لماذا لا يمكن التوفيق بين شفاعة القديسين والتعاليم المختصة بشخص المسيح وعمله؟


إن تعليم الكنيسة التقليدية بشفاعة القديسين هو أمر لا يمكن التوفيق بينه وبين الحق الكتابي. بل هو ضد جوهر الإيمان المسيحي. ذلك ‏لأنه بمثابة الهجوم على كل من شخص المسيح وكفارته. بكلمات أخرى، فإن التشفع بالقديسين، يطعن في التعليم المختص بشخص ‏المسيح واتحاد الطبيعتين فيه (الكريستولوجي). كما أن التعليم بوساطة القديسين لهو هجوم على تعليم الخلاص (السوتيريولوجي). ‏
من حيث الكريستولوجي، أي التعليم المختص بشخص المسيح وطبيعتيه، المشكلة في شفاعة القديسين مزدوجة. فهي، من ناحية، ‏تطعن في بشرية المسيح، إذ تصوره على أنه إله غاضب أو صارم أو بعيد ولا يمكن الوصول إليه إلا من خلال العذراء الحانية أو ‏القديسين الودعاء. ومن ناحية أخرى، تطعن في ألوهيته إذ تنسب صفات الابن الأزلي، كلي الوجود والقدرة والحكمة، إلى البشر الذين ‏يتم الصلاة إليهم أو التشفع بهم. ذلك لأن الذين يصلون للقديسين يتوقعون أنهم يسمعونهم في أي مكان أو زمان وقادرين على معرفة ‏احتياجاتهم والاستجابة لهم. ‏

والطعن في كل من بشرية المسيح وألوهيته هو طعن في سر الاتحاد الهيبوستاتي العظيم، أي اتحاد الطبيعتين الإلهية والبشرية. وكأن ‏الابن الأزلي لم يتجسد. إلا أن الرب يسوع المسيح، لكونه إنسان محدود تألم في كل شئ مثلنا بلا خطية، هو رئيس كهنة عظيم قادر أن ‏يرثي للضعفات. ولكونه الابن الأزلي كلي القدرة والحكمة والوجود يسمع حتى أنات القلب التي لا يُنطق بها في أي زمان ومكان ليهبنا ‏بقدرته اللامحدودة عطايا حسب طبيعته الصالحة. ‏

من حيث السوتيريولوجي، أي تعليم الخلاص، لا يمكن التوفيق بين شفاعة القديسين وبين اتحاد المؤمنين بالمسيح. فكيف تطلب وساطة ‏شخص لديك به علاقة اتحاد مباشرة؟ أن تطلب وساطة أو شفاعة قديس هو أشبه بطلب الزوجة وساطة بينها وبين زوجها. فالمسيحي ‏في علاقة عهدية مباشرة مع المسيح مثل علاقة العريس بالعروس. وهو عضو في جسد المسيح له نفس كرامة باقي الأعضاء، وغصن ‏في المسيح الكرمة تصله نفس العصارة. أن تطلب شفاعة قديس هو أن تتنكر للوحدة بين المسيح وأعضاء جسده. ‏

أيضًا، إن كان ما يفصل الإنسان ويبعده عن الله هو الخطية، وإن كان المسيح قربنا إلى الله وصالحنا معه بدمه المسفوك، إذًا أن تضع ‏الفواصل أو المسافات بينك وبين المسيح، بسبب التشفع بالبشر، كأنك تقول أنه لم يحل مشكلة الخطية بعد. كفارة المسيح تعني أنه ‏عندما تمزق جسده بسبب الخطية انشق الحجاب الذي يفصلنا عن الله وصار به لنا قدومًا للآب. أن تتشفع بالقديسين هو أن تقول ‏بصورة غير مباشرة أن المسيح لم يحل مشكلة الخطية التي تفصل بيننا وبينه. ‏

إن أخذنا التعليمين معًا، أي ما يختص بشخص المسيح وعمله، تجسده وفداؤه، تصبح شفاعة القديسين أمر غير وارد بالمرة. إن المسيح ‏نزل إلينا بتجسده وصلبه حتى القبر. وصعد بنا في بشريته ليجلسنا معه عن يمين الله. فهل يوجد شفيع أعظم منه؟ بل هل يوجد شفيع سواه؟ بناء عليه، فإن تعليم ‏الكنيسة الأرثوذكسية بشفاعة القديسين لهو هجوم على ذات جوهر الإيمان المسيحي؛ أي ليس أقل من كونه هجومًا على شخص المسيح وعمله الكفاري. ‏

‏"يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح، الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع". (١ تي ٢ : ٥ – ٦)‏

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس