سؤالان يسعادانا على كشف الكثير من التعاليم الكاذبة


هناك مغالطتان منطقيتان (ولاهوتيتان) تُستخدمان كثيرًا في سياق إثبات التعاليم غير الكتابية. لكن، إن انتبهنا إليهما ربما استطعنا كشف الكثير من التعاليم الكاذبة. وأبسط طريقة لتطبيق ذلك هو أن نسأل أنفسنا السؤالين الآتيين:

(١) سؤال الإختزال أو المأزق المفتعل: هل أنا مضطر للاختيار بين الاختيارين اللاهوتيين اللذان تضعها أمامي فرضية بعينها؟ هل حقًا إما هذا أو ذاك؟ أم أن الصواب هو أن يكون هذا بالإضافة إلى ذاك؟

على سبيل المثال، الادعاء بأن كفارة المسيح علاجية، وليست عقابية، هو ادعاء إختزالي، وفي نفس الوقت مأزق مفتعل. هو إختزال لأنه يحصر الكفارة في الجانب الشفائي فقط. في حين أن كفارة المسيح أعظم من أن تُختزل في جانب واحد. كفارة المسيح عقابية وعلاجية وإنتصارية ونموذجية إلخ. إن من يختزل كفارة المسيح في جانب واحد ويرفض جانب آخر يضعك في مأزق مفتعل وكأنك مضطر للاختيار بينهما. لكن علينا أن نتمسك بالحق بأكمله.

المثال الآخر هو القول بأن الإيمان يكون بشخص المسيح وليس بحقائق عنه. مثلما ادعى أحدهم، وسط تصفيق حار، أنه لا يؤمن بموت وقيامة المسيح، ولكنه يؤمن بالمسيح الذي مات وقام. طبعًا هذا مأزق مفتعل، يراد به أن يخيرك قائله بين الشخص والحقيقة المتعلقة به، أو بين الإختبار والعقيدة. إنه نوع من السفسطة يُقصد به إختزال المسيحية في البعد الإختباري، أو على الأقل تهميش الجانب العقيدي. طبعًا لسنا مضطرون للاختيار بين عنصري الإيمان: العقيدة والإختبار. إنه مأزق مفتعل. لأننا نؤمن بحقائق متعلقة بشخص المسيح الذي نحن على علاقة به.

ما من شك أن هناك تعاليم ليست كتابية بجملتها وينبغي أن تُرفض تمامًا. مثل البيلاجية، التي تعلّم بأن الإنسان صالح بطبعه وأن الشر يأتيه، لا من طبيعته، بل من النماذج السيئة أو البيئة الشريرة المحيطة به. إلا أن هناك الكثير من التعاليم تكون فقط أنصاف حقائق يُراد بها إقصاء جوانب معينة من الحق المسيحي لصالح أجندة غير كتابية. قد تكون أشياء غير مركزية يُزاح بها ما هو مركزي، أو إحضار ما هو في الخلفية ليوضع في الطليعة. وسؤال الإختزال أو سؤال المأزق المفتعل، سمه ما شئت، يساعدنا على كشف تلك التعاليم الغريبة.

(٢) سؤال الخلط بين المصطلح والمفهوم أو مغالطة تغيير الموضوع: عندما يستخدم أحدهم نص كتابي معين لنفي تعليم كتابي، عليّ أن أسأل نفسي، هل المفهوم الذي يقصده، هو نفسه المفهوم الموجود في النص؟

على سبيل المثال، يقول أحدهم أنه لا يوجد اختيار للخلاص، والاختيار في الكتاب المقدس دائمًا هو لمهمة أو إرسالية. ثم يسرد لك الكثير من النصوص التي وردت فيها كلمة "اختيار" ليثبت لك أنها لا تعني الاختيار للخلاص قبل تأسيس العالم. لكن ليس كل مرة جاءت فيها كلمة اختيار في الكتاب المقدس تعني اختيار للخلاص. فالمصطلح هو هو، لكن يعني أشياء مختلفة طبقًا للسياق. فمثلاً، على الرغم أن المصطلح المستعمل في (أع ١ : ٢) هو هو ذاته المستعمل في (أف ١ : ٤)، إلا أن الأول يشير إلى اختيار الرسل الإثني عشر لكي يكونوا رسلاً، بينما يتحدث الثاني عن الاختيار للخلاص قبل تأسيس العالم.

مثال آخر على الخلط بين المفهوم والمصطلح هو، استخدام قول المرنم في (مز ١٠٦ : ٣٠ - ٣١) على أنه يعلم بالتبرير بالأعمال: "فوقف فينحاس، ودان فامتنع الوبأ. فحسب له ذلك برًا. إلى دورٍ فدورٍ، إلى الأبد". إلا أن هذا النص يتحدث لا عن أعمال، بل عن عمل واحد. ولا عن مكافأة الحياة الأبدية، بل عن كهنوت أبدي "هأنذا أُعطيه ميثاقي ميثاق السلام، فيكون له ولنسله من بعده ميثاق كهنوت أبديٍّ، لأجل أنه غار لله وكَفَّرَ عن بني إسرائيل" (عد ٢٥ : ١٢ - ١٣). إذًا، فهو ليس نفس مفهوم التبرير الذي يتحدث عنه بولس في رومية وغلاطية رغم أنه نفس المصطلح "حُسِبَ له برًا".

وهكذا، فإن السؤالان السابقان، الأول حول المأزق المفتعل، والثاني حول العلاقة بين المفهوم والمصطلح، يساعدانا على كشف الكثير من التعاليم الكاذبة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس