هادمين ظنونا (11)


هل يحتاج الطب أو التكنولوجيا في وجودهما أو تقدمهما إلي داروين؟؟

رأينا فيما سبق كيف أن الإيمان بإله خالق كلي الحكمة والمعرفة كان محفزا ودافعا للبحث والتطوير العلميين، وأن العلم التجريبي الحديث مدين بجذوره إلي ثقافة التزمت (علي الأقل اسميا) بالإيمان بالله. وأن الكثير من العماء المسيحييون أسسوا وطوروا العلمي التجريبي الحديث في عصر التنوير العلماني. هذا التطوير العلمي والتكنولوجي أثمر عن تطبيقات عملية واختراعات كثيرة. وكل تلك الإختراعات والتطبيقات العلمية والتكنولوجية إنطلقت جميعها بمعزل عن فرضية التطور، فلا واحدة منها احتاجت ولو بنسبة ضئيلة إلي العمل من خلال تلك الفرضية. وهذا سيكون موضوع بحثنا هنا. وأول سؤال يتبادر إلي الذهن هو:

هل هناك أمثلة عملية علي مخترعين مؤمنين بالله إنطلقوا في اختراعاتهم من إيمانهم بإله خالق ومبدع؟

طبعا لدينا بعض الأمثلة علي ذلك:

التليفون المحمول يعتمد في إختراعه علي نظرية الإشعاع الكهرومغناطسيسي والتي هي ثمار عمل العالم المسيحي جيمز كلارك ماكسويل. وبالمناسبة فماكسويل من بين من هاجموا الداروينية صراحة، ومعروف عنه أنه كان محافظا جدا في معتقده المسيحي فقاوم بشدة نظرية التطور واستطاع أن يطور معادلة رياضية دقيقة جدا لدحض نظرية السُدم للملحد الفرنسي لابلاس LaPlace . وقدم ردودا حاسمة وقاطعة علي الفلسفات التطورية لهربرت سبنسر (أبو الداروينية الإجتماعية) الذي كان من أشد المدافعين عن نظرية داروين. وبعد وفاته عثر علي صلاة مكتوبة بخط يده مكتوب فيها آيات سفر التكوين التي تتحدث عن خلق الإنسان علي صورة الله والوصية بالتسلط علي الأرض كدافعا لدراساته العلمية التي كان يقوم بها، وأيضا إحتوت إعترافا بإيمانه بالرب يسوع المسيح مخلصا شخصيا.

- الحاسب الآلي اختراع العالم تشارلس بابيدج الذي كان مسيحيا خلائقيا وقد آمن أن "دراسة أعمال الطبيعة بدقة علمية هي أمرا لازما - - وحيويا للإعداد ولفهم شهادتهم عن حكمة وصلاح خالقهم".


- الأخوان رايت اخترعا الطائرة بعد أن درسا التصميم الإلهي للطيور.

- اسحق نيوتن اخترع التلسكوب العاكس، اكتشف قانون التبريد الأسي.

- برنامج الهبوط علي القمر الذي قام به فيرنار فان براون الذي آمن بوجود مصمم للكون وقاوم فرضية التطور، مع جيمس ايروين الذي  وطئت قدماه القمر وكان مسيحيا كتابيا. (1)


لعل الطب في حاجة إلي فرضية التطور نظرا لأنها تختص بعلم الأحياء، هل يعتمد الطب علي التطور؟

ولا حتي الطب يعتمد في انجازاته وممارسته – ولو بنسبة ضئيلة –علي فرضية التطور. ولدينا من أقوال العلماء ما يؤيد ذلك:

- د. مارك كيرشنر المؤسس لقسم علم أنظمة الأحياء بجامعة هارفارد "في الحقيقة عبر المائة سنة الماضية تقريبا كل علم الأحياء (البيولوجيا) أحرز تقدما بإستقلال عن التطور، ما عدا الأحياء التطورية نفسها. فعلم الأحياء الجزيئي والكيمياء الحيوية والفسيولوجيا لم تأخذ أبدا في اعتبارها نظرية التطور". (2)


- مايكل اجنور أستاذ جراحة الأعصاب بجامعة ستوني بروك بعث بخطاب لطلاب مدرسة ثانوية يؤكد فيه أن الطبيب لا يحتاج أن يتعلم عن نظرية التطور لكي يمارس الطب، فتعرض لحملة من التشويه كادت تودي بمستقبله المهني. (3)


هل هناك أمثلة علي اكتشافات أو اختراعات طبية بواسطة علماء مؤمنين بالله لم يعتمدوا في اختراعاتهم علي فرضية التطور؟

بكل تأكيد لدينا أمثلة علي ذلك:

- التطعيم اكتشف بواسطة ادوارد جينر وذلك قبل أن ينشر داروين كتابه أصل الأنواع.


- التعقيم الجراحي أيضا ظهر بفضل الخلائقي جوزيف ليستر.

- التخدير أيضا عمل العالم جيمز يونج سيمبسون الذي آمن أن الله هو أول دكتور تخدير مستشهدا بذلك بما جاء في (تك 2 : 21).

- النظرية الجرثومية للمرض بواسطة لويس باستير المسيحي الذي أثبت خطأ نظرية التوالد التلقائي التي لا زال يؤمن بها الداروينيون إلي يومنا هذا.

- وفي يومنا هذا لدينا العالمان رايموند داميديان مخترع MRI Scanner ، وجون سانفورد مخترع مسدس الجينات. (4)


فما هو تأثير فرضية التطور علي مجال الطب إذا؟

لدي الداروينيين اعتقاد بأن هناك أعضاء مندثرة في الكائنات الحية (Vestigial Organs)، وأن هذه الأعضاء لا وظيفة لها الآن لأنها من بقايا الكائنات الأولية التي تطورنا عنها. وقد بلغ عدد تلك الأعضاء في وقت – بحسب ادعاءهم – مائة عضو، إلا أن هذا العدد أقل بكثير الآن. ومنها الزائدة الدودية ودرس العقل وعضلات الأذن والغدة التيموسية. وعلي سبيل المثال فهم يقولون أن الغدة التيموسية (Thymus Gland) هي عضو لا وظيفة له لأنه من بقايا التطور، أما الآن فالعلم الحديث يقول أن الغدة مسؤولة عن تكوين الجهاز المناعي.

ولا شك أن مثل هذا الإعتقاد فيه ضرر علي تقدم البحث العلمي في مجال الطب، فبدلا من أن يجد الباحث ما يحفزه علي البحث فإن عزيمته تصطدم بالإعتقاد أن هناك أعضاء هي بمثابة بقايا الكائنات البدائية الأولي وأنه لا وظيفة لها بل هي في طريقها إلي الإندثار تماما، وبالتالي فما فائدة البحث عن وظائف تلك الأعضاء طالما أنها كذلك.
كما أن هذا الإعتقاد لا يخدم فكرة التطور من البكتريا إلي الإنسان التي تحتاج اضافة كمية رهيبة من المعلومات الوراثية، إذ أن ما يحدث في اندثار الأعضاء هو فقدانها، وبالتالي فقدان الكائن الحي لخصائص ووظائف كانت متاحة له، وهذا عكس ما يحتاجه التطور لكي يتم. وذلك لأن التطور يكن من البسيط إلي المعقد، ولا يمكن أن يصبح البسيط أكثر تعقيدا إلا بالإضافة إليه.

بل إن الأكثر من ذلك خطورة هو اعتقاد الداروينيين أن الألم والصراع والموت هي آليات التطور التي لا يمكن أن يعمل بدونها. فالصراع والموت يقضي علي الكائنات الضعيفة التي لا تستطع التكيف والصراع من أجل البقاء، وبالتالي فلا حاجة لها لأن عدم وجودها يهيأ الفرصة للكائنات الأكثر قدرة منها علي البقاء وانتاج نسل أفضل وأقوي. وبذلك فالكائنات الضعيفة والمتألمة لا تستحق الوجود والحياة ومن ثم ينبغي تركها لتبيد. وفي نظرهم فإن آلية الصراع من أجل القاء (Survival of the fittest) هي المسؤولة عن مجئ الكائنات المتطورة والمعقدة من الكائنات الأقل منها تعقيدا، والبشر أنفسهم جاءوا بنفس الطريقة. وهذا ما يؤكده كارل سيجان بقوله "الوقت والموت هما سر التطور". والسؤال هنا لا ينبغي أن يكون فقط كيف يخدم مثل هذا الإعتقاد الطب؟ بل: ألا يصبح بذلك الطب مجالا لا طائلة من تحته لأنه يعرقل عملية الصراع من أجل البقاء ومن ثم التطور؟

فما هو الظن الذي نريد هدمه في حلقتنا هنا؟ الظن الذي نريد هدمه هنا هو أن الكتاب المقدس عائق أمام التطوير العلمي، وهذا طبعا غير صحيح، بل إن فرضية التطور هي التي لها الآثار السلبية علي البحث العلمي، ولسنا في حاجة إلي تكرار ما قلناه بأن مبادئ الإيمان الكتابي كانت محفزا ومشجعا للعلماء علي التطوير والبحث العلمي. وفي النهاية أحب أن أطرح هذا السؤال علي اخوتي الدراونة: إن كانت فرضية التطور علما مثبتا كما يدعي أصحابها فلماذا لا يوجد إذا أي تطبيقات عملية أو اختراعات أو اكتشافات لهذا العلم؟ ونحن من هنا نريد أن نتحدي أي دارويني بأن يسمي لنا اختراعا واحدا انطلاقا من فكرة التطور من المكيروبات إلي الإنسان.



(1) The Greatest Hoax on Earth?
Refuting Dawkins on Evolution, A response to The Greatest Show on Earth: the evidence for evolution, Chapter 17: Evolution, science, history and religion, by Jonathan Sarfati
(2) 15 Questions for Evolutionists, Evolution: the naturalistic origin of life and its diversity by Don Batten
http://creation.com/15-questions
(3) The Quest for Absolute Truth: Encouraging You to Stand Up! So We Can Restore America by Russell A. Newman
(4) The Greatest Hoax on Earth?
Refuting Dawkins on Evolution, A response to The Greatest Show on Earth: the evidence for evolution, Chapter 17: Evolution, science, history and religion, by Jonathan Sarfati

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس