العلاقة بين الوحي والعصمة




هل عصمة الكتاب المقدس هي أساس كونه وحيًا؟ أم أن الكتاب المقدس وحي لهذا فهو خالٍ من الأخطاء؟ بكلمات أخرى، أيهما نتيجة للآخر، الوحي أم العصمة؟ وأيهما يقود إلى الآخر، العصمة أم الوحي؟

خلاصة حجة المتشكك (في الصورة المرفقة) هو أن إثبات خلو الكتاب المقدس من الأخطاء لا يعني بالضرورة أنه موحى به. فهناك كتابات بشرية خالية من الأخطاء.

تعليق:

١ – المتشكك فهم العلاقة بين الوحي والعصمة بطريقة خاطئة. خلو الكتاب المقدس من الأخطاء ليس السبب في كونه وحيًا. بل العكس، لأنه وحي إلهي فنحن نتوقع عدم وجود أخطاء به. وهو كذلك فعلاً؛ خالٍ من الأخطاء. أي أننا نبدأ بالإيمان (بالإفتراض) أنه موحى به، وعدم وجود خطأ فيه هو نتيجة لإيماننا بذلك. وكتلخيص لذلك:

الكتاب المقدس كلام الله
الله لا يخطئ
إذاً الكتاب المقدس خالٍ من الأخطاء

أما عن كون الكتاب المقدس وحي من الله دون غيره من الكتابات فهذا يأخذنا إلى مسألة أخرى وهي القانونية والتي تتحدد بناء على معايير معينة (وهي ليست موضوعنا هنا).

٢ – أغفل المتشكك أن وراء كل إتهام بوجود أخطاء في الكتاب المقدس هذه الحجة:

الكتاب المقدس به أخطاء (معطى ١)
الإله لا يخطئ (معطى ٢)
إذاً الكتاب المقدس ليس وحيًا معصومًا (نتيجة)

نحن كبشر نقول عبارات صحيحة ودقيقة كثيراً. وكبشر أيضاً نقول أشياء خاطئة كثيرًا. وجود أخطاء في كتابات البشر شيء وارد وطبيعي. ونحن لا نتوقع خلوها من الأخطاء، أو حتى من الكذب المتعمد. فالمثل الانجليزي الشهير يقول: To err is human ، ونقول باللغة العربية: كل ابن آدم خطّاء. فالمثلين اعتبرا إمكانية الخطأ وضعًا طبيعيًا للإنسان.

لكن لا يمكن للإله الحقيقي أن يخطئ. يكفي أن يخطئ الإله خطأً واحدًا حتى لا تعتبره إلهًا. ولا سيما أن الخطأ المعلوماتي يتضمن خطأً أدبيًا؛ أي كذب. فيصبح حينها الإله غير عليم وغير صالح. إذًا، إثبات عدم وجود أخطاء في الكتاب المقدس يكون لنفي شبهة الأخطاء عنه، ومن ثم تفنيد معطى ١ الذي تأسست عليه الحجة بأكملها.

الخلو من الأخطاء توقع أساسي لكون شئ ما مكتوب موحى به. الخلو من الأخطاء ليس توقعًا أساسيًا لكون الكتابة بشرية من عدمها. على العكس فأن تثبت وجود أخطاء في كتابةٍ ما هو أن تثبت أن كاتبها بشر. وهذا ما يفعله ناقد الكتاب المقدس كما في الحجة السابقة.

الخلاصة هي أننا نؤمن أن الكتاب المقدس كلام الله، لهذا فهو معصوم. وليس أن الكتاب المقدس لا أخطاء به، لهذا فهو كلام الله. الإنسان يخطئ، لكن الإله الحقيقي لا يمكن أن يخطئ أو يكذب.

لَيْسَ ٱللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ.
(عدد ٢٣ : ١٩)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس