(٢) الفكر الأرثوذكسي الشرقي للدكتور ماهر صموئيل

لماذا ينكر الدكتور ماهر صموئيل الجانب القضائي لنيابية آدم ويعلّم بدلاً منه بالعلاقة العضوية؟

في المقال السابق أبرزت أن الفكر الذي ينادي به الدكتور ماهر صموئيل، في عظاته، حول عقيدة الإنسان، والمتمثل في خلق إنسان غير مكتمل الخلق أو التطور، ثم إنحرافه عن مسار اكتماله، إلى أن جاء المسيح لكي يرد له إنسانيته، هو فكر أرثوذكسي شرقي (أنظر مقال: لماذا يتحدث الدكتور ماهر صموئيل دائمًا عن الخلاص باعتباره استرداد الإنسان لإنسانيته؟). في هذا المقال الحالي، وبالارتباط مع ما سبق، سنوضح هنا كيف يرى الدكتور ماهر صوئيل السقوط فيما يخص علاقتنا بآدم.

وقبل أن نبين كيف يرى الدكتور ماهر صموئيل سقوط الإنسان، وطبيعة ارتباطنا بآدم، وكيف أن هذا مأخوذ من الفكر الأرثوذكسي الشرقي، سنستعرض أولاً التعليم الإنجيلي المصلح حول هذا الأمر. وذلك لكي نرى مدى إختلاف ما يعلمه الدكتور ماهر صموئيل عن المنهج الإنجيلي الكتابي. وتجنبًا للإطالة والتكرار، وبدلاً من اقتباس أكثر من إقرار إيمان مصلح، اخترت إقرار الإيمان المعمداني ١٦٨٩ كنموذج للتعليم البروتستانتني الموجود في الكثير من إقرارات الإيمان المصلحة.

يؤكد إقرار الإيمان المعمداني على الطبيعة القضائية للسقوط بقوله أن آدم أُعْطِيَ لا ناموس واحد فقط، بل ناموسين، الناموس المكتوب في قلبه، والأمر (أو بالحري النهي) الصريح الذي أُعْطِيَ له من الله بعدم الأكل من الثمرة المحرمة:

"كان (آدم وحواء) لديهما ناموس الله مكتوبًا في قلوبهم، وكان لديهما القوة لإتمامه. ومع ذلك، فقد كانا لا يزالان بإمكانهما التعدي على الناموس، لأنهما تُركا لحرية إرادتهما، والتي كانت عرضة للتغيير. بالإضافة إلى الناموس المكتوبًا في قلوبهم، تلقيا أمرًا (وصية) بعدم الأكل من شجرة معرفة الخير والشر".

إلا أن آدم، وامرأته، بأكلهما من الثمرة المحرمة، تعديا على كلا الناموسين:

"تصرف آدم دون أي إكراه خارجي وتعدى عمداً على (كل من) ناموس خلقهما والأمر المعطى لهما، بالأكل من الثمرة المحرمة".

كان آدم فيما فعل ممثلاً، ونائبًا، ورأسًا عهديًا لكل الخليقة من بعده:

"بهذه الخطية، سقط آبوينا الأولين من برهما الأصلي وشركتهما مع الله. وسقطنا فيهما، وبهذا حل الموت على الجميع. وماتوا جميعًا في الخطية وتنجسوا تمامًا في جميع قدرات وأجزاء الروح والجسد".

وهذا التمثيل النيابي بواسطة آدم لكل البشر، ليس مجرد ارتباط صوفي أو عضوي أو سري، بل هو بالتحديد تمثيلاً قانونيًا أو قضائيًا بصفة أساسية:

"وبتعيين الله، كانا (آدم وحواء) أصلان وممثلان للجنس البشري بأسره. لهذا السبب، تم احتساب ذنب خطيتهما، وانتقلت طبيعتيهما الفاسدة، إلى جميع ذريتهما الذين انحدروا منهما عن طريق التناسل الطبيعي. نسلهم الآن في الخطية وهم بطبيعتهم أبناء الغضب ...".

على خلاف التعليم الإنجيلي المصلح بعلاقتنا بآدم كرأس عهدي وقانوني لنا، كما أوضحنا في السطور السابقة، يعلّم الدكتور ماهر صموئيل بالفكر الأرثوذكسي الشرقي بوجود علاقة عضوية أو سرية مع آدم، بل وبين البشر وبعضهم البعض. يقول الدكتور ماهر صموئيل:

"إزاي آدم أخطأ من آلاف السنين، وخطيته تؤثر عليّ النهاردة. والسؤال التاني، وإيه معنى إن المسيح مات من ألفين سنة، وأثر موته ممكن يكون عليّ. إذا لم تفهم فكرة أن هذا الكون مركب مرتبط بعضه ببعض، بحيث إن أي فعل يُفعل في أي مكان، له تأثير على الكل، لن تستطيع فهم معنى الخطية، ولن تستطيع فهم معنى الصليب. ارجع تاني وإقرا فكرة أثر الفراشة. رفرفة جناح فراشة في البرازيل قد يؤدي إلى عاصفة في تكساس. وعندما قرر أبي، أبي الأول، أن يستقل عن الله، من آلاف السنين، ها أنا أعاني الأثر إلى اليوم. وعندما أحبني المسيح، وتوحد معي ومات من أجلي على الصليب، من ألفي عام، كنت أنا فيه، وكان هو في، على المستوى الروحي. وعشان كده أنا بختبر أثر جناح الفراشة الذي رفرف هناك في الجلجثة. أول فكرة ماتبسطش. تاني فكرة، تذكر أن الأمور كلها متداخلة، فلا فاصل في الزمان والمكان بين الأحداث". (فيديو بعنوان: تأثير خطية آدم وموت المسيح الكفاري علينا كبشر)

إن الدكتور ماهر صموئيل لا يعتقد بوجود وحدة عهدية قضائية بيننا وبين آدم، كما نرى في التعليم المصلح. بل ارتباط عضوي بين الخليقة وبعضها. فالطريقة التي يؤثر بها جناحا الفراشة في البرازيل (أميريكا الجنوبية)، على عاصفة في تكساس (أميريكا الشمالية)، هي ذاتها الكيفية التي أثرت بها خطية آدم علينا. الأمر الذي يمكن أن تطلق عليه لاهوت قطعة الدومينو. إنها أشياء بحكم ارتباطها مكانيًا وزمانيًا، تؤثر "حركتها" في باقي الخليقة. إنه ارتباط عضوي أو صوفي أو سري وليس تمثيل نيابي قانوني لآدم كالرأس العهدي للجنس البشري.

هذه العلاقة العضوية بين آدم ونسله، وبين البشر وبعضهم، عبر عنها الدكتور ماهر صموئيل أيضًا بصيغة مختلفة في مناسبة اخرى بقوله:

‏"هذا هو الشر، هذه هي كارثة السقوط، التي نعاني منها إلى اليوم. في كل مرة تدي لروحك الحق إنك تحكم على حاجة خير أو الشر، ‏بدون الرجوع إلى الله، أنت تعيش من جديد تجربة السقوط، أن تعمق السقوط في هذه الخليقة، أنت تدعم السقوط في هذه الخليقة، أو ‏تدعم سقوط الخليقة، أن تسهم في انتشار حالة السقوط وحالة الخطية. كتير بقول التشبيه ده: في بصمة للخالق في الخليقة. بصمة ‏الخالق باينة في الخليقة الجميلة. تلاقيها دايمًا دايمًا كده. تروح للذرة، تروح للخلية، تروح للمجرة، تروح للمجموعة الشمسية، تروح ‏لأي حاجة. تلاقي في نواة، مركز، وحواليها توابع. وكل الصفات والخصائص الكيمايئية أو الحيوية، وكل الوظائف النافعة، التي ‏تمارس، تعتمد اعتمادًا كليًا، على تبعية التوابع للمركز". ‏(عظة السقوط والصليب)

طبقًا للعبارة الأخيرة، فهناك نوع من العلاقة السرية أو العضوية بين أجزاء الخلية أو الذرة أو المجموعة الشمسية. وعليه فإن سقوط إنسان، وليكن آدم، يؤثر على باقي الخليقة، لا كرأس عهدي، ولا من خلال علاقة قانونية أو تمثيل نيابي، بل كجزء من منظومة مترابطة عضويًا وسريًا.

لهذا ينفي الدكتور ماهر صموئيل في التصريح الآتي الطبيعة القانونية والعهدية لعلاقتنا بآدم، بل وينفي الجانب القانوني عن سقوط آدم نفسه. فآدم نفسه لم يُعاقب بالموت، بل تحمل عواقب سلوكه عكس الوصية الأبوية الحبية (كما أكد في عظة السقوط والصليب). في إجابته على سؤال شاب "ما ذنبا في وراثة ذنب آدم الذي لم نفعله" يقول الدكتور ماهر صموئيل:

"أولا إحنا لم نرث عقوبة، لكن ورثنا نتائج. في فرق كبير أوي بين إن الخطية لها عقوبة، والخطية لها نتائج. أنا لو عندي واحد مدمن، هذا المدمن، بسبب إدمانه يكسر القانون، فيتعرض ربما لعقوبة السجن. لكن في نفس الوقت هذا الشخص بسبب إدمانه، كان للإدمان نتائج مدمرة على عائلته. نحن لم نرث من آدم عقوبة مطلقًا. لكن ورثنا من آدم نتائج خطيته. بل إن حتى آدم نفسه، لم يأخذ العقوبة، لأن الله قدم له الذبيحة، وكساه بالرداء. لكن ما أخذه آدم هو النتائج. يبقى حكاية إن مفيش حد يتحمل ذنب حد تاني، ده مبدأ صحيح والكتاب المقدس أقره في حزقيال ١٨ واضح جدًا. موضوع آدم ليس إطلاقًا توريث عقوبة، واحد غلط والتاني يشيل ذنبه، لكن مبدأ تحمل النتائج في عيلة، مبدأ موجود. لما أنا كأب أخطيء في قرارتي أولادي يتحملوا نتائج أخطائي. فأنا لست وحدي في هذا الكون، ثم إني كائن مسؤول، وعلى قدر اتساع مسئوليتي، على قدر اتساع مدى الدمار والنتائج التي ستلحق بالذين حولي. مبدأ أن الخطأ له نتائج، وأن هذه النتائج لا تعمل عليك وحدك لأنك لست وحدك في هذا الكون ... ". (الحلقة ١٨ من "ممنوع تفكر" – الخطية ... بالوراثة)

على الرغم أن المجال لا يتسع لنا لتفنيد هذا الكلام، إلا أننا لا نستطيع أن نمر عليه مرور الكرام. يرتكب الدكتور ماهر صموئيل هنا خطأين. الأول هو افتراض أن علاقتنا بآدم تساوي علاقة المدمن بعائلته. المدن ليس رأسًا عهديًا وقانونيًا لأسرته، على الأقل ليس كما كان آدم بالنسبة للخليقة طبقًا للتعيين الإلهي المعلن في الكتاب المقدس. الخطأ الثاني هو أن الدكتور ماهر صموئيل يضعنا في مأزق مفتعل بين العقوبة والعاقبة. لسنا مضطرون للاختيار بين الإثنين. الموت واللعنة عقوبة وفي نفس الوقت عاقبة. الموت واللعنة هما عقاب الله على تعدى الإنسان على الناموس الذي في قلبه، وعلى الأمر الذي أعطاه الله له. وفي نفس الوقت عاقبة جلبها الإنسان على نفسه بإختياره ذلك. لكن الدكتور ماهر، على غير حق، يريد أن يحصرنا في اختيارًا واحدًا، لأنه يسعى لاستبعاد الجانب القضائي من المشهد. ثم أن كساء الله لآدم بجلد الذبيحة، ليس معناه أن آدم لم يُعاقب. فإن كان التحذير "يوم تأكل منها موتًا تموت" قد تم بالفعل، أولاً بموته الروحي وخروجه من الجنة. وثانيًا بموته الجسدي الذي ابتدأ يعمل فيه من لحظة السقوط، إذ صار جسده مائتًا (كما يشير بولس في قرينة حديثه عن سقوط آدم ١ كو ١٥ : ٥٣ – ٥٤)، إلى أن انفصلت روحه عن جسده "آدم .... مات" (تك ٥ : ٥). فضلاً عن اللعنة المباشرة من فم الله "ملعونة الأرض بسببك". أما لماذا لم يذهب آدم إلى الجحيم مباشرة، فهذه من مراحم الله. ولعل هذا ما فعلته الذبيحة، فضلاً عن أنها كانت لإخفاء خزيه. لكن يظل أن الذبائح الحيوانية لا تزيل الخطية (عب ١٠ : ٤).

إن علاقة آدم بنا إلى وقت خروجه من عدن، ليست هناك أي علاقة أخرى تشبهها، سوى علاقتنا بالمسيح. فآدم كان رأسًا عهديًا، ونائبًا قانونيًا عنا، إلى الوقت الذي أخطأ فيه وطُرِدَ من الجنة. ولهذا لا يمكن قياس هذه على علاقة أب مدمن بأبناءه. إن العلاقة النيابية القانونية التي ينكرها الدكتور ماهر صموئيل يثبتها بولس في رومية ٥ وفي كورنثوس الأولى ١٥. ويضع علاقتنا بآدم، في مقابلة مع علاقتنا مع آدم الأخير، الإنسان الثاني. أن تنكر العلاقة النيابية لآدم الأول مع نسله، هو أن تنكرها لآدم الثاني مع مختاريه الذين يمثلهم. الأكثر من كل ذلك، هو أن بولس يؤكد على وراثتنا لحكم الموت: "فإذًا، كما بخطية واحدة، صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة، هكذا ببر واحد صارت الهبة إلى جميع الناس، لتبرير الحياة" (رو ٥ : ١٨). كلمة حكم في العدد السابق هي "كاتاكريما" وتُرجمت في ترجمات إنجليزية كثيرة إلى condemnation أي "دينونة". كما أن بولس هنا يضع الخطية الواحدة (أكل آدم من الثمرة المحرمة) التي أدت الدينونة، في مقابلة مع البر الواحد "لتبرير الحياة" بواسطة نيابية المسيح كرأس عهدي وقانوني للخليقة الجديدة. إن بولس يقابل حكم قضائي تسبب به الرأس العهدي الأول، ألا وهو الدينونة بسبب عصيانه، مع حكم قضائي آخر ألا وهو التبرير، تسبب به الرأس العهدي الثاني بسبب طاعته وموته.

إن الدكتور ماهر صموئيل ينكر الجانب القضائي الناموسي من السقوط، ليعتنق بدلاً منه السقوط كمرض أو خلل أو تشوه. صحيح أن السقوط تشوه وخلل وفساد، إلا أن هذا لا يجعلنا مضطرون لاستبعاد الجانب القضائي من السقوط والذي هو جانبًا مركزيًا فيه. لكونه مؤسس على التعدي على ناموس الله كما أعطاه إلى آدم، في قلبه، وفي الوصية الصريحة. يقول الدكتور ماهر صموئيل:

"السقوط هو رفض الإنسانية ورغبة في الالوهية. التجسد هو اختيار الانسانية وإخفاء الالوهية".

"في السقوط قمة تأله الإنسان، في الصليب قمة تأنس الإله".

إن ما ينتج عن رؤية السقوط كفساد فقط، وليس كتعدي على الوصية يستوجب الموت والدينونة بصفة أساسية، يؤدي إلى نظرة متمركزة حول الإنسان كما جاءت عبارة الدكتور ماهر كاشفة عن هذا المنظور "رفض الإنسانية". إن الدكتور ماهر يعرف ما هو الإنسان بالإشارة إلى الإنسان نفسه، وليس بالإشارة إلى الله وناموسه.

على أن هذه النظرة العضوية لعلاقة آدم بالخليقة، ومن ثم النظرة العلاجية للسقوط (السقوط مرض يحتاج إلى الشفاء)، التي يعلم بها الدكتور ماهر صموئيل، تجد جذورها في الفكر الأرثوذكسي الشرقي الذي الذي يعتنقه وإن لم يقل ذلك صراحة.

على سبيل المثال، يقول الأسقف الأرثوذكسي كاليستوس وير، والذي يُعتبر كتابه عن الأرثوذكسية الشرقية وثيقة رسمية للتعريف بهذه العقيدة:

"من خلال الابتعاد عن الله، الذي هو الخلود والحياة، وضع البشر أنفسهم في حالة مخالفة للطبيعة، وأدت هذه الحالة غير الطبيعية إلى تفكك حتمي لكيانهم، وفي النهاية إلى الموت الجسدي. امتدت عواقب عصيان آدم إلى جميع نسله. لم يتوقف الرسول بولس عن إصراره على أننا أعضاء لبعضنا البعض، وإذا كان أحد الأعضاء يعاني فإن الجسد كله يعاني. بفضل هذه الوحدة السرية للجنس البشري، لم يخضع آدم وحده للموت، بل البشرية جمعاء. كما أن التفكك الذي أعقب السقوط لم يكن مجرد تفكك مادي. فإن آدم ونسله، بالإنفصال عن الله، صاروا تحت سلطان الخطية والشيطان. يولد كل إنسان جديد في عالم تسود فيه الخطية في كل مكان، عالم يسهل فيه فعل الشر وصعوبة فعل الخير". [1]

إن كاليستوس هنا يقيس علاقة البشر بآدم، على العلاقة السرية للكنيسة بالمسيح الرأس. والكتاب لا يعلّم في أي مكان فيه أن البشر الخطاة أعضاء بعضهم البعض. فهذه العلاقة تخص الكنيسة وحدها. إلا أنه ما يهمنا هنا أكثر هو أن الأرثوذكسية الشرقية تنكر العلاقة القانونية العهدية بين آدم ونسله، وبدلاً من ذلك تعلّم بنوع من الارتباط العضوي الصوفي. هل لاحظت أيضًا أن كاليستوس يصف ما لآدم ولنا على أنه "عواقب" وليس عاقبة. وأن هذه العواقب جاءت لا كمخالفة أو تعدي على الناموس، بل "مخالفة للطبيعة".

نفس هذا المفهوم نجده في موسوعة الأرثوذكسية الشرقية:

"بما أن البشرية بأكملها من صنع الله، وموجودة بشكل كامل في شركة معه، فإن البشرية نفسها مخلوقة من أجل الوحدة. من سمات فكر آباء الكنيسة هو أننا نقرأ فيها ترابط البشرية من خلال تشبيه القديس بولس بجسد واحد له أعضاء كثيرين (رومية ١٢ : ٤). بدلاً من اعتبارها كائنات مستقلة في ارتباط اجتماعي أو أخوي، تميل الكتابات الآبائية إلى معاملة البشرية ككيان عضوي واحد – ‘عرق واحد’ من ‘دم واحد’ – والذي يختبر مزايا وعيوب في نفس الوقت بالارتباط بهذه الوحدة". [2]

إن القول السابق بأن الوحدة، التي ليست عهدية قضائية، بل صوفية عضوية، بين أعضاء الجنس البشري الواحد، لم تزل قائمة رغم السقوط، يشبه إلى حد كبير قول الدكتور ماهر "إذا لم تفهم فكرة أن هذا الكون مركب مرتبط بعضه ببعض، بحيث إن أي فعل يُفعل في أي مكان، له تأثير على الكل، لن تستطيع فهم معنى الخطية، ولن تستطيع فهم معنى الصليب".

يؤكد أيضًا نفس المصدر السابق:

"لذلك، يُظهر المسيح أيضًا ‘إعادة الترأس’ للجسد (البشري) الواحد الذي تحدث عنه القديس بولس، وبذلك يكشف عن الطبيعة المترابطة جوهريًا للعرق. في الوقت نفسه، تكشف هذه الشهادة لفداء البشرية من خلال اتحاد العرق (البشري) بالله عن الطريقة التي أثرت بها الخطية عليه، تاريخيًا وكذلك في التجربة الحالية والمستمرة. تمامًا كما ‘فإن كان عضو واحد يتألم، فجميع الأعضاء تتألم معه’ (١ كو ١٢ : ٢٦)، فإن الانخراط في الخطية من قبل أي عضو من ‘الدم الواحد’ له آثار ضارة على الكل. وهكذا، في حين أن الأرثوذكسية قاومت دائمًا فكرة أن الطبيعة البشرية تم تشويهها بطريقة ما أو جعلها عاجزة من خلال الخطية نفسها، فإن البشرية التي يُنظر إليها على أنها جسد واحد قد زودت الأرثوذكسية دائمًا بطريقة فعالة لفهم كيفية تؤثر الخطية في مكان أو عصر واحد على حياة الرجال والنساء في الآخر؛ كيف يمكن أن تصبح الخطية نفسها سياق وجود الجنس كله".

أخيرًا، وطبقًا لنفس المصدر:

"تعني الطبيعة المترابطة للبشرية أن لكل إنسان نصيبًا تحت تصرفه في قامة (جسد) البشرية جمعاء. قد تؤدي خطية مرتكبة إلى جرح الجنس البشري، ومع ذلك فإن الحياة المتغيرة من خلال الصراع ونعمة الله قد تساعد في شفاءه في كليته".

صحيح أن خطيتي تؤثر فيمن حولي، إلا أنه ليس بالضرورة دائمًا. فالكثير من الخطايا تكون قلبية أو في الخفاء. كما أن خطيتي تؤثر فيمن حولي ليس لأننا أعضاء بعضنا البعض في الجسد البشري الواحد. بل لأنهم قريبون إليّ في نفس المحيط الاجتماعي أو الجغرافي؛ عائلتي، زملائي، جيراني، من أركب معهم المواصلات العامة، من أخاطبهم على السوشيال ميديا إلخ.

وهكذا، فإن الدكتور ماهر صموئيل، بإنكاره للنيابية القانونية لآدم كرأس عهدي، وبتعليمه بدلاً من ذلك بالتعليم الأرثوذكسي الشرقي بالوحدة العضوية للبشرية والخليقة، فإنه يحيد عن المنهج المصلح والكتابي.


[1] Ware, Timothy, The Orthodox Church, Penguin Books Corp., 1997
[2] McGuckin, John Anthony, The Encyclopedia of Eastern Orthodox Christianity, Wiley-Blackwell, 2011

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس