هل عرفات جزيرة غمام هو المسيح؟




ليس لدينا أية مشكلة مع الفن في حد ذاته. ولكن في المحتوى المُقَدَّم فيه. والسؤال الخطير الذي ينبغي أن نسأله بخصوص عمل فني ما: هل هذا العمل يفترض (يعلّم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة) صحة العقائد المسيحية الجوهرية؛ الثالوث وألوهية المسيح والكفارة البدلية؟ وهذا ليس طمعًا من طرفنا أن نتوقع لعمل فني ما أن يشير إلى هذه التعاليم الجوهرية. إذ أن المسيحية لا تستطيع أن تحتمل خسارة أي منها.

فسياحة المسيحي مثلاً عمل أدبي لكنه يؤكد كل التعاليم السابقة، ويفترض عصمة ومعيارية الكتاب المقدس. العمل الفني أو الأدبي غير المؤسس على التعاليم السابقة هو في الحقيقة عمل مضاد للحق المسيحي. لا يوجد حياد في الحق؛ إما معه أو ضده، إما حق أو باطل. ولا سيما إن كانت الحقائق التي يتم إغفالها جوهرية بالنسبة للإيمان المسيحي.

على سبيل المثال، أن تكتفي بتصوير المسيح على أنه إنسان بار، أو مصلح ديني، أو ثائر ضد الظلم الاجتماعي، أو معلم ديني أخلاقي، هو تشويه بالغ لصميم الحق المسيحي. لأن هذه، وإن كانت صحيحة في حد ذاتها، لكنها لا تعبر عن جوهر حقيقة شخص المسيح وعمله. المسيح هو اللاهوت متحدًا بالناسوت لإنجاز الكفارة بطاعته للناموس وموته وقيامته وصعوده.

لم أشاهد مسلسل "جزيرة غمام" ولن أشاهده لأسباب كثيرة. لكن كل من وجدوا شبه بين إحدى شخصياته وبين المسيح لم يذكروا أي شي له علاقة بالتعاليم الخطيرة المذكورة أعلاه. هل المسلسل به ذكر للثالوث وألوهية المسيح والكفارة البدلية من موت وقيامة؟ ولا نتوقع أن يُعرض مسلسل سواء في شهر رمضان أو في غيره من الشهور على قناة عربية إسلامية يشير إلى أي شئ متعلق بألوهية المسيح وموته وقيامته.

في الحقيقة أي عمل أدبي (وليكن مسلسل)، لا يقدم المسيح كما هو معلن طبق الأصل في الكتاب المقدس لهو ومنهج النقد التاريخي شئ واحد. لقد سعى أنصار النقد التاريخي لفصل مسيح الإيمان عن يسوع التاريخ من خلال اختلاق صورة، بل صور، ليسوع المسيح، طبقًا لافتراضاتهم المسبقة والمضادة للحق الكتابي. ألاّ تقدم المسيح طبقًا للإعلان الكتابي المعصوم، الذي يعلّم بألوهية وأقنومية وموت وقيامة المسيح، هو أن تختلق مسيحًا كاذبًا، بل ضدًا للمسيح. من ناحية أخرى أن تعلّم بمثل هذا المسيح هو أن تطعن في موثوقية وفي الشهادة الكاملة والكافية للكتاب المقدس عن المسيح.

أخيرًا، صحيح أنه لا مشكلة لدينا في أعمال فنية تقدم محتوى لاهوتي وكتابي دقيق (وهو أمر قلما يحدث)، إلا أن الولع برؤية المسيح في الأعمال الدرامية ينطوي على خطورة ازدراء كلمة الله ووضعها على نفس المستوى مع الأعمال الفنية التي كثيرًا ما تتبنى منظور مضاد للحق المسيح. الكتاب المقدس هو المعيار والقاضي الذي يحكم على أي محتوى عقيدي نراه في أي مصدر آخر.

لكن الروح الذمية الشمولية جعلت المسيحي الشرقي يتلقف أي إلماح إلى المسيح على أنه نوع من التبشير أو التعليم به. مع أن ما المسيح الذي تم تقديمه فقط في أفضل حالاته هو معلم أخلاقي أو مصلح ديني أو حتى اجتماعي وليس مخلص من دينونة الخطية وسلطانها. المسيح الذي يقدم على أنه معلم أخلاقي أو مصلح ديني أو اجتماعي فقط هو ضد للمسيح الكتابي.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس