خطأ قياس نيابية آدم على علاقة الأب البشري بأبناءه


البعض يشبّه علاقة الجنس البشري بآدم، بعلاقة أب غير مسؤول، مدمن مثلاً. جلبت تصرفاته على أسرته عواقب وخيمة. المدمن وحده هو الذي عُوقب لكن أسرته تحملت العواقب. وهذا التشبيه غالبًا ما يُقال بغرض استبعاد الجانب القضائي من السقوط. وحصر الموت واللعنة في كونهما عاقبتان وليسا عقابًا. ونحن هنا لا نحاول نفي أنها عواقب. لكن في نفس الوقت تأكيد على أن ما حل على آدم نتيجة السقوط هو عقاب قبل أن يكون عاقبة. هو دينونة من الله على عصيانه قبل أن يكون شيء جلبه آدم على نفسه نتيجة إختياره الحر.

لكن، افتراض أن علاقتنا بآدم تساوي علاقة المدمن بعائلته هو خطأ فادح. فالأب البشري، والذي هو المدمن في هذه الحالة، ليس رأسًا عهديًا وقانونيًا لأسرته، على الأقل ليس كما ‏عَيَّنَ الله أن يكون آدم بالنسبة للخليقة.

فبنيما نجد أن اللعنة التي حلّت على الحية كانت شخصية، فالحية وحدها هي التي تأثرت بدينونة الله عليها. وبينما نجد أن اللعنة التي حلت على حواء تخص الحمل وآلام الولادة. إلا أن آدم، لكونه رأسًا عهديًا، للجنس البشري والخليقة، تسبب في حلول اللعنة، ليس فقط عليه بالتعب والكد، بل على الأرض بأكملها "ملعونة الأرض بسببك". صحيح أن حواء تشاركه هذه النيابية، لكن الكتاب المقدس يصور آدم على أنه الرأس العهدي. أو يمكن أن نقول بأن حواء في علاقة نيابية مع الجنس البشري، بالارتباط بآدم الذي هو رأسها ورأس الخليقة الساقطة.

ليست هناك أي علاقة أخرى يمكن أن تشبه علاقتنا آدم بنا، إلى وقت خروجه من عدن، سوى علاقة المسيح بنا. فآدم كان رأسًا عهديًا، ونائبًا ‏قانونيًا عنا، إلى الوقت الذي أخطأ فيه وطُرِدَ من الجنة. ولهذا لا يمكن قياس هذا على علاقة أب مدمن بأبناءه. إن العلاقة النيابية التي ‏يحاول البعض إنكارها بإختزالها إلى مجرد عواقب، يثبتها بولس في رومية ٥ وفي كورنثوس الأولى ١٥. إذ يضع آدم كرأس عهدي لنا في ‏مقابلة بعلاقتنا مع آدم الأخير، الإنسان الثاني. أن تنكر العلاقة النيابية لآدم الأول، هو أن تنكرها لآدم الثاني.

الأكثر من ‏كل ذلك، هو أن بولس يؤكد على وراثتنا لحكم الموت: "فإذًا، كما بخطية واحدة، صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة، هكذا ببر واحد ‏صارت الهبة إلى جميع الناس، لتبرير الحياة" (رو ٥ : ١٨). كلمة حكم في العدد السابق هي "كاتاكريما" وتُرجمت في ترجمات ‏إنجليزية كثيرة إلى ‏condemnation‏ أي "دينونة". وقد وردت بهذا المعنى في نفس الأصحاح عدد ١٦، وفي (رو ٨ : ١).

كما أن بولس هنا يضع الخطية الواحدة (أكل آدم من الثمرة المحرمة) التي أدت ‏الدينونة، في مقابلة مع البر الواحد "لتبرير الحياة" بواسطة نيابية المسيح كرأس عهدي وقانوني للخليقة الجديدة. إن بولس يقابل حكم قضائي تسبب به الرأس العهدي الأول، ألا وهو الدينونة بسبب عصيانه، مع حكم قضائي آخر ألا وهو التبرير، تسبب به الرأس العهدي الثاني بسبب طاعته وموته.

إن علاقة آدم بنسله علاقة فريدة لا يضاهيه أو يوازيه فيها سوى آدم الأخير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس