ما تحمله الابن المتجسد على الصليب من يد الآب

دخلت في جدال مع أحد دعاة اللاهوت الشرقي بعد اعتراضه على مقالي الأخير (تفنيد الاعتراضات على البدلية العقابية ٢) الذي قلت فيه أن الابن المتجسد تحمل كالبديل غضب الآب على الصليب. في نظره الابن المتجسد لم يتحمل أي غضب أو دينونة أو عقاب من الآب. ولكن بكل تأكيد يوجد الكثير من النصوص الكتابية في العهدين القديم والجديد تؤكد أن الابن المتجسد تحمل كالبديل من يد الآب العقوبة التي نستحقها نحن الخطاة.

وهذه النصوص الكتابية تتحدث عما تحمله الابن المتجسد على الصليب من يد الآب بعدة طرق مختلفة:

الترك من الآب:

"ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً: ‘إيلي إيلي، لما شبقتني’ أي إلهي إلهي لماذا تركتني" (مت ٢٧ : ٤٦، مر ١٥ : ٣٤). قارن هذا مع الحق الكتابي العام بأن الرب يترك الخطاة، كدينونة عليهم، لأن قداسته لا تستطيع أن تتحد بهم أو تكون في شركة معهم (تث ٣١ : ١٦ – ١٧، أنظر أيضًا عد ٣٢ : ١٥، ٢ أخ ١٥ : ٢). طبعًا الرب يسوع المسيح في ذاته بار وليس فيه خطية بالفعل أو الفكر أو الطبيعة. ولكنه تُرك كالبديل عن الخطاة بواسطة الآب.

تناول كأس الغضب من الآب:

"الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها؟" (يو ١٨ : ١١، مر ١٤ : ١٦)، قارن هذا مع الكثير من نصوص الكتاب المقدس التي تفسر الكأس على أنها كأس غضب الله (مز ٧٥ : ٧ – ٨، مز ١١ : ٦ – ٧، إش ٥١ : ١٧ – ٢٢، إر ٢٥ : ١٥ – ١٦، رؤ ١٤ : ١٠، ١٦ : ٩). تحمل المسيح كأس غضب الله الآب كالبديل.

تحمل اللعنة من الآب:

"المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة من أجلنا، لأنه مكتوب: ملعون كل من علق على خشبة" (غل ٣ : ١٣)، "لأنه جَعَلَ الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" (٢ كو ٥ : ٢١). لاحظ أن الناموس هو ناموس الله (عا ٢ : ٤، رو ٧ : ٢٢، ٢٥، ٨ : ٧). وقارن هذا مع نصوص الكتاب المقدس التي فيها يبارك الرب من يحفظ وصاياه ويلعن من لا يحفظها أو يثبت فيها (تك ٢ : ١٧ ، ٥ : ٢٩، تث ١١ : ٢٦ – ٢٩). مما يعني أن المسيح تحمل كالبديل اللعنة من الآب عن الذين لم يحفظوا وصايا الله.

الضرب:

نصوص مباشرة تقول أن الابن المتجسد تحمل الضرب أو العقاب. والضرب هو صيغة أخرى للحديث عن الآلام والموت: "لأن الذي ضربته أنت هم طردوه" (مز ٦٩ : ٢٦)، "استيقظ يا سيف على راعيّ وعلى رجل رفقتي يقول رب الجنود. اضرب الراعي فتتشتت الغنم" (زك ١٣ : ٧)، "أني أَضْرِبَ الراعي فتتبدد خراف الرعية" (مت ٢٦ : ٣١، مر ١٤ : ٢٧)، "ولكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها. ونحن حسبناه مصابًا مضروبًا من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأجل معاصينا. مسحوق لأجل آثامنا. تأديب (عقاب) سلامنا عليه وبحبره شفينا .. والرب وضع عليه إثم جميعنا .. ضُرِبَ من أجل ذنب بنت شعبي .. أما الرب فَسُرَّ بأن يسحقه بالحزن" (إش ٥٣).

النصوص السابقة تعبر عن نفس المفهوم بطرق مختلفة. أن الابن المتجسد تحمل كالبديل كل من الدينونة والموت والغضب واللعنة والعقاب من الآب. كل هذا لا ينفي أن المحبة الأزلية بين الآب والابن ظلت غير متأثرة بشئ من ذلك. فقد بقيت هذه العلاقة الأزلية الراسخة كما هي حتى على الصليب. ولكن ما تحمله الابن من يد الآب كان فقط كالبديل.

بدلاً من أن تنكر هذا الحق الواضح، أُنْظر إلى النعمة اللامحدودة في تحمل الابن ما كان ينبغي أن نتحمله نحن. أن ترفض أن يكون هذا ما تحمله الابن المتجسد كالبديل على الصليب من يد الآب هو مثل الملحد الذي يعترض على الجحيم بينما دبر الله له الخلاص منه. أن تنكر ذلك هو أن تنكر أنه يوجد شئ في طبيعتك أو سلوكك يستحق غضب الله ودينونته!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس