الإفخارستيا لدى الأب متى المسكين


واحدة من القضايا الجوهرية التي اختلف حولها الإصلاح البروتستانتي مع كنيسة القرون الوسطى هي "الاستحالة". أي هل يتحول فعلاً عنصرا مائدة الرب، الخبز إلى جسد المسيح، والخمر إلى دم المسيح الفعليان؟ وهل التناول منهما له فعالية خلاصية؟ بينما اختلف المصلحون على طبيعة حضور المسيح في فريضة العشاء، إلا أنهم أجمعوا أنه لا فعالية خلاصية لها، وأن الإفخارستيا ليست تكرارًا لذبيحة الجلجثة.

ينبغي التنويه بداية على أن المصلحون لم ينكروا وجود أي قيمة للعشاء الرباني (والفريضتان بصفة عامة). على العكس، فقد أقروا فعالية الإفخارستيا، ليس من حيث الخلاص أو التبرير، بل من حيث التقديس. إنها حقًا علامة منظورة لنعمة غير منظورة كما قال أغسطينوس. إلا أنها نعمة متعلقة بالتقديس فقط. إن الإفخارستيا، أو عشاء الرب، تُنمي المؤمن، وتبنيه روحيًا، وتقدسه، من خلال أنها تجسد له موت المسيح أمام حواسه. إنها ليست ذات موت المسيح بل مجرد تجسيد حسي لواقع روحي. على سبيل المثال يقول إقرار الإيمان البلجيكي:

"نؤمن بأن ربنا الرؤوف قد وضع لنا، بسبب ضعفنا ونقائصنا، الفرائض المقدسة، بها يختم لنا وعوده، وهي بمثابة ضمان لرضاه عنا ونعمته من نحونا، وهي أيضًا تدعم إيماننا وتشدده؛ وقد ضم هذه الفرائض إلى كلمة الإنجيل، كي يعرض أمام حواسنا على نحو أفضل ما حدَّثنا عنه في كلمته، وما يعمله داخل قلوبنا، حتى يؤكد ويثبت بها الخلاص الذي يعطيه لنا". (ترجمة خدمات ليجونير)

أما عن اعتبار ذبيحة الإفخارستيا هي ذات ذبيحة الصليب، فقد عارض المصلحون ذلك بشدة. يقول إقرار إيمان ويستمينستر:

"في هذا السر، لا يُقدّم المسيح لأبيه؛ ولا تتم أيّة ذبيحة حقيقيّة، لغفران خطايا الأحياء أو الأموات؛ لكن فقط احتفال لذكرى تلك الذبيحة الواحدة لنفسه، بنفسه، على الصليب، مرة واحدة: وقربانًا روحيًّا لكل تسبيح ممكن لله، على تلك الذبيحة نفسها: لذلك فذبيحة القدّاس البابويّة (كما يسمّونها) هي أشد إهانة مقيتة لذبيحة المسيح الواحدة، الوحيدة، الكفارة الفريدة لكل خطايا مختاريه". (ترجمة خدمات ليجونير)

وعن حقيقة تحول عنصرا الفريضة إلى جسد ودم المسيح الحقيقين، يقول إعتراف الإيمان المعمداني المصلح (الثاني):

"تعلّم العقيدة المعروفة باسم الاستحالة الجوهرية أن جوهر الخبز والخمر يتحول إلى جوهر جسد المسيح ودمه بتكريس كاهن أو بطريقة أخرى. هذه العقيدة معادية ليس فقط للكتاب المقدس، ولكن أيضًا للحس السليم والعقل. إنها تدمر طبيعة الفريضة، وكانت ولا تزال سببًا لأنواع كثيرة من الخرافات وعبادة الأصنام الجسيمة".

كل التصريحات السابقة، وغيرها الكثير، جاءت كرد فعل على تعليم الكنيسة الكاثوليكية بأن للإفخارستيا فعالية خلاصية. في المعمودية تزول الخطية الأصلية من خلال النعمة التي تُمنح للمعتمد. ثم من خلال ممارسة باقي الأسرار، والتي من بينها الإفخارستيا، بما لها من مركزية في النظام السرائري الكاثوليكي، يُمنح المسيحي نعمة أخرى. هذه النعمة التي تمنحها ممارسة الإفخارستيا، تؤول إلى خلاص الذي يأخذها. الخلاص لدى كنيسة القرون الوسطى الكاثوليكية هو تغيير تدريجي أكثر منه مركز أمام الله. الخلاص في هذا النظام السرائري ليس مقامًا أو مركزًا يمنحه الرب لمن يؤمن فيعلنه بار في لحظة إيمانه، بل شىء يُغرس infused في الممارس. الإفخارستيا، والتي هي ذات جسد ودم المسيح المتحولان، تقوم بهذا العمل التدريجي في من يتناولها.

الإعتقاد بالفعالية الخلاصية للإفخارستيا يجد أساسه في الكهنوت الطقسي. الكاهن الطقسي، الذي يستمد صلاحياته من نظام يرأسه بابا هو خليفة الرسل بل خليفة المسيح نفسه، يصلي على الخبز والخمر فيتحولان إلى جسد ودم المسيح الفعليان. خلاف المصلحين مع كنيسة القرون الوسطى، لم يكن فقط حول فعالية الإفخارستيا للخلاص، بل حول ذات فعالية الكهنوت الطقسي والنظام السرارئي بأكمله أيضًا. عنصرا الإفخارستيا لا يتحولان إلى جسد ودم حقيقيين، ومن ثم فهي لا تخلص. أن تقول أن عنصرا الإفخارستيا لا يتحولان هو أن تقول أن صلاة الكاهن، ومن ثم الكهنوت الطقسي بأكمله، بلا فعالية. وهذا ما علّم به المصلحون. النعمة الخلاصية لا تُمنح بواسطة ممارسة الأسرار التي تجد فعاليتها في السلطان الكهنوتي. بل بواسطة الإيمان وحده في فعالية وعد الإنجيل الذي يهب بر الله بالمجان. لهذا فإن إنكار المصلحون لوجود فعالية خلاصية للإفخارستيا شمل إنكار صلاحية نظام الكهنوت الطقسي ذاته.

فضلاً عن ذلك، ليس فقط أن إنكار المصلحون لوجود أية فعالية خلاصية للإفخارستيا جاء بصورة مباشرة، بل أيضًا ضمنيًا من خلال التأكيد على التبرير بالإيمان وحده. بكلمات أخرى، إن كان التبرير بالإيمان وحده، إذًا فالنتيجة المنطقية لذلك، هو أنه لا تبرير أو خلاص بأية طريقة أو أعمال أو ممارسات أو طقوس أخرى بما في ذلك الإفخارستيا.

الأب متى المسكين يعلم بذات كاثوليكية القرون الوسطى التي رفضها المصلحون. فهو يرى أن الإفخارستيا سر، يتحول فيه كل من الخبز إلى جسد المسيح والخمر إلى دمه حقًا، وليست مجرد فريضة (للتقديس) كما علّم المصلحون. من خلال هذا السرّ، يعتقد الأب متى أن الإتحاد يتم بالمسيح (كما علّم أيضًا في كتابه عن التبرير). لهذا فهو ينسب للإفخارستيا فعالية شديدة، فبها يثبت المسيحي ويحصل على الحياة الأبدية وعدم الموت. لدى الأب متى، فإن الإفخارستيا تتساوى، بل وتتطابق مع صلب المسيح الذي حدث منذ ألفي عام. أي في كل مرة تقام صلاة الاستحالة في القداس، يُصْلَب المسيح من جديد. في كل مرة يمسك الكاهن بالقربانة ليقسمها يُكْسَرُ جسد المسيح نفسه. وعن الطقوس أو الصلوات التي تُقال في القداس لتحويل عنصرا الإفخارستيا فقد تأسست بواسطة المسيح نفسه. أما القداس، أو الشروحات التي تُقال فيه، فتجد جذورها وأصالتها فيما علّم به الرسل أنفسهم وإن كانت غير مدونة في العهد الجديد. هذا هو خلاصة الجزء الخاص بعقيدة الإفخارستيا في كتيب الأب متى المسكين "إفخارستيا عشاء الرب: قداس الرسل الأول وهو نواة جميع القداسات" (دير أبنا مقار ٢٠٠٠). من خلال الحديث عن العقيدة يؤسس الأب متى لأطروحته، والتي يعالجها في باقي الكتيب، كيف أن المسيح نفسه بعد قيامته، وعند ظهوره أثناء كسر التلاميذ للخبز، أسس لطقس الاستحالة الذي يُمارس في القداس بمختلف أشكاله. فيما يلي تحليل للفصل الأول الذي يناقش فيه الأب متى تأسيسه لطقس ذبيحة الإفخارستيا.

يرى الأب متى أن المسيح أكمل "ثلاثة أعمال أساسية هامة جدًا تعتبر الهيكل البنائي العام للإفخارستيا". العمل الأول طقسي، وهو أن الإفخارستيا جاءت بعد العشاء أو وليمة المحبة، ثم بعد الإفخارستيا تسبيحًا ثم إنصراف. العمل الثاني هو العمل السرائري و"الذي فيه أعلن المسيح بعد البركة على الخبز وكسره وتوزيعه عن تحوّل هذا الخبز إلى جسده. كذلك بعد أن شكر على الكأس أعلن عن تحوّل الخمر الممزوج في الكأس إلى دمه. ثم أعطى لتلاميذه أمرًا أو وصية أن يصنع تلاميذه هذا الإجراء السرائري". أما العمل الثالث فهو شرحي "وفيه شرح المسيح لتلاميذه ليلة العشاء السر الجديد القائم في الخبز المكسور المتحول إلى جسده وسر الكأس الممزوج المتحول إلى دمه ... حديث يشرح صميم السرّ الذي استودعه الرب في الكأس والخبز". (ص ٥)

في هذه العبارة الأخيرة، فضلاً عن قول الأب متى أن مائدة الرب، أو الإفخارستيا، هي سر، وفضلاً عن إقراره الصريح بتحول الخبز إلى جسد والخمر إلى دم، فهو ينسب تأسيس هذه الاستحالة إلى شخص المسيح نفسه. وكيف أن حديث المسيح نفسه أثناء هذا التأسيس هو شرح لصميم هذا السر المستودع في الكأس والخبز: "حديث يشرح صميم السرّ الذي استودعه الرب في الكأس والخبز". النتيجة المنطقية لذلك، كما سيتضح لنا أكثر لاحقًا، هي أن المسيح نفسه هو الذي أسس القداس الطقسي بمختلف أشكاله.

يصف الأب متى الإفخارستيا على أنها سر "ويُلاحَظ أن هذا الشرح الإفخارستي (بواسطة المسيح) لسرّ العشاء، ولو أنه قُدِّمَ للتلاميذ، لكنه في حقيقته موجه لكل العالم: ‘الخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله عن حياة العالم’ ". يضيف الأب متى قائلاً أنه عند ممارسة هذا السر الذي شرحه المسيح ليلة العشاء يتحد المؤمن بالمسيح: "إذن، فهذا الكلام موجه بالفعل إلى كل الأمم ليفهموا السر الذي به يتحدون بالمسيح بالأكل من الجسد والشرب من الدم". (ص ٦) وهنا ينسب الأب متى فعالية خلاصية للإفخارستيا ستضح لنا أكثر فيما يلي.

إن تحول العنصران إلى جسد ودم حقيقيين يعني أننا أمام الجلجثة مرة أخرى. لسنا أمام رمز أو تذكار، بل أمام المسيح شخصيًا بلحمه وعظامه. ليس في الجلجثة هذه المرة، بل على المذبح الطقسي الذي يوضع عليه كل من القربان وعصير العنب. يرى الأب متى أن ذبيحة الصليب، ذبيحة متكررة، لأن الإفخارستيا هي ذاتها ذبيحة الصليب: "فيوحنا يسجل تسجيلاً إنجيليًا واضحًا أن الإفخارستيا تقوم بالأساس على موت الرب، فتقديم الخبز والكأس هو هو تقديم ذبيحة الصليب = موت الرب". (ص ٦)

ينسب الأب متى فعالية شديدة للإفخارستيا يرى أن يوحنا يعلم بها. فليس فقط أنها تمكن المؤمن من الإتحاد بيسوع، بل تمنحه الحياة: "وموت المسيح هو هنا بالسرّ تقديم الخبز والكأس أو هو التناول من ‘الخبز الحي’ و’الدم المحيي’ ". (ص ٦) بل والأكثر من ذلك، يرى الأب متى أن الأكل من الإفخارستيا يُتْحِدُ المؤمن بالمسيح، ويثبته ويهبه الحياة، إلى درجة الحصول على عدم الموت: "وواضح غاية الوضوح من كلام يوحنا الرسول بفم المسيح ... العلاقة بين [الأكل والشرب من الجسد والدم والثبوت في المسيح] و [الحصول على الحياة الأبدية].العلاقة بين [الأكل والشرب من الجسد والدم والثبوت في المسيح] و [الحصول على عدم الموت]". (ص ٧)

ثم، تأسيسًا على ما سبق، يطرح الأب متى سؤالاً يرى أنه وجيهًا متعلق بالاستحالة. إن كان المسيح قد حوّل بسلطانه الخبز إلى جسده، والخمر إلى دمه، عندما أسسس الإفخارستيا، فكيف أو بأي سلطان سيقوم التلاميذ بهذا التحويل للعناصر إلى جسد ودم المسيح الفعليان؟ أو طبقًا لكلمات الأب متى نفسه: "واجهت التلاميذ صعوبة بالغة منذ أول إفخارستيا أقاموها من جهة التعبير عن سرية الخبز المكسور باعتباره ‘جسد المسيح’ والخمر الممزوج باعتباره ‘دم المسيح’ لأن المسيح في ليلة العشاء أكمل ذلك بسلطانه وحده، بدون أية صلاة خاصة، إذ قال فجأة: ‘خذوا كلوا هذا جسدي – خذوا اشربوا هذا دمي’. فالتحول ليلة العشاء تم ‘بكلمة الرب نفسه’، أو على وجه الأصح تم ‘مع كلمة الرب’، بدون صلاة بدون دعاء، بدون شرح، بدون تعليل كيفية حدوث ذلك السر العميق والخطير، فقد تم بسلطان المسيح الخاص، قال فكان". (ص ٨)

أي أن المسيح لم يصلي على الخبز والخمر ليتحولا إلى جسده ودمه، بل حدثت هذه الاستحالة فجأة بسلطان كلمته "خذو كلوا ... خذوا اشربوا". ما هي الآلية أو الواسطة التي سيستخدمها التلاميذ لإحداث تلك الاستحالة بما أن المسيح لم يعد موجودًا معهم ليحول العناصر هو بسلطان كلمته؟

الحل الذي يقدمه الأب متى لهذه المعضلة، أي إمكانية حدوث الاستحالة في ظل عدم وجود المسيح معهم هو أنه "أصبح من المحتم على التلاميذ بعد أن يكمِّلوا كلمات الطقس أن يتوسلوا بصلاة خاصة من عندهم: ‘لحضور المسيح’ حتى يُجري هذا التحول بنفسه". (ص ٩) بل وفي قفزة لاهوتية غريبة يرى الأب متى أنه "من المحتمل جدًا" أن يكون المسيح نفسه بعد قيامته ظهر للتلاميذ عند الإفخارستيا للمصادقة على هذه الاستحالة لعنصرا الفريضة. وطبقًا لكلمات الأب متى: "ومن الأمور المحتملة جدًا أن يكون الرب قد استجاب بالفعل وتراءى لهم عدة مرات في هذه اللحظات، أي عند كسر الخبز – كما حدث لتلميذي عمواس – فكانوا يستجيبون لهذا الظهور بالسجود له في هذه اللحظة بخوف ورهبة، مما يجعلهم يلتهبون جدًا أثناء هذا الدعاء أو الاستدعاء Invocation = Epiclesis ويعتبرون هذه اللحظة التي يحل فيها المسيح، إن ظاهرًا أو سرًا لحظة رهيبة وحاسمة من جهة تقديس الإفخارستيا".

المذهل أن الأب متى هنا يستعمل كلمة "استدعاء" ويضع المقابل لها بالإنجليزية Invocation . وهذا يعني أن صلاة التلاميذ نوع من الاستحضار للمسيح جسديًا.

وهذا السجود الذي قدمه التلاميذ عند ظهور المسيح في الإفخارستيا للمصادقة على الاستحالة وُرِّث إلى الكنيسة الطقسية ويقدم في القداس عند حدوث الاستحالة التي يقوم بها الكاهن الطقسي: "حيث ظل السجود والخوف مقترنين بصلاة الدعاء هذه في التقليد المتوارث بعد ذلك على مر مئات السنين حتى اليوم، حيث يهتف الشعب بأجمعه في هذه اللحظة قائلا: [نسبحك. نباركك. نخدمك. نسجد لك] (القداس الباسيلي). أما في القداس الغريغوري القبطي، فيقول الشماس: [اسجدوا للحمل كلمة الله] معلنًا صدق الإيمان بحضور الرب في هذه اللحظة". ثم يقول الأب متى أن هذه الممارسة لم تزل متبعة أيضًا في إحدى صلوات القسمة للكنيسة القبطية "ولا تزال إحدى صلوات القسمة تحمل معنى وحقيقة حضور الرب بهتاف وتهليل مبدع أثناء التقسيم حيث مطلعها كالآتي: [هوذا كائن معنا اليوم على هذه المائدة عمانوئيل إلهنا]".

من هنا يتنقل الأب متى ليقدم تأريخًا (في باقي الكتيب بأكمله) لأصل هذا الطقس الذي أسسه الرسل أنفسهم، بناء على مصادقة المسيح بظهوره لهم، في ذبيحة الإفخارستيا التي يتحول فيها الخبز إلى جسد المسيح والخمر إلى دمه. هذا القداس الإفخارستي، الذي تختلف أشكاله بإختلاف الثقافات، يجد جذوره فيما أسسه الرسل أنفسهم. وإن كان ما أسسه الرسل قد صادق عليه المسيح نفسه بظهوره لهم في ذلك الاستحضار أو الاستدعاء، كما رأينا، فالنتيجة المنطقية لما يقوله الأب متى هنا هو أن المسيح نفسه أسس الاستحالة الإفخارستية التي تمارس في القداس الطقسي.

هذه الشروحات التي نسمعها في القداس بخصوص الاستحالة، وإن لم ترد في العهد الجديد، إلا أنها تجد جذورها فيما علم به الرسل طبقًا للأب متى. لقد جاءت تلك الشروحات نتيجة تحديات معينة مرّت بها الكنيسة تتعلق بالعبادة وتنظيمها. فلجأ الرسل إلى تطوير وتنظيم هذه الشروحات للطقوس القداسية المتعلقة بالإفخارستيا. يقول الأب متى "هذا كله اضطر التلاميذ إلى وضع صيغة جديدة للإفخارستيا تشرح ما يتم داخل الإفخارستيا حركة حركة صنعها المسيح في صمت حسب التقليد قديمًا وضعوا لها شرحها الوصفي ليسمعها الشعب كله حتى يفهم الشعب ماذا يتم أمام عيونهم ... هذه الظروف لم تأت مرة واحدة ولا بقدر واحد ولا في كرازة رسول واحد، بل جاءت على مراحل إنما في أزمنة متقاربة في أيام الرسل كل في مكان بشارته ... لذلك وصلتنا هذه الشروحات في صور ونماذج إفخارستية ... يحمل كل منها طابع وظروف وطنها ... ولكنها تحتفظ بوحدة الأصل الذي انبثقت منه – أي ‘سر العشاء الأخير’ ". (ص ١١)

يتبين لنا مما سبق، أن فكر الأب متى المسكين حول الاستحالة هو فكر طقسي شكلاً وموضوعًا. إنها ذات التعاليم التي عارضها المصلحون. إن الإعتقاد، سواء بواسطة الأرثوذكس أو البروتستانت، أن الأب متى قدم تعالميًا بروتستانتية، لا ينم سوى عن جهل شديد بالتعليم المصلح، ليس فقط ذلك المتعلق بالإفخارستيا أو مائدة الرب، بل بذات تعليم الخلاص نفسه. إنه يصب في ذلك التعليم المسمى بالمبدأ الجوهري لحركة الإصلاح، أي التبرير بالنعمة وحدها بواسطة الإيمان وحده.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس