جيمز فيشر عن عقيدة بساطة الله كمظور تفسيري لما يُنسب لله من أجزاء جسمانية وصفات روحية

إن عقيدة بساطة الله لها أهمية بالغة بالنسبة للمسيحي الكتابي. وما نقصده بقولنا أن الله بسيط هو أنه روح محض غير مُركب من أجزاء مثلنا. فالإنسان مركب من جانب مادي (الجسد) وجانب غير مادي (الروح أو النفس). كما أنه جسده مركب من أجزاء أو أعضاء. لكن ليس هكذا الحال مع الله. فهو روح ليس به تركيب. وهذا بدوره يثير سؤال حول معنى ما يُنسب إلى الله من أعضاء جسمانية في الكتاب المقدس.

يستخدم فيشر بساطة الله كمظور تفسيري للإجابة عن هذا الأمر. ففي شرحه لدليل أجوبة وأسئلة ويستمينستر المختصر يقول:

س ١٤: بما أن الله أبسط وأنقى روح، فلماذا تُنسب إليه أجزاء من الجسم، مثل العينين والأذنين واليدين والوجه وما شابه ذلك في الكتاب المقدس؟

ج: يجب ألا تُفهم مثل هذه التعبيرات التصويرية بمعناها الحرفي، ولكن وفقًا لنطاقها وغرضها الحقيقيين؛ وهو تحديد بعض أعمال وكمالات الطبيعة الإلهية، التي تمثلها أعضاء الجسد هذه تمثيلاً باهتًا من بعض النواحي. وهكذا، عندما تُنسب العيون والآذان إلى الله، فإنها تدل على علمه المطلق؛ ويُشار بالأيدي للدلالة على قوته؛ ووجهه يشير إلى إظهار رضاه. وفي ضوء ذلك، يجب شرح الاستعارات الأخرى ذات الطبيعة المماثلة عند تطبيقها على الله.

وفيشر لا يستخدم عقيدة بساطة الله كمنظور لتفسير ما يُنسب له من صفات جسمانية فقط، بل لتفسير صفاته الروحية أيضًا. فصفات الله، كلامحدوديته وأزليته وبره، ليست أجزاء فيه، وليست شيء مختلف عن جوهره، بل هي الله نفسه. أو بالأحرى جوانب مختلفة في الجوهر الواحد اللامتناهي. ذلك لأن كل ما في الله هو الله. إن صفات الله المختلفة هي الطريقة التي نستعملها كبشر لوصف الغني الموجود في الجوهرالإلهي الواحد اللامحدود. وهذا يعني أن إعلان الله لنا عن نفسه من خلال صفاته لنا في الكتاب المقدس هو نوع التكييف أو التهيئة accommodation إذ تنازل الله فأعلن لنا عن الحقائق اللامحدودة المختصة بشخصه في لغة بشرية محدودة تستطيع استعياب تلك الحقائق الأزلية عنه. إن صفات الله المختلفة هي الطريقة التي أعلنها الله لنا لوصف "الكمال اللامتناهي الواحد للطبيعة الإلهية".

يشرح فيشر هذا الأمر في صيغة السؤال والجواب كالآتي:

س ٢٢: هل صفات الله هذه مختلفة عن الله نفسه أم أنها الجوهر الإلهي؟
ج: ليست مختلفة بأي حال من الأحوال؛ لأن كل ما في الله فهو الله. وبالتالي، فإن اللانهاية من كل كمال لا تنفصل عن الجوهر الإلهي. (أي أن كمال الله اللانهائي هو ذات جوهره الواحد)
س ٢٣: هل الصفات الإلهية قابلة للفصل عن بعضها البعض بحيث أن اللامحدود ليس أزلي، وما هو لامحدود وأزلي ليس غير متغير، وهكذا مع باقي الصفات؟
ج: كل كمالات الله، لكونها غير منفصلة عن الله، يجب أن تكون أيضًا غير منفصلة عن بعضها البعض. لأنه على الرغم من أننا، بسبب الضعف، يجب أن نفكر ونتحدث عنها بشكل منفصل، إلا أن كل منها معًا، إن أردنا أن نتحدث بشكل صحيح، ليست سوى الكمال اللامتناهي الواحد للطبيعة الإلهية، التي لا يمكن فصلها عنها، دون (الاضطرار للقول) أن الله ليس كاملاً بلا حدود، وهذا سيكون ذروة التجديف.

إذًا فصفات الله ليست أشياء منفصلة فيه، بل جوانب متمايزة لوصف الجوهر الواحد اللامنتاهي. إن كل صفة لله تعني شيئًا لباقي الصفات لأنها جميعًا زوايا لنفس الجوهر الواحد الصالح اللامتناهي.

وعليه، فإن عقيدة بساطة الله، التي قلما يتم التعليم بها، في غاية الأهمية للحق المسيحي. فهي المنظور التفسيري لكل الحق المختص بالله (ثيولوجي بروبر).

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس