"الله يغضب على الخطية دون الخاطئ" ... ؟

ادعاء خطير يفترض ضمنًا بأن فعل الخطية منفصل عن فاعله. ولكن هذا غير صحيح للأسباب الآتية:

– الخطية لا توجد بمعزل عن مرتكبها، بل هناك دائمًا من يرتكبها. إن فعل الخطية الخارجي ما هو إلا إثمار أو إظهار للطبيعة الشريرة الداخلية في الخاطئ. فالشجرة الجيدة تعطي ثمارًا جيدة، والشجرة الردية تطرح ثمارًا ردية. اجعلوا الثمار كالشجرة.

– الخطية ليست فقط فعل شرير، بل صادرة عن طبيعة شريرة أيضًا. إذًا، فالفعل والطبيعة كلاهما شريرين. لهذا يعلم المنهج المصلح بأن الخطية هي أي نقص أو تقصير، بالفعل أو الفكر أو الإرادة أو الطبيعة، في التوافق مع ناموس الله. أن تقول أن الله يغضب على الخطية فقط وليس على الخاطئ هو أن تقول أن الله يتغاضى عن الطبيعة الشريرة في الخاطئ. أو أن تنكر وجود هذه الطبيعة به من الأساس، وهذه حتمًا بيلاجيوسية تؤدي إلى إنكار النعمة كلية.

– محاولة القول أن الله يغضب على الخطية (فقط) وليس على مرتكبها، تشترك مع الادعاء بأن غضب الله هو مجرد زرع وحصاد تلقائيين (سي إتش دود)، في كون كلا الادعائين يحاولان فصل الفعل عن فاعله. ففي الادعاء الأول يصبح غصب الله منفصل عنه وكأنه آلية موجودة في الطبيعة بمعزل عن شخص الله وسلطانه. وفي الثاني تصير خطية الإنسان منفصلة عنه وكأنها شئ عفوي لا يعبر عن حقيقة فساده الداخلي. لكن لا غضب الله منفصل عنه، فهو شخصي. ولا خطية الإنسان منفصلة عنه، بل شخصية. والإنسان يوجه خطيته ضد شخص الله وبره، والله يوجه غضبه ضد شخص الإنسان وخطيته.

– إن كان الله يغضب على الخطية (فقط) وليس على الخاطئ، قياسًا على ذلك، فهو يرضى على بر البار وليس على البار نفسه. ولكن، عندما يدين الله فهو يعاقب الخاطئ على خطيته. وعندما يكافئ فهو يكافئ البار على بره.

– الكتاب يدعو مرتكبي الخطية بـ "خطاة"، "عصاة"، "فجار"، "أثمة"، "أشرار". ويدعو فاعلي البر بـ "أبرار"، "أتقياء"، "خائفي الله". وهذا يدل على أن الله يرى الأفعال مرتبطة بفاعليها ارتباطًا يستحيل فصله.

– لو كان الفعل منفصل عن فاعله، بحيث أن الخطية منفصلة عن الخاطئ، والبر منفصل عن البار، إذًا، فالبر الذي فعله المسيح لم يفعله الله. وبالتالي فإن ما صنعه المسيح في الجسد لم يصنعه الله. ولكن ما صنعه المسيح في الجسد يأخذ قيمته اللامحدودة من شخصه الإلهي. بالمقابلة مع ذلك فإن الله يرفض الأعمال الصالحة الصادرة من الأشرار لأنها نابعة من طبيعة ملوثة (إش ٦٤ : ٦، في ٣ : ٨، تيطس ١ : ١٥ - ١٦).

وهكذا فإن هذا الادعاء الخطير بإمكانية الفصل بين الفعل وفاعله لا يصمد أمام الحق الكتابي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس