ماهر صموئيل ينادي بإله في خدمة الإنسان وغير مسموح للإنسان أن يكون في خدمته


فيديو قديم لماهر صموئيل أعادته صفحته على الفيسبوك نشره بالأمس لكنه كارثي بمعنى الكلمة (أنظر بالأسفل لمشاهدته). خليط من الهرطقات. إله متمركز حول الإنسان ومريقيونية وليبرالية وطعن في الوحي:

"منذ القديم غرست فينا الأساطير وكل الديانات أن غاية وجود البشر هي خدمة الآلهة. الآلهة برغاباتها المختلفة وأمزجتها المتنوعة. منهم من قسى فأراد من البشر لحم أطفالهم ودمائهم. ومنهم من ارتقى عن هذه الوحشية فاكتفى أن يطلب منهم فقط ذلة وانكسارًا وطاعة عمياء لشريعته. لكنك جئت يا سيدي يسوع المسيح لتصدم اليهود والرومان. تصدم اليهود والرومان بأنك لم تأتي إليهم من قمة جبال الأوليمب حيث مجلس الآلهة. ولا حتى من قمة جبل سيناء. بل جئت إليهم من مذود في بيت لحم، من قاع مجتمع الإنسان. لتعلن أن عمانوئيل الله معنا، الله الحي الحقيقي في خدمة الانسان. عاشت الديانات على أن البشر لخدمة الآلهة، جاء يسوع المسيح ليعلن أن الله الحي الحقيقي في خدمة الإنسان. لم تأتي إلينا يا سيدي من علياء جبل يدخن ويضطرم بالنار كموسى، نبي الله. بل جئتنا من حضن الله الآب. لتقول لنا أن الله أب لجميع الناس" (ماهر صموئيل)

يقوم ماهر مصوئيل هنا بمحاولة وصم أي مطالب إلهية بالعار من خلال وضع المطالب الوحشية (وغير الوحشية) للآلهة المزيفة جنبًا إلى جنب مع مطالب الإله الحي الحقيقي. ووضع جبل أوليمب جنبًا إلى جنب مع جبل سيناء. إنها محاولة خبيثة للقول أن الصورة التي يقدمها العهد القديم عن الله غير دقيقة بل متأثرة بثقافة وثنية. صورة الإله الذي يستعبد الإنسان ويطلب منه طاعة وعبادة وخضوع. أما يسوع فجاء لكي يصحح هذه الصورة. فلم يأتي من جبل أولميب أو سيناء. بل جاء في مزود وبدون أية مطالب. إن هذه مرقيونية مقنعة. وكأن إله العهد القديم له مطالب بالطاعة والعبادة والخضوع والخدمة بينما إله العهد القديم ليس فقط لا يطلب هذه منا، بل جاء لكي يخدم الإنسان. كما أن هذا طعن في الوحي من طرف خفي بالقول أنه ليس كل ما ورد فيه معصوم (ولكن هذا موضوع آخر كتبت فيه مقال: هل الكتاب المقدس يصادق على كل شئ يسجله؟).

إلا أن ما يغفله ماهر صموئيل أولاً هو أن يسوع نفسه هو الذي كان في الجبل وأعطى الناموس لموسى: "هذا هو الذي كان في الكنيسة في البرية، مع الملاك الذي كان يكلمه في جبل سيناء، ومع آبائنا. الذي قبل أقولاً حية ليعطينا إياها" (أع ٧ : ٣٨). فمن كان يكلم موسى في جبل سيناء هو الملاك. ونعلم أن ملاك الرب في العهد القديم هو المسيح قبل التجسد. وهو نفس الملاك الذي ظهر له في برية جبل سيناء في لهيب نار عليقة (خر ٣ : ٢ – ٤، أع ٧ : ٣٠ – ٣٢). المسيح هو الذي أعطى الناموس لموسى على جبل مضطرم بالنار. وهو الذي ظهر في لهيب نار عليقة. تمامًا على عكس ما يريد ماهر صموئيل. السؤال هنا، كيف رضى ماهر صموئيل أن يضع أوثان جبل أوليب على قدم المساواة إله مع جبل سيناء؟ وكيف تجرأ أن يضع المطالب الوحشية للآلهة الوثنية جبنًا إلى جنب مع مطالب الله العادلة في ناموسه؟

أما عن قوله أن يسوع جاء لكي يخدم فهو لا يعني بالضرورة أنه يسوع ليس له مطالب من الإنسان. فيسوع هو الله وإنسان في نفس الوقت. إله له مطالب، وإنسان يخدم الله ويطيعه. إن يسوع، الله الابن، يطالب الإنسان بطاعة وعبادة وخدمة الله الحي، ولكن الإنسان لا يريد ولا يستطيع. لهذا جاء لكي يخدم الله نيابة عن الإنسان الذي لا يريد ولا يستطيع. صحيح أن المسيح جاء لكي يخدم الإنسان. لكنه جاء ليخدم الله في المقام الأول. بل وجاء لكي يخدم الإنسان من خلال خدمته الكفارية. فأية خدمة يسديها المسيح للإنسان أعظم من التكفير عن خطاياه؟ وأعظم من أن يطيع الناموس نيابة عنه؟ "كما أن ابن الإنسان لم يأت لِيُخْدَم بل لِيَخْدِمَ وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مت ٢٠ : ٢٨). إن الخدمة التي يقصدها المسيح هنا هي خدمة الله نيابة عن الإنسان العاجز والمتمرد.

كتبت مقال آخر أوضحت فيه كيف يبشر ماهر صموئيل وتلاميذه بإله بلا مطالب. فهو لا يطلب طاعة أو عبادة أو خدمة الإنسان، وبالتالي لا يطلب كفارة. بل الكفارة هي فقط استصلاح للإنسان وعلاجًا له. الكفارة ليست مطلب إلهي بل إنساني. ذلك لأن الإله الذي ينادي به ماهر صموئيل إله متمركز حول الإنسان. أما الإنسان فغير مسموح له بل من العار أن يكون متمركز حول الله. إن إله ماهر صموئيل خلق الإنسان لا ليعبده الإنسان، بل ليعبد هو الإنسان. هو كل شئ إلا أن يكون ملكًا. هو عاشق، وصديق، وأب. ولكنه ليس ملك.

زادت الطينة بل بادعاء ماهر صموئيل أن الله أب لجميع الناس. صحيح أن بولس يقول أننا ذريته. لكننا فقط ذريته بالخلق. وبتمردنا عليه صرنا أولاد إبليس. وهذا كلام الرب يسوع نفسه لليهود "أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا" (يو ٨ : ٤٤)، "والزوان هو بنو الشرير" (مت ١٣ : ٣٨)، وقول بولس لعليم الساحر "يابن إبليس" (أع ١٣ : ١٠)، وقول يوحنا "بهذا أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس" (١ يو ٣ : ١٠). إن هذا كله يأتي في تمام الاتساق مع اللاهوت الكتابي العام الذي نقرأ فيه عن الصراع بين ونسل الحية (تك ٣ : ١٥). كيف يكون الله أب لجميع البشر إذًا؟ وما قيمة نعمة التبني بعمل المسيح إن كان الله أب بالفعل؟ إن تعليم أبوة الله لجميع البشر تعليم يرجع إلى اللاهوتي الليبرالي فون هارناك.

وهكذا فادعاء ماهر صموئيل أعلاه خليط من الليبرالية والمرقيونية واللاهوت المتمركز حول الإنسان.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس