تعليق على عظة "الإنجيل وفلسفة الفعل" للدكتور ماهر صموئيل


استمعت لعظة الدكتور ماهر صموئيل بعنوان "الإنجيل وفلسفة الفعل". والعظة أقل ما يقال عنها أنها عار بكل المقاييس! وأنا أحاول هنا أن أضبط كلماتي بقدر الإمكان لأن المغالطات الصارخة الموجودة بهذه العظة كفيلة بشحنك نفسيًا وعقليًا ضدها.

إن العظة هي محاولة لإعادة تعريف للمسيحية بأكملها reconstruction . والعسل يختلط بالسم فيها كثيرًا لدرجة ربما تُصَعِّب على البعض إدراك الخطورة التي بها. وهي إعلاء لأحد جوانب الحق المسيحي (التغيير، الاختبار) على جانب آخر جوهري (الخلاص من الدينونة، العقيدة).

في صميم هذه العظة افتراضان خطيران لا يقالان بالصراحة التي تتوقعها لكن عليك أنت استنتاجهما وقراءتهما من الفكر العام. الافتراض الأول هو التأله (الثيوسيس). فأنت مسيح صغير، لست بحاجة إلى الكرازة بالإنجيل لأنك أنت نفسك الإنجيل من خلال أعمالك. وهذا قاله صراحة أنك أنت مسيح صغير. الاافتراض الضمني الآخر هو أن الإنسان يخلص بدون معرفة (عقلية، عقيدية) عن المسيح، وإلا فلماذا يطعن في الكرازة المنطوقة بالإنجيل هكذا؟ وهذا أيضًا يأتي بالاتساق مع تعليمه في تصريحات أخرى بأن رابعة العدوية ولدت الولادة الثانية (كما أدرك من شِعْرَهَا الصوفي)، وأن العسيلي يكرز بالسماء المفتوحة، وأن مفيش حاجة اسمها المسيحية صح وباقي المعتقدات غلط، إحنا فقط لدينا منظور للحياة أكثر دقة.

والعظة في مجملها محاولة لتلجيم المسيحي حتى لا يتحدث عن الإنجيل. والذريعة هي أنك أنت نفسك الإنجيل من خلال أعمالك. ولما لا فأنت مسيح صغير! لكن غريب أمر هذه السيطرة وهذا النوع من الإرهاب الفكري. فقد حرم المواقف العقيدية الواضحة بحجة أنها انتماءات طائفية لاشباع رغبات نفسية غير ناضجة. وحرم وعظ المتألم مقترحًا الأحضان والخدمات كبديل. والآن يحرم الكرازة المنطوقة بالإنجيل بحجة أن العالم شبع كلام ووعظ ويريدون رؤية الثمار. الغريبة أنه يملأ الدنيا وعظًا. الحقيقة أنه يملأ الدنيا ضجيجًا وليس وعظًا كتابيًا. ولكن أن تحرم المتألم من الوعظ هو أن تحرمه من المسيح وأمجاده الخلاصية القادران على إعانة ضعف المتألم. وأن تحرم الخاطئ من سماع الإنجيل هو أن تحرمه من المسيح إلى الأبد.

والعظة أيضًا اسم على مسمى في كونها "فلسفة". فقد بدأها بما يقوله الفلاسفة عن الفعل. وهي ليست بأي حال من الأحوال الحق الكتابي عن الإنجيل. فلم يذكر ولا مرة واحدة أن جوهر الإنجيل هو غفران الخطايا والتبرير. بل على العكس من ذلك، طعن في الخلاص القضائي كالعادة بأن الخلاص ليس غفرانًا أو نجاة من الجحيم. وهو لا يعدم وسيلة للطعن في الخلاص القضائي. هذه المرة من خلال جعل الخلاص اختبار يحدث فيك نتيجة رؤيتك للأعمال الصالحة في المسيحيين.

والإنجيل، بالنسبة له، ليس خبرًا سارًا منطوقًا، بل ما تعمله أنت من سلوكيات حسنة. أنت لا تحمل رسالة منطوقة أو مكتوبة بالإنجيل، بل أنت نفسك الإنجيل. سلوكك وأعمالك الصالحة غير المصحوبان بالكرازة المنطوقة هما الإنجيل. إنه يستنكر التعريف الكتابي للإنجيل بأنه خبر سار بما عمله يسوع المسيح من حياة بارة وموت كفاري، مستبدلأ التعريف الكتابي بتعريفه هو للإنجيل على أنه "دوامة" تأخذك. بل ويستنكر أن تكون ألوهية المسيح جزء من الإنجيل. وهذا شئ متوقع بما أن غير المسيحي يمكن أن يخلص بدون المعرفة عن المسيح من خلال مشاهدة أعمالك الصالحة. إنه يستنكر عليك أن تقول أن المسيح هو الله، أو أنه فعل كذا وكذا ويريد أن يكون سلوك الإنسان هو الرسالة. هذا اذًا إنجيل الذات وليس إنجيل المسيح. إنجيل أعمال الإنسان وليس عمل المسيح. إنه ناموس وليس إنجيل. تعليم متمركز حول الإنسان وأعماله وليس حول المسيح وألوهيته وعمله!

أما عن استشهاده بقول بولس "أنتم رسالتنا ... معروفة ومقروءة من جميع الناس. ظاهرين أنكم رسالة المسيح" (٢ كو ٣ : ٢ ، ٣) فالغرض منها ليس قول بولس ألا يَكرز الكورنثوسيون بالإنجيل. فبولس لم يحرم الكرازة المنطوقة بالإنجيل كما يحاول ماهر صموئيل أن يفعل. على العكس فقد كانت الكرازة المنطوقة بالإنجيل محورًا خطيرًا في تعاليم وإرساليات بولس. بل كان بولس يرد على تشكيك أهل كورنثوس في رسوليته فطلبوا منه رسالة توصية من الرسل الآخرين. فقال لهم أن العمل الذي عمله الإنجيل في الكورنثوسيون (التغيير)، بذات الإنجيل المنطوق الذي سمعوه منه، هو رسالة التوصية التي يطلبونها. إن سفر الأعمال يخبرنا كيف كرز بولس بالرسالة المنطوقة في كورنثوس (أع ١٨ : ٤، ٨، ٩، ١١) فتأسست الكنيسة هناك من خلال تلك الكرازة المنطوقة.

"الإنجيل وفلسفة الفعل"، إذًا، ناموس وليس إنجيل، فلسفة مضادة للحق الكتابي! إنجيل مضاد!

فَإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ. (٢ كو ٤ : ٥)

فَكَيْفَ يَدْعُونَ بِمَنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يُؤْمِنُونَ بِمَنْ لَمْ يَسْمَعُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يَسْمَعُونَ بِلَا كَارِزٍ؟ (رو ١٠ : ١٤)

أنظر مقال آخر بعنوان "لا ... سلوكك ليس إنجيلاً خامسًا".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس