هل لدينا دليل مادي على قيامة المسيح؟

المتشكك الذي يطلب دليل على قيامة المسيح يفترض عدة افتراضات مسبقة:

١ – يستبعد العهد الجديد كسلطة تاريخية وككتاب معصوم. ٢ – يفترض أن مشكلته هي غياب الدليل، وأنه بظهور المسيح المقام سيتغير موقفه من الرفض للقبول. ٣ – يفترض في نفسه سلطة بديلة تقدم الشكوكية على أنها أكثر معقولية من القيامة التي بلا دليل مادي. ٤ –يفترض أنك تستطيع التحكم في الدليل واحضاره.

ليس لدينا دليل مادي على قيامة المسيح أكثر من وثائق العهد الجديد. سبعة وعشرين وثيقة تاريخية كتبت بواسطة ثمانية كتاب مختلفين تشهد لقيامة المسيح. أن تنكر تاريخية وموثوقية هذه الوثائق هو أن تكون مجحف ومتحيز وغير موضوعي. لاحظ كيف أن كل المتشككين في القيامة، بلا استنثاء، يستبعدون العهد الجديد كسلطة موضوعية معصومة.

والقيامة ليست حدث منفصل أو مجرد تفصيلة في الفداء من بين تفاصيل أخرى. لكنها في صميم نسيج من الأحداث التاريخية المترابطة. الخلق والسقوط والفداء. الموت والقيامة. الخطية والنصرة عليها. آدم ساقط ومسيح قائم. القيامة متطلب جوهري تفرضه علينا أحداث التاريخ الفدائي في الكتاب المقدس. لولا القيامة يكون الكتاب المقدس مشكلة بلا حل. المتشكك إذًا لديه مشكلة ليس فقط مع القيامة بل مع المنظور المسيحي بأكمله.

حتى وإن وُجد دليل مادي خارج وثائق العهد الجديد، هل هذا يضمن إن المتشكك سيؤمن؟ الإجابة بنعم تفترض أن مشكلة المتشكك فكرية وليست قلبية. الكتاب المقدس يقدم مشكلة الإنسان على أنها في القلب بصفة جوهرية. هو لا يريد الله ومسيحيه ويتذرع بعدم وجود الأدلة. كان المسيح يجول يصنع خيرًا ويعلمهم أسمى التعاليم وقالوا عنه سامري وبه شيطان ومجنون ثم صلبوه في النهاية. بل وحتى بعد أن يرى غير المؤمنين المسيح المقام في نهاية الزمان سيرفضونه. الكتاب المقدس لا يعلّم في أي مكان فيه أن موقف الإنسان المقاوم لله سيتغير من الرفض للقبول عند رؤية المسيح المقام (لو ٢٣ : ٣٠، رؤ ٦ : ١٦).

وفي نفس الوقت ليس لدى المتشكك دليل مادي يدحض به القيامة. الدليل المادي الوحيد على القيامة هو أن يُظهر المسيح نفسه. من هذا المنظور، فإن غياب الدليل ليس دليلاً على الغياب. المسيح يغيب عنا بجسده الآن. لكن سيأتي في أمجاده عن قريب. غياب الشمس في عتمة الليل ليس دليلاً على عدم وجودها. والمتشكك يعيش في ظلام عتمته الروحية متحججًا بالأدلة المادية التي لا يمتلكها هو.

الأكثر من كل ذلك، هو أن المتشكك يريد أن يعامل المسيح طبقًا للقواعد التي حددها المتشكك نفسه. مع أنه، لو صحت القيامة، وهي صحيحة فعلاً، إذًا، الخضوع لها هو الشئ المتوقع من المتشكك. المتشكك ليس له الحق في أن يفرض أو يقحم رؤيته على الموضوع محددًا هو قواعد اللعبة بنفسه (إن جاز التعبير). من الذي يحدد قواعد المعرفة، الرب المقام، أم المتشكك؟

المتشكك نفسه ليس لديه دليل مادي على صحة شكوكيته. هل هناك دليل مادي يمكن للمتشكك أن يثبت لنا من خلاله صحة شكوكيته؟ المتشكك إذًا متناقض مع منهجه إذ يطلب دليل مادي على قيامة المسيح بينما ليس لديه دليل مادي على شكوكيته وإن كانت في صورة سؤال.

والمتشكك ليس لديه دليل على عصمته. أن يتشكك أحدهم في العهد الجديد كمصدر معرفي معصوم هو أن يقدم لك نفسه كسلطة بديلة ينبغي عليك أن تؤمن بها. هو يفترض عدم موثوقية العهد الجديد بينما يقدم لك نفسه كمصدر موثوق للمعرفة. إنه يستثني العهد الجديد بينما يقدم لك كتاب شكوكيته كالبديل.

أخيرًا، إن طلب الدليل المادي على قيامة المسيح هو شئ غامض. ليس لدينا على الأرض هنا دليل مادي على القيامة لأن الدليل الوحيد في السماء؛ جسد المسيح المقام. هل من المفترض إذًا أن نحدر له المسيح من السماء (الجسد محدود لا يوجد إلا في مكان واحد)، أم أن يُظهر له المسيح نفسه؟ الأولى لا نستطيعها. والثانية لا تضمن أنه سيغير موقفه فضلاً عن كونها في سلطان المسيح المقام نفسه. المتشكك إذًا غير معقول أو غير منطقي فيما يطلبه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس