تَعَنُّتْ المتشكك ضد الإعلانات الإلهية


ما هو الدليل على كون الكتاب المقدس كتابًا موحى به من الله؟ الدليل ليس السجل الأحفوري، وليس في الإكتشافات الأثرية، ولو أن هذه الأشياء، مع أهميتها، فعلاً تشهد على صدق كلمة الله. لكن الدليل في الكتاب المقدس نفسه. الكتاب المقدس هو الذي يشهد لنفسه self-authenticating . نحن لا نستطيع أن نجعل مصداقية الكتاب المقدس مرهونة بأشياء أخرى. وليس بإمكاننا أن نجعل الدليل على كون الكتاب إلهيًا هو أمر خارج عنه. إذ بذلك نُخْضِع كلمة الله لشيء آخر. وكأن الله يحتاج إلى مصادقة على حقه من كائن آخر.

إن النور والجمال والحق والصدق والاتساق والقوة والفعالية والحياة الذين في الكتاب المقدس يشهدون له. ونستطيع أن نجد قياس على هذا الأمر في الكلمة المتجسد. نحن لم نؤمن بالرب يسوع، الكلمة المتجسد، بسبب أية أدلة تاريخية، بل لأننا بالإيمان رأينا النور والجمال والحق والقوة والخلاص والحياة الذين فيه. إن صفات الرب يسوع هي التي تشهد لنفسها. والمسيح هو الشاهد لنفسه. نحن لم نجعل المسيح الله، بل هو الله لذلك انحنينا خضوعًا لألوهيته. بالمثل، نحن لم نجعل الكتاب المقدس كتابًا إلهيًا معصومًا، بل وجدناه كذلك، فخضعنا لرسالته الإلهية.

تطبيقًا لذلك، لا عجب أن المتشكك إذًا، أيًا كان ملحد أو لاديني أو مسيحي ليبرالي، يرفض كافة إعلانات الله عن نفسه. إنه يطعن في الكتاب المقدس فيقول أن به أخطاء. والإنسان طعن جنب الرب يسوع المسيح نفسه، والمتشكك في أفضل صوره ينكر ألوهية المسيح معتبرًا إياه مجرد معلم أخلاقي. ويقول عن إعلان كتاب الطبيعة (الخليقة) أنه يبدو مُصَمَّم ولكنه في الحقيقة ليس كذلك بل هو نتاج التطور والعشوائية. هذا ما قاله رئيس كهنة الإلحاد ريتشارد دوكينز بالفعل. إنهم ينكرون حتى التصميم والجمال الموجودان في الطبيعة.

وهذا يدل على التَّعَنُّتْ لدى المتشكك تجاه الله وحقه. فهو مُصِرُّ على رفض كافة إعلانات الله عن نفسه. إن كان يرفض التصميم الموجود في الطبيعة فيقول عنه أنه مجرد وهم، فهذا يزيد من احتمالية رفضه لشهادة الكتاب المقدس عن نفسه، ولا سيما أن به أمور عسرة الفهم. لهذا، فإن لم يصدق الإنسان موسى والأنبياء، أي أسفار العهد القديم، لو قام له واحد من الأموات لن يصدق. لأنه لا يريد أن يصدق الحق. الحق، سواء كان مكتوبًا، أو متجسدًا، أو مُعْلَنًا في الخليقة، هو من مصدر واحد.

التَعَنُّت ضد إعلانات الله عن نفسه يؤكد لنا أن مشكلة المتشكك قلبية في الأساس. إنه يرفض سلطان الله، لهذا يرفض إعلاناته. الخطية في جوهرها، رفض سلطان الله المتمثل في الوصية، وإعلاء الذات كإله بدلاً من الله. لهذا قال الآباء أننا نؤمن لكي نفهم وليس العكس. الحل لتعنت المتشكك إذًا هو أن يخضع بالإيمان للمسيح فَيُعْطَىَ له نور الإيمان الذي يمكنه من الرؤية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس