن في العالم وليس سوى إله واحد هو يسوع المسيح. إلا أن من لديهم هذه المعرفة (أنه ليس آلهة أخرى بل إله واحد) عليهم أن يتحلوا بالمحبة تجاه إخوتهم الذين ليست لهم هذه المعرفة. عليهم أن يضحوا بحريتهم من أجل أولئك الذين ليس لديهم نفس المعرفة. لأن الأخ الضعيف الذي يعتقد أن هناك أوثان متى رأى آخر يأكل مما ذبح للوثن، يتقوى ضميره فيأكل أيضًا وبالتالي يخطئ طبقًا لضميره. وبولس يطرح نفسهم كمثال لمن تنازل عن حقوقه لأجل الآخرين. فبينما من حقه كرسول أن يُنفق عليه بواسطة الكنائس. ومن حقه أن يكون له زوجة. تنازل عن كل ذلك حتى لا يثقل على المؤمنين وحتى لا يجعل عائقًا أمام الإنجيل.

بالإرتباط مع مفهوم الحرية المسيحية كما رأينا أعلاه، إن نظرة إخوة كورنثوس للحرية كانت معيبة للحد الذي جعلهم يعتقدون أن ممارسة فريضتا عشاء الرب والمعمودية سيضمن لهم الخلاص مهما كان سلوكهم. إلا أن بولس يحذرهم هنا من خلال مثال شعب إسرائيل في البرية. فمع أنهم اعتمدوا لموسى في السحابة. وأكلوا من المن. ولكن بأكثرهم لم يسر الرب فهلكوا في البرية. ينبغي للكورثنوسيين إذًا أن يتحفظوا لأنفسهم من السقوط والهلاك لأن المعمودية ومائدة الرب في حد ذاتهما لن يخلصاهما.

أخيرًا، وإن كان صحيح من حيث المبدأ أنه لا يوجد آلهة وثنية في العالم، إلا أن عبادة الأوثان تلك تخفي وراءها الشياطين. ما ذبح للوثن هو في الحقيقة مذبوح للشياطين. فلا ينبغي أن يشتركوا في موائد الشياطين. كما أنهم يستطيعون شراء ما يروق لهم من الأطعمة. ولكن إن أخبر الأخ الضعيف أخيه بأن ما يباع في الملحمة (السوق) مذبوح للوثن، على الأخ غير الضعيف أن يضحي بحريته هنا حتى لا يعثر ضمير الأخ الضعيف.

السؤال الثالث: أمور متعلقة بالعبادة ١١ : ٢ – ٣٤

يعالج بولس هنا أمرين متعلقين بالعبادة. الأول خاص بالفوارق الطبيعية التي تميز مظهر الرجل عن المرأة. إذ يبدو أنه حدث تشويش بين المظهر الطبيعي للرجل والمرأة بحيث أنه لم تعد الفواصل واضحة. وربما كان السبب في ذلك هو تأثر الكورنثوسيون بالثقافة المحيطة بهم. لذلك يحثهم بولس على الالتزام بالفوارق الطبيعية التي تميز الجنسين عن بعضهما. فالرجل لا يرخي شعره. والمرأة ينبغي عليها أن تغطي شعرها عندما تصلي أو تتنبأ لأن رأسها هو الرجل. ورأس الرجل هو المسيح. ورأس المسيح هو الله. على أن تغطية الشعر ذلك كعلامة لخضوع المرأة للرجل ليس ضد الكرامة المتساوية لكليهما. بل وكلاهما في حاجة للآخر.

الأمر الثاني خاص بعشاء الرب. على ما يبدو أيضًا أنه كان هناك سوء ممارسة لعشاء الرب أدت إلى تأديب الرب لهم بأنه كان بينهم كثيرون مرضى وضعفاء وكثيرون يرقدون. إذ كان الأغنياء يسرفون في الأكل والشرب قبل المائدة إلى حد السكر. وكان الفقراء يجوعون ربما لأن الأغنياء لم يشاركوهم الطعام أو أن الفقراء كانوا يضطرون للإنتظار. إلا أن بولس هنا يحثهم أن يفعلوا كل شئ بإنسجام "انتظروا بعضكم بعضًا" وألا يدنسوا مائدة الرب بأن يأكلوا في بيوتهم قبل أن يأتوا إلى الاجتماع.

السؤال الرابع يخص المواهب الروحية ١٢ : ١ – ١٤ : ٤٠

كانت في كنيسة كورنثوس مشكلة مزدوجة فيما يخص المواهب. اعتبر بعض أصحاب المواهب أنفسهم أفضل ممن لا مواهب لديهم أو ممن لهم مواهب أقل ظهورًا. من الناحية الأخرى الذين لم يكن لهم تلك المواهب شعروا بالحسد. لهذا يخبرهم بولس أن لكل عضو كرامة مساوية تمامًا مثلما يكون لكل عضو في الجسد نفس القيمة. وأن لكل عضو دوره مهما صغر شأنه.

المحبة والمواهب يكملان بعضهما البعض. والرب قصد أن يتواجد الإثنان جنبًا إلى جنب لمنفعة الكنيسة. على أن قيمة المحبة أعظم من قيمة المواهب الروحية المختلفة. المحبة باقية أما المواهب فوقتية. محبة بدون مواهب أفضل من مواهب بدون محبة. وعلى المؤمنين أن يتبعوا المحبة ويجدوا للمواهب الروحية. ويبدو أن موهبة التكلم بألسنة كان عليها الطلب لدى كنيسة كورنثوس. كما أنه كان هناك سوء ممارسة لها حتى أن كثيرون كان يتكلمون بألسنة في نفس الوقت بدون ترجمة. لكن بولس يحثهم على النظام في العبادة. وعلى النساء أن يصمتن في الاجتماعات العامة وإن كانت لديهن أسئلة فليسألن رجالهن في البيت.

أمور متعلقة بالقيامة ١٥ : ١ – ٥٨

علَّمت النظرة الأفلاطونية (الثنائية) التي كانت سائدة في زمن الرسل بدونية الجسد. فالروح سجينة فيه وتخلص عندما تتحرر منه. تأثر أهل كورنثوس بتلك الأفكار الوثنية فأنكروا القيامة الجسدية للمؤمنين. لم ينكروا الوجود بعد الموت ولكن فقط القيامة الجسدية أو الوجود بالجسد. فالقيامة بالنسبة لهم حدثت ولكن روحيًا عند الإيمان ومن ثم لا يوجد قيامة بالجسد. إلا أن بولس يقدم لهم براهين على القيامة الجسدية؛ فهي في صميم الإنجيل الذي بشرهم به وقبلوه. وأن المسيح ظهر بعد قيامته بالجسد دفعة واحدة لأكثر من خمسمائة أخ، ثم للرسل وبولس نفسه. فضلاً عن ذلك، إن لم تكن هناك قيامة أجساد فالمسيح نفسه لم يقم لأنه باكورة الراقدين. وإن لم يكن المسيح قد قام فهم بعد في خطاياهم ولم يخلصوا منها. وبالتالي فكرازة الرسل باطلة. ومخاطرتهم بحايتهم كل ساعة أيضًا يصبح بلا معنى. إن جسد القيامة سيكون جسدًا ماديًا حقيقيًا ولكنه سماوي ومجيد وبلا فساد. وهذا من شأنه أن يدفع الكورنثوسيون، ونحن أيضًا، أن نكون جميعًا راسخين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين أنه ليس باطلاً في الرب.

يختم بولس رسالته بوصايا ختامية لجمع العطايا لأجل كنيسة أورشليم. ثم يوجه لهم التحية الختامية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس