ما المشكلة في تعريف الإنسان على أنه "حامل للحضور الإلهي"؟


صحيح أننا هياكل للروح القدس، وصحيح أننا صرنا شركاء الطبيعة الإلهية، إلا أن هذا ليس مسوغًا على الإطلاق لتعريف الإنسان بهذا الشكل. المشكلة في هذا الادعاء هي أنه فكر متمركز حول الإنسان وليس حول الله وحقه الموضوعي. ينطبق عليه قول بولس أن له صورة التقوى بدون قوتها. تقوية مصطنعة وزائفة لأنها بدون الحق الموضوعي لكلمة الله والذي هو مصدر كل تقوى. إنه تعليم ضمني أو خفي بالإنسان المتأله الذي بداخله الألوهة وهو حامل لهذه الألوهة أينما ذهب. إنها محاولة للقول أن الآخرين يُباركون، لا من خلال توجيههم إلى حق الله الموضوعي في كلمته، بل من خلال الإتصال المباشر بحاملي الحضور.

بدلاً من القول أننا حاملي رسالة الإنجيل، وحاملي حق كلمة الله، يُقال أننا حاملي الحضور. بدلاً من الإشارة إلى الله كحق موضوعي خارجهم، يُشيرون إلى أنفسهم ودواخلهم وخبراتهم الصوفية. بدلاً من توجيه الآخرين إلى حق الله، المُعلن في التاريخ الفدائي، والذي تم تدوينه كوحي معصوم في الكتاب المقدس، يوجهون الآخرين إلى ذواتهم ودواخلهم كحاملي الحضور. يضعون أنفسهم في المركز وليس حق الله الموضوعي المعلن في كلمته خارج الإنسان. تمركز حول الذات وليس حول عمل الله الموضوعي المعلن في التاريخ والمدون في المكتوب. يجعلون أنفسهم معلنو الله، ليس برسالة منطوقة، بل بنوع من الألوهة في داخلهم. وهذا فكر متمركز حول الإنسان.

وهذا شبيه بادعاء آخر يتم التركيز فيه، لا على رسالة الإنجيل المنطوقة، بل على السلوك الخارجي الحسن، بالادعاء أننا لا نحمل رسالة بل نحن أنفسنا الرسالة. الادعاء الأول (حاملي الحضور) يركز على خبرة صوفية. والثاني (أعمالنا هي الرسالة) يركز على أعمال حسنة. لكن كلا الادعاءان متمركزان حول الإنسان ويزيحان الله وحقه الموضوعي من المركز. يبعدان المسيح وعمله من المركز ويقدمان الإنسان وخبراته وأعماله الحسنة المزعومة كبديل. إن جميع التعاليم الكاذبة تشترك في كونها تُهَمِّش الحق الكتابي الموضوعي، ورسالة الإنجيل المنطوقة. لم يتفقوا حول ما يعتقدون إلا أنهم اتفقوا حول ما ينبغي تهميشه والطعن به. بدلاً من تقديم المسيح كالذي يحل فيه كل ملء اللاهوت جسديًا، يقدمون أنفسهم كحاملي الحضور. وبدلاً من تقديم المسيح كمن أطاع الطاعة الكاملة في حياته وفي موته، يقدمون أنفسهم على أنهم أصحاب الأعمال الصالحة. وهكذا صار المسيح هامشيًا، والإنسان في المركز! المسيحي هو حامل حق الإنجيل، وحق كلمة الله، في الأساس وقبل أي شئ آخر.

فَإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ. (٢ كو ٤ : ٥)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس