هل مات المسيح لأننا مستحقون أم مات ليجعلنا كذلك؟


إن الادعاء بأن المسيح مات عنا لأننا مستحقون، أو لأنه رأى فينا جمال ما أو قيمة ما، هو تعبير ضد كل من النصوص الكتابية، وضد اللاهوت الكتابي. وكمثال على نص كتابي يعلّم بأن المسيح مات ليس لأننا مستحقون بناء على قيمتنا أو جمالنا، لكن بالرغم من عدم استحقاقنا، بل ولكي يجعلنا مستحقين:

"الجميع زاغوا وفسدوا [صاروا بلا قيمة، بلا استحقاق] معًا. ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد" (رو ٣: ١٢). الكلمة اليونانية (ἀχρειόω) والتي ترجمها فانديك "فسدوا"، تُرجمت في الترجمات الإنجليزية الحديثة والمحافظة إلى (worthless)، أي "بلا قيمة".

إن هذا المعنى يأتي كصدمة لكل الذين ينادون بأن المسيح صُلب من أجلنا لأنه رآنا مستحقون موته، أو أنه رأى فينا قيمة ما أو جمال ما. لكن، لم يمت المسيح عنا لأننا مستحقون موته، بل لكي يجعلنا مستحقون. وكمثال لنص كتابي آخر، يقول بولس أيضًا أن المسيح مات ليس لأننا مستحقون، بل بالرغم من عدم استحقاقنا: "فإنه بالجهد يموت أحد لأجل بار، ربما لأجل الصالح يجسر أحد أيضًا أن يموت. ولكن الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا" (رو ٥ : ٧ - ٨). وهذا النص الأخير يقودنا منطقيًا إلى النقطة التالية:

إن الادعاء باستحقاق الإنسان لموت المسيح ليس فقط ضد النصوص الكتابية، بل أيضًا ضد مفهوم النعمة. فإن كنا نرى أن المسيح جاء ليفدينا لأنه رآنا مستحقون بسبب قيمتنا أو جمالنا، فنحن، إذًأ، لا نحتاج إلى الفداء من الأساس. أن تقول أن المسيح فداك أو صُلِبَ عنك لأنك مستحق فهذه جملة متناقضة ذاتيًا. المسيح فدانا بالرغم من عدم استحقاقنا وليس لأننا نستحق شىء. نحن لا نستحق سوى الموت وليس فينا سوى القبح لأننا متمردون على الله. إن كنا مستحقين موت المسيح لأجلنا، فهذه إذًا ليست نعمة. أن تقول لمن دفع عنك الديون التي جلبتها على نفسك، ولا تستطيع سدادها، بأنك تستحق سداده لتلك الديون عنك هو نوع من الكبرياء غير المبرر.

يرى بيلاجيوس، الذي يعلم بأن الإنسان لم يرث الخطية الأصلية، لأنه لم يفقد بِرَّهُ الأصلي، أننا لسنا في حاجة إلى النعمة، وأن المسيح مات كمثال لنا، وليس كفارة عن خطايانا. وعليه، أن تقول أن المسيح مات لأجلك لأنك مستحق، هو أن تتفق مع بيلاجيوس في تعليمه بعدم فساد الإنسان ومن ثم عدم حاجته إلى النعمة.

لكن قد يقول قائل: إن المسيح رآنا مستحقون للفداء لأننا مخلوقون على صورة الله ومثاله. إلا أن كون الإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله أمر في حد ذاته لا يؤهله ولا يجعله مستحق أي شىء من الله. صورة الله في الإنسان في حد ذاتها نعمة لأننا لم نكتسبها بمجهوداتنا. صحيح أننا لم نكن قد فعلنا خيرًا أو شرًا حين أعطانا الله صورته، إلا أن مجرد تنازل الله لكي يهب مخلوق آخر صورته الأدبية (فهو لم يهبها للحيوانات)، هو في حد ذاته نعمة. ثم أن صورة الله في الإنسان تشوهت بالخطية فصار مستحقًا للموت. وبالتالي أصبح الإنسان تحت نعمة الله مرتين. مرة لأنه أخذ صورة الله دون أن يفعل شىء. ومرة أخرى لأنه شَوَّه الصورة الأدبية التي أخذها من الله إلا أن المسيح مات من أجله.

لهذا يقول لوثر أن المسيح مات ليس لأجل أي قيمة أو جمال أو استحقاق فينا، بل بالرغم من قبحنا، بل ولكي يخلق فينا جمالاً: "إن محبة الله لا تجد ما يسرها فينا، ولكنها تخلقه. أما محبة الإنسان فَتُخْلَق بواسطة ما يسرها" (مناظرة هايدلبرج ١٥١٨). فكما خلقت محبة الله فينا صورته الأدبية عند الخلق، قبل أن نفعل خيرًا أو شرًا، عادت فخلقت فينا إنسانًا جديدًا مخلوقًا حسب جمال المسيح، رغم القباحة التي كانت فينا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس