تفنيد ادعاء القس سامح موريس بأن المسيح لم يتحمل عقوبتي بل حمل خطيتي

يدعي القس سامح موريس:

"المسيح أخذ العقاب وساب لي الخطية. خلصني من الموت بس ساب لي سبب الموت؛ الخطية. ده يبقى خلاص؟ يبقى خلصني كده؟ لأ. المسيح لم يتحمل عني عقاب خطيتي. المسيح حمل عني خطيتي. ‘هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم’، ‘وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم".

أول شئ أحب أن أعلق به على كلمات القس سامح موريس هو أن أعداء الإيمان الإنجيلي هم مشاهير الإنجيليين أنفسهم. القس سامح موريس معروف بميوله غير الإنجيلية مثل ترويجه لظهورات العذراء وشفاعة القديسين وعقيدة الاستحالة. وتأثره بغير الإنجيليين مثل الأب متى المسكين. بل وبهجومه على التعاليم الإنجيلية القويمة مثل الخطية الأصلية والبدلية العقابية وتعليمه بأن ما ليس في يسوع (مثل الغضب كما يزعم) غير صحيح عن الله حتى ولو جاء في الكتاب المقدس (مرقيونية).

ثاني شئ هو أن القس سامح موريس نموذج لمن يهاجمون البدلية العقابية من خلال تشويهها، وليس من خلال العرض السليم لها ثم النقد الموضوعي. يقول أن البدلية العقابية معناها أن المسيح أخذ عقوبة الخطية وترك "الخطية". لا أحد في المنهج المصلح قال أو يقول مثل هذا السخف! هل يمكن للقس سامح موريس أن يقتبس لنا أحد البروتستانت أو المحافظين الذين يُعَلِّمون بأن البدلية العقابية تعني أن المسيح أخذ عقوبة الخطية وترك الخطية؟!

ثالثًا، لم يوضح القس سامح موريس ما الذي يقصده بالخطية بالضبط، وما معنى قول الكتاب أن المسيح حمل عنا الخطية. القس سامح موريس، كعادة غير الكتابيين الذين يقاومون الجانب القضائي في الخلاص، واضح في رفضه للتعاليم الكتابية، لكنه غامض وغير مفهوم في البديل الذي يطرحه، أو فيما يقصده. أما قوله "ساب لي الخطية" فهو دليل على قصوره في فهم البدلية العقابية التي يهاجمها. لأن البدلية العقابية، فضلاً عن كونها لا تنفي إنقاذ المسيح لنا من سلطان الخطية، تعني أن المسيح حمل عنا دينونة كل أنواع الموت الذي نتج عن الخطية. إن المسيح تعامل مع شتى أنواع الموت. فقد حول الموت الجسدي إلى موت بلا فعالية إذ أصبح مجرد رقاد أو خلع للمسكن فقط. وأقامنا من موتنا الروحي. وأخذ عنا عقوبة الموت الأبدي في الجحيم.

رابعًا، الخطية لها أكثر من جانب في الكتاب المقدس. فهي، كما تُعَرَّف طبقًا للمنهج البروتستانتي المصلح: "كل عدم امتثال أو عدم اتساق مع ناموس الله، سواء بالطبيعة أو بالفعل أو بالقول أو بالفكر". الخطية إذًا هي طبيعة لها سلطان، وحالة من النجاسة، وفعل أو ذنب يستوجب الدينونة. المسيح بصلبه أخذ عقوبة الخطية وأبطل فعاليتها وحمل قباحتها. لهذا يقول العهد الجديد ليس فقط أنه "جُعِلَ خطية" (٢ كو ٥ : ٢١)، بل أيضًا "صار لعنة" (غل ٣ : ١٣). واللعنة هي لعنة الناموس الذي يحكم على الخاطئ بعقوبة الموت بسبب تعديه على وصايا الرب (غل ٣ : ١٠). لقد توحد الرب يسوع المسيح تمامًا مع المؤمنين به، فأخذ كل ما لهم، وأعطاهم ما له.

السؤال هنا، وبنفس منطق القس سامح موريس، وهل إن كان المسيح، قد حمل الخطية، ولم يحتمل عقوبتها، هل كده يبقى خلصنا؟! في الحقيقة إن القس سامح موريس هو الذي يختزل خلاص المسيح بادعاءه أن المسيح حمل الخطية (سلطانها) ولم يحمل عقوبتها، ذلك لأنه يكره البدلية العقابية!

خامسًا، كثيرًا ما يكني (يستعيض) الكتاب المقدس عن "عقوبة الخطية" بـ "الخطية"، على اعتبار أن عقوبة الخطية جانب رئيسي فيها. على سبيل المثال، بعدما أخطئ داود، واعترف بذنبه للرب، قال له ناثان النبي "الرب قد نقل عنك خطيتك. لا تموت" (٢ صم ١٢ : ١٣). كان داود مستوجب حكم الموت مرتين طبقًا للناموس. مرة للزنى (لا ٢٠ : ١٠)، ومرة للقتل (عدد ٣٥ : ٣١). لكن الرب نقل عنه خطيته، أي عقوبتها. حملها البديل عنه الذي هو الرب يسوع.

هناك نصوص أخرى تكني عن "عقوبة الخطية" بـ "الخطية" مثل: "أَخْرِج الذي سَبَّ إلى خارج المحلة، فيضع جميع السامعين أيديهم على رأسه، ويرجمه كل الجماعة، كل من سب إلهه يحمل خطيته" (لا ٢٤ : ١٤ – ١٥)، "لكن من كان طاهرًا وليس في سَفَر، وترك عمل الفصح، تُقْطَعُ تلك النفس من شعبها، لأنها لم تقرب قربان الرب في وقته. ذلك الإنسان يحمل خطيته" (عدد ٩ : ١٣). يوجد أيضًا نصوص في العهد القديم تستخدم "يحمل ذنبه" و"دمه على رأسه" و"يقطع من شعبه" بالتبادل كمترادفات (لاويين ٢٠ : ١٦ – ٢١).

كان أيضًا مقدم الذبيحة يضع يده على ذبيحته قبل تقديمها على المذبح كعلامة لنقل ذنوبة إلى الذبيحة فتحمل تلك الذبيحة ذنوب الخاطئ على رأسها. وكان هكذا الحال مع التيس الذي يُرسل إلى البرية بعدما يضع هارون كلتا يديه على رأسه "ويُقِرُّ عليه بكل ذنوب إسرائيل، وكل سيئاتهم مع كل خطاياهم، ويجعلها على رأس التيس، ويرسله بيد من يلاقيه إلى البرية، ليحمل التيس عليه كل ذنوبهم، إلى أرض مقفرة، فيطلق التيس في البرية" (لا ١٦ : ٢٠ – ٢٢). فيحملها التيس على رأسه إلى البرية ليموت هناك. الأكثر من ذلك، إن مفهوم حمل عقوبة الخطية يقابله مفهوم الغفران كـ "رفع". فالكلمة العبرية "نَسَىَ" H5375 والمترجمة مرات كثيرة "غفر"، تعني "رَفَعَ". أي أن الغفران هو رفع أو إزالة عقوبة الخطية والتخلص من حملها (أنظر خر ٣٢ : ٣٢، ٣٤ : ٧، عدد ١٤ : ١٨، ١٩، يش ٢٤ : ١٩، مز ٢٥ : ١٨، إش ٣٣ : ٢٤).

إن إشعياء النبي يربط كل المعاني والرموز السابقة في نبوته المسيانية العظيمة عن العبد المتألم. يقول النبي الإنجيلي أن المسيا البديل "عبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين، واثامهم هو يحملها" (إش ٥٣ : ١٠)، وأنه "سَكَبَ للموت نفسه وأُحْصِيَ مع أثمة، هو حمل خطية كثيرين، وشفع في المذنبين" (إش ٥٣ : ١٢). في الأعداد السابقة أوضح إشعياء كيف حَمَلَ المسيا خطية كثيرين في كون "تأديب (عقاب) سلامنا عليه" (٥)، أي ثمن سلامنا تحمله هو "عليه". وأنه "مضروب من الله" (٤)، و "ضُرِبَ من أجل ذنب بنت شعبي" (٨). بل إن ضربه كان بيد الله الآب نفسه "أما الرب فسر بأن يسحقه بالحزن". لاحظ أيضًا لغة التبرير القضائي عند حديثه عن حمل الخطايا "يبرر كثيرين وآثامهم هو يحملها" (١٠).

وهذا أيضًا هو ذات المعنى الذي يؤكده بطرس بقوله "حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة ... الذي بجلدته شففيتم" (١ بط ٢ : ٢٤). وكيف حملها؟ يوضح بطرس في نفس الرسالة، أن المجرمون يتألمون أو يكابدون عقاب جرائمهم "فلا يتألم أحدكم كقاتل، أو سارق، أو فاعل شر، أو متداخل في أمور غيره" (١ بط ٤ : ١٥). في المقابلة مع ذلك نجد أن المسيح تألم رغم أنه "لم يفعل خطية، ولا وجد في فمه مكر" (١ بط ٢ : ٢٢ ، ٢٣). إذًا فالخطايا التي حملها المسيح في جسده على الخشبة كانت هي آلامه البدلية في تحمله لعقوبة الخطايا عوضًا عنا.

إذًا فحمل المسيح للخطايا يعني حمله لعقوبتها ولعنتها وموتها. القس سامح موريس إذًا لم يصحح معلومة بل أنكر الحق الكتابي المتعلق بجانب مركزي في خلاص المسيح وهو تحمل المسيح للعقوبة!



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس