من يدعون بأن تعليم البدلية العقابية تعليم مستحدث ولم يظهر سوي في العصور الوسطي يناقضون أنفسهم


علي فرض أن هذا صحيح، أليس الأكثر معقولية من إنكار أصالة البدلية العقابية هو القول بأن التعليم كان لا خلاف عليه حتي أن الآباء لم يكتبوا فيه بإستفاضة خاصة وأن معظم كتابات الآباء كانت بغرض التصدي للهرطقات التي ظهرت في القرون الأولي؟ أليس من الطبيعي أن تريق الأقلام اللاهوتية مدادا علي القضايا الغير متفق عليها أكثر من تلك التي لا خلاف عليها؟
وعلي فرض أيضا أن البدلية العقابية ظهرت في العصور الوسطي، لماذا لم نري أي من آباء تلك الحقبة الآخرين يتصدي لهذا التعليم لو كان حقا دخيلا علي المسيحية؟ لماذا لم نسمع هجوما علي هذا التعليم سوي مؤخرا؟
وبغض النظر عن كون الكتابات الرسولية الموجودة في الكتاب المقدس موحي بها أم لا، ألا يمكن إعتبارها علي الأقل كتابات آبائية ترقي إلي نفس المستوي الفكري لباقي كتابات الآباء الأخري؟ وأليس من العدل القول أن ما كتبه الرسل له ثقلا أكثر مما كتبه باقي الآباء نظرا لأن الرسل عاصروا المسيح وتقابلوا معه مباشرة خاصة وأنه في وقت الرسل لم يكن من المحتمل أن يكون قد أصاب الرسالة المسيحية أي تشويه بالإضافة إليها أو الحذف منها؟
وإن سلمنا بصحة الإدعاء بأن عقيدة البدلية العقابية دخلية علي المسيحية لأن الآباء لم يكتبوا عنها، أليس من المعقول أيضا أن يثبت القائلين بهذا الإدعاء أن كتابات الآباء حصرية وأنهم كتبوا في كل ما يتعلق بالمسيحية وبكل ما جاء في الكتاب المقدس؟
وإن فرضنا صحة القول بأن البدلية العقابية مستحدثة لأنها غائبة عن كتابات الآباء، فهل معني ذلك أن أي شئ يغيب من كتابات أحد هو دليل علي عدم حدوثه أو عدم إعتقاد هذا الشخص به؟ إن كان كذلك فالإدعاء بعدم حدوث قتل هيردوس لأطفال بيت لحم نظرا لعدم وروده في كتابات يوسيفوس يكون صحيح.
ومع ذلك فهناك من آباء القرون الأولي من كتب حول البدلية العقابية، علي سبيل المثال:
يوسابيوس القيصري في القرن الثالث "وحمل الله .. عوقب نيابة عنا وتحمل قصاصا لم يستحقه، بل كان من إستحقاقنا نحن بسبب كثرة خطايانا، وهكذا صار هو سبب غفران خطايانا، لأنه تحمل الموت عنا، ونقل إلي نفسه الجلدات، والإهانات، والعار، التي كنا نستحقها، وجلب إلي نفسه اللعنة الواجبة، إذ صار لعنة لأجلنا"

إمبروسيوس من القرن الرابع "وحينئذ إتخذ يسوع جسدا حتي يبيد لعنة الإنسان الخاطئ، وصار لعنة لأجلنا حتي تغمرنا البركة، وحتي ما يبتلع البر الخطية، وحتي ما يسحق الغفران العقوبة، وحتي ما تغلب الحياة الموت. وهو أيضا أخذ الموت حتي ما تتم العقوبة ولكي ما تُعمل الترضية من أجل الدينونة، اللعنة الموضوعة علي الخاطئ إلي وقت موته. لذلك فلم يفعل شئ مناقض للعقوبة المفروضة من الله حينما أنجزت متطلبات تلك العقوبة، لأن اللعنة كانت إلي الموت أما النعمة فكانت بعد الموت"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس