معني قول بولس "أوصيهم أنا لا الرب" (1 كو 7 : 12)


يدعي البعض أن هذا القول لبولس يعني أن ما ينطق به ليس وحيا، بل هو مجرد إجتهاد أو تأليف من جانبه. ولكن هذا ليس صحيح، فبولس كان يتحدث هنا عن قضية الطلاق التي سبق وأعطي الرب يسوع المسيح فيها بعض التعليمات المباشرة أثناء وجوده علي الأرض (مت 5 : 32)، وإذ ظهرت حالات جديدة في الكنيسة لم يوجد بخصوصها تعليمات مباشرة من الرب، إحتاج هذا إلي تعليمات جديدة من الرب، ولكنها ستأتي من خلال بولس. أي أن ما أراد بولس فعله هنا هو أن يوضح بأن هناك تعليمات مباشرة من الرب عن الطلاق وصلت إلينا من شفتيه المباركتين، وهناك تعليمات جديدة (من الرب أيضا) سُتنطق علي شفتي بولس بخصوص هذا الأمر.

وهذا يتضح لنا من قوله في عدد (10) من نفس الإصحاح "أما المتزوجون فأوصيهم لا أنا بل الرب أن لا تفارق المرأة رجلها"، فهذا هو الأمر الصريح الذي وصلنا من الرب يسوع مباشرة، وقد جاء ذلك في عظتة علي الجبل "وأما أنا فأقول لكم إن من طلق إمرأته إلا لعلة الزني يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني" (مت 5 : 32). أما في العدد الثاني عشر فيقول بولس "أما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب: إن كان أخ له إمرأة غير مؤمنة وهي ترتضي أن تسكن معه فلا يتركها"، وهذا هو الأمر الذي لم يتحدث فيه الرب عند حديثه عن الطلاق، ولكن الرب هنا هو من يتكلم أيضا، لا مباشرة بل من خلال بولس. وقد ذكر بولس هذا الأمر خصيصا بالمقابلة مع الوصية التي أخذها اليهود العائدين من السبي أيام عزرا الكاتب: "فلنقطع الآن عهدا مع إلهنا أن نُخرج كل النساء والذين ولدوا منهن حسب مشورة سيدي والذين يخشون وصية إلهنا وليعمل حسب الشريعة" (عز 10 : 3)، ففي هذه الحالة التي تزوج اليهود فيها وثنيات كان عليهم أن يُخرجوا نساءهم لانهم كانوا يعلمون جيدا الشر الذي ارتكبوه بزواجهم من غير يهوديات. في حين أن الحالة التي كان يتحدث عنها بولس هي زوجين كانا بعد في عدم الإيمان، ثم آمن أحدهما بالرب وظل الآخر غير مؤمنا، فعلي المؤمن إذا أن يظل ملتزما بالعلاقة ما دام غير المؤمن لا يريد الطلاق، وقد كان ذلك هو الأمر الذي لم يتحدث عنه الرب يسوع أثناء وجوده علي الأرض.

وسواء ما كان يقوله بولس أتي مباشرة من شفتي الرب أو من خلاله هو شخصيا ، فكل ما كتبه بولس كان وصايا الرب، وذلك بإعتراف صريح منه، إذ يقول في نفس الرسالة الأولي إلي كورنثوس "إن كان أحد يحسب نفسه نبيا أو روحيا فليعلم ما أكتبه إليكم أنه وصايا الرب" (1 كو 14 : 37).

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس